هل ثمة ضوء في نهاية النفق؟
جفرا نيوز - كتب - جهاد المنسي
أما وقد تشكلت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ومنها قوانين الانتخاب والاحزاب والنظر بإمكانية إجراء تعديلات دستورية تتوافق مع فكرة دخول المملكة في المئوية الثانية، وبما يؤسس لفكر الدولة الحديث الذي يقوم على سيادة القانون والعدالة والمساواة والمواطنة، فإنه من البديهي منح اللجنة فسحة من الوقت لنحكم على المخرجات التي يمكن الوصول اليها.
طبيعي سماع ملاحظات هنا او هناك على اللجنة، وطبيعي ان نجد من يضع اسئلة برسم الجواب حول المخرجات وإمكانية تنفيذها لاحقا، وطبيعي ان يتناول البعض هذا الاسم او ذاك نقدا وعلامات سؤال، ولكن في المجمل فإن اللجنة ضمت قامات يمكن الاعتماد عليها والوثوق بطريقة تفكيرها، ولعلها تكون التجربة الاخيرة امامنا التي ستوصلنا لما جاء في رسالة الملك لرئيس اللجنة سمير الرفاعي والتي ركز فيها جلالته على أهمية تعزيز قيم المواطنة والعدالة والمساواة وسيادة دولة القانون كمشعل انطلاق في المئوية الثانية للدولة، واساس تنموي واصلاحي لبناء دولة حديثة تقوم على المشاركة الشعبية في صنع القرار.
لا شك ان لجنة تحديث المنظومة السياسية عليها ضغوط جمة، ووضعت بين يديها اسئلة برسم الاجابة، وربما ستتعرض اللجنة لانتقادات قاسية وخاصة من اولئك الذين فقدوا الثقة بعمل اللجان والمخرجات حتى قبل انتهاء عملها، وهذا يجب ألا يثني اعضاء اللجنة عن تقديم رؤية واضحة وتصور مستقبلي وقوانين اصلاحية تغير نظرة الجميع ونخرج معا لتنفيذ ما سيأتي من قوانين وتوصيات اصلاحية، فنحن لا نملك الكثير من ترف الوقت، ولا يجوز اضاعة اي فرصة سانحة لتحقيق الاصلاح المنشود.
فاللجنة الملكية سيكون على رأس مهامها فضلا عن وضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقوانين وآليات العمل النيابي، سيكون عليها تقديم توصيات متعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة.
إذا اللجنة عليها مهام جسام ابرزها رسم خريطة طريق لمئوية جديدة، وفتح باب الاصلاح ورسم معالمه، ولذا فإن مشاركة الجميع في وضع رؤيتهم الاصلاحية على طاولة البحث والحوار امر مهم، ومسؤولية كل مهتم بالنهوض في البلاد وتطويرها، ومن ابرز ما يمكن وضع اللجنة بصورته هي رؤى جاءت من رسالة الملك، فالإصلاح يعني سيادة القانون ودولة المؤسسات، ومواطنة وعدالة اجتماعية، وتوزيع عادل، وان يكون الأردن كدولة فوق الهويات الفرعية، والايمان بالإصلاح كنهج وهدف، وعدم السماح بتدخل اي جهة كانت فيه، ونقابات واحزاب فاعلة واعتماد على الذات ورفض الواسطة والمحسوبية وحكومات برلمانية بولاية عامة، وانتخاب حر لرؤساء البلديات من بينهم أمين عمان.
تلك رؤية يمكن البناء عليها، وهدف من المفترض ان نسعى جميعا للوصول اليه، وقتها يمكن ان نفتح آفاقا لمطارح اخرى من بينها النظر في الاصلاح الاقتصادي والاداري، والتي أعتقد جازما أن الاصلاح الاداري بات واجبا ضاغطا وعلينا التعامل معه بسرعة، فقد آن الاوان لفتح ملف الادارة العامة على مصراعيه والعمل على اصلاح هذا الجانب الذي بات مترهلا بشكل ملفت، فالاختباء وراء اصابعنا وعدم الاعتراف بوجود مشكلة بيروقراط في جهازنا الاداري لا يفيد وانما يعزز المشكلة، كما ان الاصلاح الاقتصادي والاستثماري واجب مهم، وابرز ما يمكن التعامل معه في هذا الجانب هو ردم فكر الواسطة والمحسوبية الذي بات ينخر جهازنا الاداري ويؤثر على فرصنا الاستثمارية ويضيع الكثير منها.
علينا ان نأمل خيرا، وننظر للأمام باعتبار ان ثمة ضوءا في نهاية النفق، ورغم سوداوية نظرة البعض التي يمكن ان تكون محقة احيانا، إلا أن الانتظار لأربعة اشهر حتى انتهاء عمل اللجنة لمعرفة مخرجاتها وتوصياتها لا يضر ولا يضير.