لجنة تحت المجهر

جفرا نيوز - علاء مصلح الكايد - كواحد ممّن تشرّفوا بثقة جلالة الملك حفظه الله لعضوية لجنة تحديث المنظومة السياسية، تابعت كغيري الكثير من ردود الأفعال الشعبية على تشكيل اللجنة، وكانت تلك الردود صادقة في معظمها إذ ليس بالغريب أن يسيطر على المزاج العامّ فقدانٌ للثقة في قدرة أي جسم على ترجمة رؤى جلالة الملك المتطابقة - وحدها - مع حاجات الشعب وآماله منذ زمن.


والحقيقة أنّ الضغط الكبير هو عامل يضاف إلى جملة العوامل التي تضغط سلفاً على من أوكلت إليهم مهمّة الإصلاح في هذا الظرف الدقيق من تاريخ الوطن، لكن هذا التحدّي المضاف لن يشكل عائقاً أمام عمل اللّجنة الزاخرة بالطاقات الوطنية صاحبة الرؤى والبرامج والخبرات.

أما الحالة العامة المنقسمة بين التفاؤل المشوب بالحذر والفتور في التعاطي والتشكيك المبكر ما هي إلّا نتائج طبيعية لعناصر شتّى تراكمت فأثّرت جميعها في تشكيل الحالة الشعبية السلبية، فهذه ليست أولى اللجان ولا ثانيها، وربما أن العبرة لم تكن في مخرجات ما سلف من لجان بل في التطبيق والإستمرارية على الأرض وهو ما أكّد عليه جلالة الملك في رسالة التكليف من ضمانات، وبات التغيير والتحديث أمانة في عنق كلّ من وقع عليه الإختيار ليكون صاحب بصمة في إحداثها بما توفر لنا من غطاء ملكيٍّ كامل.

وربما تكون المهمة الأصعب هي ما ينتظر رئاسة اللجنة من حيث التوفيق بين رؤى قد تكون متضادّة الأفكار متنافرة المشارب والعقائد السياسية، فتلك مهمة عسيرة ليست سهلة لا سيما وأننا نتحدث عن وصفة نهائية تستوجب التوافق والتلاقي للخروج بصيغة سائغة للجمهور تقنعه وتحيي فيه الروح الوطنية للمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية كما جاء في خلاصة التكليف الملكي، وهذا تحدٍّ ليس بالسهل وربما أنها أهم العناصر الداخلة في إختيار رئيس بخلفية متنوعة بين الخبرات العامة والخاصة وقدرات شخصية تجمع الفكرين المحافظ والحداثي، ولا شكّ بأن اللجنة التي ستكون تحت الأنظار في قادم الأيام تحتاج ميثاق شرف يضمن لها العمل ضمن روح الفريق الواحد بعيداً عن الشعبويات الضيقة، وهي المعنية أكثر من غيرها في مدّ الجسور لإستقطاب الأفكار والطموحات وبسطها على طاولة الحوار للخروج بمعادلة تحقق المأمول النافع، المنطقيّ والقابل للتحقيق.

وهنا؛ أوجه رسالتي لكل أخ وأخت على إمتداد مساحات هذا الحمى الغالي، أنه ليس بيننا ولا بين غيرنا من أبناء وبنات هذا الوطن - لا قدر الله - من يبيّت النيّة ليُفشِل الوطن إلّا القليل ممن أفسدوا ونخروا في بعض من البنيان على الأصعدة السياسية والإقتصادية والإجتماعية، ويستثنى منهم أصحاب الأجر الواحد ممّن إجتهدوا فأخطئوا، وعليه؛ فإنّنا كمواطنين أردنيّين أولًا واخيراً وبما تشكله اللجنة من تمثيل واسع للفسيفساء السياسية والجندرية والعمرية لقادرون بإذن الله على حمل أصوات الغالبية الصامتة والحديث بضمير الغائب وترجمة توجيهات سيّد البلاد في غدٍ أفضل يستحقّه هذا الوطن الصامد وأهله الغيارى.

تلك أمانة نحملها ونحن مؤمنون بثقلها، وقد إرتضينا حملها تكليفاً لا تشريفاً في هذا المنعطف، وسنُسأل عنها أمام الله والمليك والشعب، وكلّ ما نرجوه هو إسنادنا في هذا الواجب الوطنيّ لنحقّق بعونه تعالى ما تتعطّش الأفئدة لتحقيقه منذ سنوات، وما يستأهله هذا الشعب المؤهل للتغيير المتحفّز للتطوير.

فعمل هذه اللجنة يشبه ما يتعرض له منتخب تشكل حديثاً من خبرات عديدة يلزمها التجانس لتحقق الفوز في الوقت بدل الضائع، فهي تحتاج الجمهور ليرفع من معنوياتها كي تحقق النصر المبتغى والمأمول.

حمى الله الأردن قيادة وشعباً.