الإعلام الثقافي " لا إصلاح سياسي بدون الثقافي"

جفرا نيوز-  ياسر العبادي

هاجس جلالة الملك عبدالله الثاني، هو الإصلاح منذ تسلمه سلطاته الدستورية، شهدنا في خطاب العرش السامي رسم خارطة الإصلاح السياسي وحدد أولويات المرحلة انطلاقاً تلمسه هواجس المجتمع الأردني التي بات من المؤكد أنه ينشدها في ظل أوضاع عاشها الشعب في صبر أملا في تحقيق ما هو افضل في المعاصر، جنبا الى جنب مع ما يصبوا إليه الملك من  إضفاء قوة دافعة إلى مسيرة الوطن وتحقيقاً لتنمية شاملة على جميع المستويات السياسية التي فضل البدء بها لتتكامل مع الاقتصادي مدركا انه لديه شعب ذو قدرة هائلة على مواجهة التحديات،    إلا أننا في الإعلام الثقافي ومن منطلق واجبنا تجاه تعزيز ما ننشد جميعا من إصلاح نقول " إن الثقافة هي العمود الفقري لوجود الأمة وديمومتها، وهي الهوية التي تستمد منها شرعيتها وحقها في البقاء متماسكة، " كنسق اجتماعي وايديولوجيا تعرف الثقافة في إطاره، تعزز الإنتماء بالتعبير عن التراث والهوية اليومية للمجتمع، تنقل أنماط العلاقات الانسانية بين المجتمعات بالتجارب ودافعا إلى الإبتكار والإبداع يتم التفاعل معه في مسارات الحياة للفرد، وتعتبر السياسات الثقافية أحد مسؤوليات الدولة بإعتبارها أداة تنمية عقول الشعوب، ونجد في تطبيق السياسات الثقافية لدى صانع القرار بإن الاتجاه يسير إلى النيوليبرالية وتأثيرها على الواضح التي تدعوا إلى مزيد من تقليص الدولة في هذا الدور وفق حسابات إقتصادية المتجهة لتخفيض النفقات على القطاعات الخدمية كالتعليم والرعاية الصحية مما يجعلها تتحول إلى سياسات تجارية تعتمد على الربح بشكل اساسي، وهذا ما يقودنا إلى أن هذه التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يشهدها بلدنا وتبعاتها تستدعي تعزيز النشاط الثقافي والفني ودوره في التحفيز التفكيري وإغناء الحس الجمالي بإيجابية خاصة أن النسبة الأكبر هي فئة الاطفال والشباب الذين هم بأمس الحاجة إلى صقل عقولهم وبناء فكرهم بالثقافة الحقيقية.


من خلال السياسات الثقافية لـ "لويس الرابع عشر" فكرة تم دمج الثقافي في دستور فرنسا تحت بند "الحق في الثقافة"، أما وزير الثقافة الحديث المعين من قبل شارل ديغول في عام 1959 كان أول من يشغله هو الكاتب أندريه مالرو، ليعمل وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول إلى الثقافة ، مع تحقيق ديجولي يهدف إلى رفع "عظمة" فرنسا ما بعد الحرب تحقيقا لهذه الغاية ، وقام في أول حطوة بإنشاء العديد من المراكز الثقافية الإقليمية في جميع أنحاء فرنسا زأولى رعاية خاصة  للنشاطات المتعلقة  بالفنون تضمنت أذواق مالرو الفنية : الفنون الحديثة والطليعة لكنه ظل محافظًا بشكل عام على اسس ومبادئ فرنسا وارثها العام.


بذلك فإن شارل ديغول يمنح فرنسا امنها الثقافي عندما قام بتعيين اندريه مارلو وزيرا للثقافة "وهو فيلسوف وروائي و مفكر و ناقد أدبي وناشط سياسى فرنسي" رغم اختلافه الايديولوجي معه والذي قال في عبارته الشهيره آنذاك  " الان وضعت عقل فرنسا بامان". 


وجه جلالة الملك عبدالله الثاني رسالة إلى رئيس الوزراء الاسبق السيد سمير الرفاعي، عهد إليه فيها برئاسة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي ستكون مهمتها وضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، وهنا نقول كإعلام ثقافي هل التوجيهات الملكية أقصت الثقافي أم أن هناك رؤية لإيلاء الثقافة أولوية جنبا إلى جنب مع السياسي، وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني: " أقدر التحديات التي تواجهونها ولكم مني ومن الحكومة كل الدعم والتقدير"، في احد خطاباته قال جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله : "أنا يا أخوان أقدر التحديات التي تواجهونها ولكم مني ومن الحكومة كل الدعم والتقدير وخلال أسابيع سنجلس معكم حتى نخفف عنكم المشاكل"، مضيفا جلالته "إن شاء الله بتشوفوا كل خير"، وأوصى جلالته بالاهتمام بالإبداع الثقافي والفني الوطني بوجوهه كافة واحترام استقلاليته وحريته في التعبير ودعم وتشجيع الأبحاث والدراسات الخاصة بالتراث الثقافي، كان ذلك أثناء لقاء سابق للمثقفين جمعهم مع جلالة الملك ذات لقاء، وحينها إستمع جلالته من المثقفين إلى واقعهم والتحديات التي يعيشونها ومقترحاتهم لتطوير الحركة الثقافية الأردنية وتجذيرهوية لها نابعة من التعددية التي يتميز بها الأردن، بعيداً عن التعصب والتطرف والإنغلاق الفكري، وبناء عليه نجد أن الحكومات المتعاقبة كأن لسان حالها يذهب على عكس إنفاذ الرؤية الملكية السامية وتوجهاتها تماما بل تسعى جهات إعداد الموازنات إلى فتح جبهات تأجيج لأحد أهم مكونات الحياة الحضارية المعنية بالشأن الثقافي وإدارة هذا الشأن بمعايير أدوات الربح والخسارة المادية متجاهلة العنصر الأهم في نهضة الأمم منذ الأزل لوقتنا المعاصر. 


إن كل الحضارات والأمم التي تطورت، وحققت قفزات متقدمة في حياتها الحضارية، نرى أن شرط تقدمها وتطورها هو الوعي بالشخصية الثقافية للأمم ومن هذا المنطلق ولكل ما سبق نتمنى إعادة النظر بكل الاجراءات التي تمس الثقافة بصفة عام وتسهيل عمل الصحفيين والاعلاميين الثقافيين بل ودعمهم لمواصلة مهمتهم التي تعتبر ذات اهمية في التغطيات ونشر اخبار المشهد الثقافي حتى يتمكن الكل من معرفة ما يجري على الساحة الثقافية على الاقل انصافهم بحقهم بل والسعي الى زيادتها لا الى تقليصها او جرمانهم من ابسط حقوقهم.


 إن صانع القرارمن الفاعلين في رسم سياسات الدولة الثقافية يجب أن يكون مثقف أو يعتني ويولي أهمية كبيرة للفعل الثقافي، فعندما تتراجع مؤسسات الدولة ينهض المجتمع، وهنا جنبا إلى جنب يجب أيضا أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني بدورها في التشاركية والتشبييك مع وزارة الثقافة كأحد ركائز الحكومة والمنفذ الاساسي للثقافي، والبحث عن آليات التسويق والتوجه للجانب الاستثماري في الثقافة والفن والتنبه لأهمية دور الاعلام الرقمي واستخدامه في عملية الترويج لمشاريع تنفذ بخطط شاملة ومدروسة تساعد في السياحة الداخلية وتدعم مهاجانات الفرح، المسرح الأردني وفن الكوميديا، الدراما الأردنية والأفلام، الموسيقى والأغاني، النص الأدبي والثقافي، بتشاركية حقيقية ما بين الإعلام والثقافة، نوجهها كإعلام ثقافي إلى الجهات المعنية في الدولة.


ختاما إن ما نحتاجه في الأردن هو قرار سياسي يؤكد ان الثقافة من اولويات الدولة الاردنية وأولوية بإعتبار أنه الحاضنة الإساسية للتعبير عن هوية الدولة وتأكيد على رسالتها الوطنية والقومية والإنسانية، وأن يوجه إلى إنفاذ الرؤية الملكية الواردة في خطابات جلالة الملك عبدالله الثاني، إذ آن الاوان ان نكون مع قائدنا ننفذ رؤيته كل في مجاله وطبيعة عمله ونوجه الرأي العام إلى الحقائق ونبني الحب والفرح ونشيع التفاؤل والأمل بدل ان نزيد على الاوضاع السوداوية التي يحملها ضعاف النفوس حطبا على نار الاحقاد المبطنة، فنحن خلقنا اصحاب رسالة خالدة ننهل من مدرسة سيد البلاد صاحب القلب الطيب مع اهله وحنكته ومبادئه النبيلة وعدالته وهاجسه للاصلاح وهنا ياتي دورنا جميعا وقوفا مع الدولة والوطن وقيادته الحكيمة حتى نرسوا على بر الامان في سفينة قائدها الشريف الهاشمي حفظه الله وحمى الله الاردن عزيزا وشعبنا الصابر في اردن العز والكرامة.