«العودة» للاتفاق النووي.. قبل الرئاسيّات الإيرانية أم بعدها؟

جفرا نيوز - محمد خروب

أضفت التصريحات «الغامضة» التي أطلقها وزير الخارجية الأميركية بلينكن مُؤخراً, أجواء من «التشاؤل", خاصة أنها جاءت قبل بدء الجولة السادسة التي قد تُعقد قريباً, بعد تصريحات متفائلة رافقت انفضاض الجولة الأخيرة/الخامسة, وسط إيحاءات بأن «مُسودة» العودة للإتفاق النووي باتت جاهزة. وهو ما عكسته تصريحات إيرانية وأخرى أميركية, إذ قال كبير المفاوضين الإيرانيين.. عباس عراقجي: إن معظم القضايا العالقة قد تمّ حلّها خلال محادثات فيينا, مشيراً الى أنه سيتم الإتفاق «قريباً» حول تاريخ دخول الإتفاقية الجديدة حيز التنفيذ.

ماذا عن تصريح بلينكن الأخير؟

رئيس الدبلوماسية الأميركية أدلى بتصريح حمّال أوجُه, ليس فقط عندما قال أمام جلسة استماع في الكونغرس: لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ايران راغبة ومستعدّة, لفعل ما يلزم للعودة الى الإمتثال للإتفاق النووي, بل وخصوصاً عندما ذهب بعيداً في «التصويب» على البرنامج النووي الإيراني, وأن برنامج طهران يسير بسرعة الى الأمام, وكلّما استمر ذلك لفترة أطول، تقلّص الوقت اللازم لصنع مادّة انشطاريّة. مضيفاً: وقد انخفض الآن حسب التقارير العامّة الى بضعة أشهر في أحسن الأحوال, وإذا استمر ذلك فسينخفِض الى أسابيع أسابيع.. ختم بلينكن.

هنا يتوجب التوقّف عند ما تستبطنه أقوال ساخِنة كهذه, أراد الدبلوماسي الأميركي الذي ساهم في إنضاج الإتفاق النووي/خطة العمل الشاملة المشتركة في عهد أوباما/ ايدن ووضعها قيد توقيع مجموعة(5+1) إضافة لإيران في15/ 7/ 2015. نقول: ربما قصد بلينكن بث نوع من"الفزع» لدى مستمعيه من مُشرّعي الكونغرس كي يدفعوا باتجاه تسهيل/دعم إدارة بايدن للعودة للإتفاق, وبما يحول دون «نجاح» طهران في الوصول الى الكعكة الصفراء.

ولم تأت زيارة وزير الحرب الصهيوني غانتس الأخيرة لواشنطن, الاّ في سياق هذا المسعى الأميركي رغم ما قيل وتسرّب عن خشية واشنطن, من إقدام نتنياهو على مناورة عسكرية باتجاه ايران لخلط الأوراق, هروباً من فشله في تشكيل حكومة ونجاح خصومه في معسكر التغيير بالتوصّل الى اتفاق لإعلان حكومة جديدة.

وإذ بات واضحاً (وفق تصريحات أميركية بعد انتهاء الجولة الخامسة في الثالث من الشهر الجاري) خاصّة بعد إعلان البيت الأبيض: أن اتفاقاً مع إيران يمنعها من امتلاك سلاح نووي من شأنه أن «يصّب في مصلحتنا, وسنواصل العمل في هذا الإتجاه»، إن مسودّة العودة الى الإتفاق التي قيل أنها باتت جاهزة للتوقيع، لا تضمن أي مسألة أخرى غير ما نصّ عليه اتفاق تموز/2015 (بمعنى أنها لا تشمل برنامج ايران الصاروخي الباليستي, ودورها الإقليمي ودعمها لتنظيمات تُصنفها واشنطن/تل أبيب وبعض العرب.."ارهابية"), فإن السؤال يبقى ما إذا قرّرت إدارة بايدن الإعلان عن عودة مُتزامِنة أميركية/ايرانية للإتفاق, قبل او بعد الإنتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستجري في الثامن عشر من الشهر الجاري؟ إذ تمنح العودة للإتفاق قبل 18 الجاري المعسكر الإصلاحي مزيداً من الأصوات, كون روحاني وظريف ينتميان الى معسكر الإعتدال الأقرب الى الإصلاحيين. فضلاً عن ان استباق العودة يوم الإقتراع سيحرم معسكر «المتشدّدين» من المحافظين ورقة «المزايدة", وارتفاع منسوب انتقادهم اللاذعة/المُهينة لأداء حكومة وشخص روحاني/وظريف وتحميلهما مسؤولية تدهور الأوضاع الإقتصادية والمعيشية في البلاد, بعد انسحاب إدارة ترمب من الإتفاق النووي (بما هو درّة انجازات روحاني/ظريف).

...الجواب ستحمله الأيام القليلة المقبلة.