المطالبة بالإصلاح.. والاستقواء على الدولة!
جفرا نيوز - قبل شهرين التقى جلالة الملك في قصر الحسينية ثماني شخصيات تشرفت بأنني كنت واحداً منهم، وقد استمعنا إلى رؤية الملك حول الإصلاح والتي ضمّنها الأوراق النقاشية السبع التي أطلقها جلالة الملك قبل سنتين، ومن بينها تعديل قانوني الانتخاب والأحزاب وضرورة إطلاق نقاش واسع حول هذه الرؤية.
قبل أسبوع، وفي لقاء مع شخصيات معان في منزل الوزير الأسبق هشام الشراري أعاد جلالته تأكيد أهمية الانطلاق من الأوراق النقاشية للإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري، وهو أمر مهم ويجب مشاركة كل الأطراف في هذه العملية دون استثناء أو اقصاء لأحد من مكونات المجتمع الأردني.
فمن يريد الإصلاح الحقيقي وليس افتعال «الفقاعات» الشعبوية لديه من الطرق الكثير خاصة إذا كان نائباً حيث بإمكان عشرة نواب أن يقترحوا مشروع قانون والسير به ضمن الطرق الدستورية.. ولكننا لم نسمع عن أي حراك نيابي منذ أن اجتمع الملك مع رؤساء الكتل وتحدث عن الإصلاح الشامل ودعاهم للبدء بالحوار حول ذلك.
الإصلاح الحقيقي يكون ضمن الأطر القانونية والهيئات الدستورية، وليس باللجوء إلى العشائرية والهويات الفرعية والتشكيلات «المليشياوية» والاستقواء على الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية. إذ ذلك يعد خروجاً على القانون والدستور، ولا يجب أن ننساق وراء مثل هذه الدعوات البغيضة المغلّفة بالمناداة بالإصلاح، ولكنها في الحقيقة تهدف إلى إحداث شرخ في المجتمع الأردني وربما تخفي خلفها أجندات أخطر وهذا ما سنكتشفه خلال الأيام القادمة.
من الضروري إعادة ما سبق، ذلك أني عبرت عنه في مقالات لي سابقة عن الإصلاح الشامل وأولها إعادة النظر بطريقة تشكيل الحكومات، وضرورة اختيار الكفاءات الحقيقية بعيداً عن المحاصصة، وكذلك إعادة النظر بتشكيل مجلس الأعيان، وطريقة التمثيل النيابي وتعيينات القيادة الإدارية العليا، وإعادة الاعتبار للجهاز الإداري عبر خطة إصلاحية ترتقي بالاداء.
في الاصلاح الاقتصادي، ثمة شخصيات أردنية اقتصادية لديها رؤية وطنية لماهية المطلوب اقتصادياً يجب الاستماع إليها، والأخذ برأيها وموازنة عملية هيكلة الاقتصاد ضمن المتطلبات الوطنية ومصلحة الأردن في المرحلة القادمة.
الإصلاحيون الحقيقيون هم المستعدون للبذل والعطاء دون مقابل أو بحثاً عن شعبويات زائفة والظهور بمظهر الحريص على البلد وفي داخلهم غير ذلك، ويجب أن نحتكم دائماً إلى المؤسسات الدستورية بغض النظر عن موقفنا من بعض ادائها أو اداء أعضائها.
في المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية المديد، علينا أن ندرك أن العدالة والحقوق المتساوية لكل الأردنيين والتمثيل الحقيقي لإرادة الشعب والانصهار في الهوية الوطنية هو خيارنا وطريقنا للمستقبل، وليس اللجوء إلى «العصبويات» الجاهلية التي من شأنها إعادة المجتمع إلى مرحلة تجاوزناها، وتجاوزتها العشائر الأردنية ضمن مسيرة الاندماج المجتمعي في اطر الدولة ومؤسساتها السياسية والتمثيلية والعسكرية والأمنية والإدارية وهي مسيرة مكللة بالنجاح.