الفصل أفضل من الاستقالة

جفرا نيوز - بقلم د. ليث كمال نصراوين 
صوّت مجلس النواب قبل أيام على فصل النائب أسامة العجارمة من العضوية في المجلس النيابي، حيث صدر هذا القرار على ضوء تقديم مذكرة نيابية تطالب بفصل النائب المعني من المجلس، ذلك على الرغم من تقديمه لاستقالته الخطية وفق أحكام الدستور. وما يميز قرار الفصل عن قبول الاستقالة أنه يصدر بالإرادة المنفردة لمجلس النواب، وذلك بالاستناد لأحكام المادة (90) من الدستور، في حين أن الاستقالة تقوم على أساس تلاقي إرادتي النائب والمجلس الذي هو منتسب إليه على إنهاء العضوية، وذلك من خلال أن يقوم النائب بتقديم استقالته الخطية، والتي ?ُعرض على المجلس فيقبلها استنادا لأحكام المادة (72) من الدستور.

إن القاسم المشترك بين الاستقالة والفصل يكمن في وحدة النتيجة والآثار المترتبة على صدور هذا القرار، حيث يترتب على قبول استقالة النائب أو فصله أن يشغر مقعد في مجلس النواب يجب أن يتم ملؤه وفق أحكام الدستور وقانون الانتخاب، حيث يتم اختيار بديل النائب المفصول بالاستناد إلى النظام الانتخابي المعمول به، والقائم على أساس القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة.

ويبقى التساؤل الأبرز حول الأسباب والمبررات التي دفعت مجلس النواب إلى استبدال قبول الاستقالة بإصدار قرار الفصل، حيث تكمن مظاهر تفضيل الفصل على الاستقالة في أن قرار الفصل يتمتع بمشروعية دستورية أكثر من الاستقالة. فلكي يصدر قرار بفصل نائب من مجلس النواب يجب أن يصوت على القرار ثلثا أعضاء المجلس، في حين أنه يُكتفى لقبول الاستقالة صدور القرار بالأغلبية المطلقة من النواب الحاضرين، وذلك عملا بأحكام المادة (84/2) من الدستور. فعدد النواب الذين وافقوا على قرار الفصل أكثر بكثير من أولئك الذين كانوا سيوافقون على قرار ا?استقالة، وهذا بدوره يشكل قبولاً غير مباشر من جمهور الناخبين على قرار الفصل.

كما تنبع أهمية تقديم الفصل على الاستقالة في القضية الأخيرة من مجريات الأحداث التي تطورت بشكل متسارع. فبعد أن صدر القرار بتجميد عضوية النائب أسامة العجارمة كعقوبة نيابية واردة في النظام الداخلي لمجلس النواب، احتج النائب المعني على هذا القرار، وأعلن استقالته من مجلس النواب. إلا أن الظروف والأحوال التي رافقت تقديم هذه الاستقالة وما جاء فيها من عبارات قد أثار تساؤلات دستورية حول مشروعيتها. فالاستقالة لم يقدمها النائب العجارمة بنفسه، وإنما أوكل المهمة لزميل آخر له ليمثله في إرسالها إلى مجلس النواب. كما أن الاست?الة لم توجه إلى رئيس مجلس النواب حسب الأصول الدستورية، وإنما وجهت «إلى جموع الشعب الأردني الواحد الحر العظيم».

وتبقى المشكلة الأكبر في الاستقالة التي قدمها النائب المفصول بما ورد فيها من إدعاءات حول «صلاحية الملك بحل مجلس النواب». فهذه الأقاويل كان يمكن أن تُفسر على أنها مقبولة ضمناً من مجلس النواب في حال أنه قد قام بالتصويت على قبولها. فموافقة المجلس على الاستقالة كان يمكن أن يعتبر قبولاً من أعضائه على ما جاء فيها من مبررات، والتي اعتبرها النائب العجارمة أسباباً لعدم عودته إلى مجلس النواب.

إن قرار الفصل كان الأفضل من قبول الاستقالة وذلك نظراً للمعطيات الخاصة بهذه القضية، وهذا ما يؤكد أن ممارسة المجلس لصلاحياته الدستورية يجب أن تكون دائماً محكومة بالمصلحة الوطنية العليا.

أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنية

laith@lawyer.com