سيادة القانون.. قرار سيادي!

جفرا نيوز - بقلم عصام قضماني - البعض يطالبون بسيادة القانون وعندما تأتي النار تحت قرصهم ليذهب القانون والدستور إلى الجحيم!.
هذه بطولات كرتونية.. تستثمر الظرف لكن سياقاتها ضحلة لا تسمن من جوع.. إنما هي تدل على سطحية السجال السياسي وعجزه عن بلوغ حتى أطراف عتبات الإصلاح.

كنا في مرة نستمع إلى الملك وإذ به يقول: «إن المسؤول عندما يخطئ ويثبت انحرافه وفساده يلوذ بعشيرته ويلقي جانباً بالقسم الذي التزم به.. الدستور والقانون»!.

لماذا تقدمت دول من العدم.. ونحن لا نزال نخطب ود مبادئ قرون خلت.. ونسأل عن تقدمنا الاقتصادي والسياسي الذي تأخر ونلوم الحكومات ونحن أول من يعرقل أعمالها وأنا أبرئ الحكومات إلا من خطبها ود الشعبوية وكأنها جاءت على أكتاف الجماهير!.

مثلاً خرجت رواندا من ركام حرب أهلية مزقتها وكان يفترض أن يدوم الحقد العرقي والرغبة في الانتقام عقوداً وعقوداً لكن ماذا حدث؟

هي اليوم في ازدهار لأنها نبذت كل ما سبق وقررت أن تكون دولة قانون ومدنية وعظمت مفاتيح الاقتصاد والرفاه.

سنغافورة، ظلت الدول الكبرى تراقبها علها تطفئ شوق شعوبها التواقة إلى التمثل بها، حيث ارتفع دخل الفرد من 300 دولار إلى أكثر من 30 ألفاً والصين وحتى اليابان وأندونيسيا المحيطة بالجزيرة المعجزة حد الحصار، سنغافورة تترقب انهيار هذا الحل، وباكستان عبر المحيط. وفي مكان آخر، تساءلت صحف مثل نيوزويك الأميركية.. هل انتهت حفلة دبي؟ ومتى حلم الصحراء يتحول إلى كابوس، لكن ذلك لم يحصل واستأنفت الإمارة نموها ووصل دخل الفرد فيها إلى 58 ألف دولار.

هذه الجغرافيا شكلت تهديداً وتحدياً في ذات الوقت لكن كلا النموذجين استطاعا تطويعها لصالحهما، ولا بأس إن قال بعض المحللين إن هذين النموذجين يتمتعان بحماية دولية لا تسمح لهما بالسقوط، أليس الأردن كذلك بعلاقاته الدولية؟.

هل المشكلة محلية؟. الأهم هو إعطاء الأمل للناس ورفع روحهم المعنوية في دمج اجتماعي يذيب الفوارق العرقية والدينية والسياسية والاجتماعية.

النموذجان لم يحتاجا إلى موارد طبيعية وهي شحيحة.

رواندا بلد فقير وأنهكت الحرب اقتصادها التي عرفت بالإبادة الجماعية ومزقها الفقر والجوع حتى بلغ متوسط دخل الفرد السنوي 30 دولاراً وكان اليأس قد استتب وهرب المستثمرون وأغنياء البلد وشبابها وكفاءاتها، فخسرت رواندا ثروتها البشرية، وكانت فقدت مليون ضحية في المذابح الدموية وهي فقيرة أصلاً بالموارد الطبيعية.

معجزتها لم تسقط من السماء ولا من المساعدات ولا المنح، بل حكومة فعالة وقرار سيادي حتى لو كان ديكتاتورياً لمصلحة البلاد.

الاقتصاد والانفتاح هو الحل.. وليس الديمقراطية المنفلتة تحت عباءة المصالح الخاصة والعشائرية! وليس الحلول الأمنية وإن نفعت إلى حين!.

الدول التي نهضت عطلت الديمقراطية في جانبها الاقتصادي وذهبت إلى قرارات جريئة نحو دولة القانون التي لا تحمي إلا من يلتزم به.

qadmaniisam@yahoo.com