التحديات والأزمات أثرت على الوطن...إعادة بناء وتحصين الجبهة الداخلية التي تأثرت بالصراعات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وامنيا..

جفرا نيوز - بقلم : د.دانييلا القرعان 

الأردن واجه منذ القرن الماضي العديد من التحديات والأزمات الخارجية والداخلية التي أثرت على الوطن والحياة الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، وزادت من الكلف الأمنية المترتبة عليه من أجل استمرار أمنه واستقراره. والدولة الأردنية تقع في دائرة الاستهداف؛ لأنها كانت وما زالت محاطة بنقاط ملتهبة في عدد من دول الجوار، والتهديدات الأمنية للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة التي تضعف من سياسته الخارجية ومن نفوذه الإقليمي. أما الوضع الاقتصادي الحالي هو الأصعب منذ عقود لذلك لا بد من تغيير النهج والأدوات لمواجهة تحدياتنا والولوج الى المئوية الثانية بقوة وثبات؛ لإعادة الثقة بين المواطن والمسؤول، وعلينا أن نسعى للبناء عليها وتطويرها والعمل على توثيق اللحمة الداخلية والتحرر من التبعات والقيود والخسائر المادية والسياسية التي أنهكت البلاد.
«الدولة في دائرة الاستهداف» لم يمر على المنطقة العربية منذ حوالي نصف قرن أزمات حادة وتحولات عاصفة كالتي نشهدها الآن؛ ففي هذا السياق تقع الدولة الأردنية في دائرة الاستهداف باتجاه إخضاعها لمتطلبات وشروط مشروع سياسي واسع يتضمن إعادة ترتيب وهندسة البلدان العربية بما يتناسب ومصالح الدول الاستعمارية الكبرى، لذلك رفض الأردن صراحة صفقة القرن؛ لأنه يمس صميم المصالح الوطنية والسيادية الأردنية واستهداف تصفية القضية الوطنية الفلسطينية. وسط هذا الصراع أصبح مطلوب من الأردن أكثر من أي وقت مضى إعادة بناء وتحصين الجبهة الداخلية التي تأثرت تأثرا بالغا بالصراعات الجارية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. إن أولويات إعادة البناء تقتضي تبني مشروع وطني شامل لكل المحاور المطروحة، ولا حاجة بنا هنا لاستعراض الأوضاع المعيشية المتدهورة لمعظم فئات الشعب الأردني، وارتفاع نسبة المديونية العامة الى 33 مليار ونسبة البطالة الى 50%، وتردي الأوضاع الاقتصادية قبل وأثناء الجائحة. إن بناء الاقتصاد الأردني على أسس تضمن النهوض بالزراعة والصناعة والاعتماد على الذات في تكييف مصادر الطاقة هو قضية رئيسية لا بديل عنها، ولا يمكن أن تستقر الأوضاع الاقتصادية والمعيشية دون توفر هذا الشرط الرئيسي الضامن لسيادة أي دولة. وفي الجانب السياسي يجب أن يتم تفعيل القوى السياسية والاجتماعية المنظمة، فهنالك مطالب واسعة بإصلاح القوانين الناظمة للحياة السياسية باتجاه توسيع المشاركة الشعبية في القرار.
« الأردن محاط بنقاط ملتهبة» الأردن واجه خلال العقد الماضي جملة من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ولعل أبرز هذه التحديات «الربيع العربي» وما خلفه من دمار وفوضى في العديد من الدول العربية، إضافة الى استمرار الاحتلال الاسرائيلي وعدم تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه وصفقة القرن التي كانت تهدف لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، وانقطاع النفط العراقي والغاز المصري وما ترتب على ذلك من زيادة الأعباء والتحديات الاقتصادية وانتشار الإرهاب والتطرف وخطاب الكراهية. وقد زاد الأمر سوءا بعد انتشار وباء كورونا الذي فاقم من أزمتنا الاقتصادية وعرقل خطط النهوض الاقتصادي وقلص أرقام النمو وزاد من مشكلتي الفقر والبطالة. الأردن كان وما زال محاطا بنقاط ملتهبة في عدد من دول الجوار، والتهديدات الأمنية للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة تضعف من سياسته الخارجية ومن نفوذه الإقليمي؛ لأنه بذلك يحاول ترميم بيته الداخلي أولا قبل التوجه الى الخارج. إن منطقة الشرق الأوسط واجهت منذ القرن الماضي حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، انعكست تأثيراتها بشكل رئيسي على معظم دول المنطقة ومنها الأردن؛ نتيجة وقوعه ما بين العراق وسوريا وفلسطين، وما نتج من حالة عدم استقرار من تحديات وتهديدات دفعت بالأردن الى التركيز على الأمن الوطني كاستراتيجية سياسية واقتصادية وامنية.
ولمعالجة التحديات الداخلية أطالب بضرورة إجراء مراجعة حقيقية للقوانين الناظمة للحياة السياسية « قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية» وقانون الحكم المحلي « البلديات واللامركزية»، إضافة الى ضرورة تطوير الإدارة المحلية للقضاء على الترهل الإداري ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب ومحاربة الواسطة والمحسوبية، وتفعيل نهج الرقابة والمحاسبة والمساءلة وتحديدا الدور الرقابي البرلماني على أداء الحكومات وخططها وسياساتها وبرامجها، وأن يترافق ذلك مع إعادة الاعتبار الى أهم مقومات الدولة الأردنية وعناصرها التنموية والحضارية ممثلة بالإدارة والتعليم والصحة، وهو ما كانت تحرص عليه القيادة الهاشمية من خلال الاستثمار في الانسان الأردني.