من بعدنا الطوفان!

جفرا نيوز - بقلم عصام قضماني - نصوص وروح الدستور تشير إلى الأردن دولة مدنية، لمواطنيها على اختلافهم في الدين أو الجنس أو أية اعتبارات أخرى بمعنى أنها ليست دولة عشائرية ولا هي تخص مجموعات تميزهم دون غيرهم في الحقوق والواجبات فالأصل هو المواطنة والقانون.هو الفيصل فعلى ماذا نختلف إذن؟.

هذه هي هوية الدولة الأردنية أو كما ينبغي أن تكون بلا إستثناءات ولا أخذ لخواطر أو خصوصية، وقد جاءت الورقة النقاشية السادسة التي كان نشرها جلالة الملك لتعطي شعار الدولة المدنية دفعة قوية إلى الأمام، فلا جديد!!.

لماذا كلما شهدت الأجواء السياسية والإجتماعية وحتى الإقتصادية سخونة نعود بالنقاش الى المربع الأول، نطالب بتطبيق القانون، ونركنه جانبا إذا كانت النار تحت قرصنا، فإن أخطأ مسؤول بدل من أن يحتكم الى القانون يلوذ الى عشيرته أو عائلته ويضرب بكل القيم والمبادىء التي أقسم عليها في إطار الدستور عرض الحائط.

جلالة الملك كان واضحا عندما حدد خصائص الدولة المدنية، ولكنه أراد طمأنة الجماعات المحافظة، وأضاف الى هذه الخصائص أن الدولة المدنية علمانية وأن للمجتمع الأردني خصائص تميزه لكنها يجب أن تكون مرادفة للمدنية وليست نقيضها تعزز مكانتها ولا تعطلها عنما يحتاج الأمر أو عندما تتقاطع مع مصالح بعضنا.

جميع دول العالم هي دول مدنية، فليس هناك دول دينية تحكم حسب الشرائع الدينية ولا دولة تحكمها القبائل وتتوارثها أو تتداولها العشائر ، فهي إما أن تكون قانونية أو غير قانونية.

هل ندخل المئوية الثانية ونحن دولة مدنية؟, يحتاج ذلك الى بحث طويل. لكن إن صح أن نقول أن المقدمات تشي بالنتائج, فخذ العثرات الاقتصادية في الاعتبار, فحتى اللحظة وعلى مدى قرن مضى ما زال الاعتماد على الذات يواجه صنوفا من خيبات الأمل,

السجال السياسي والإجتماعي الدائر يدل بلا أدنى شك على مخاض، وإن كانت أصوات المحافظين المعتدلين قد تقهقرت أمام تيار يستقوي بقالب التدين (أي دين)، ويتشدد في دفع القشور التي تغلب الخلاف وليس الإختلاف على حساب الجوهر وهو ليس فقط قبول الآخر وإحترامه بل الإيمان به وبحرية أفكاره وقبل ذلك الإيمان بالدولة وقوانينها ومدنيتها.

في الدولة المدنية يعمل الناس والمسؤولون من أجل الديمومة بعدهم لأجيال قادمة ، وليس من بعدنا الطوفان !.

qadmaniisam@yahoo.com