ماركة أردنية للإصلاح..

جفرا نيوز - بقلم احمد ذيبان - انطلقت ورش الحوار بشأن إصلاح التشريعات الناظمة للحياة السياسية كمن يبدأ من الصفر، وكأننا نخوض معركة ضارية لانتاج «ماركة أردنية مسجلة» للإصلاح السياسي، ومنذ عشرين عاما تم تشكيل وزارة للتنمية السياسية، لكنها لم تحدث أي تقدم حقيقي في هذا المسار، باستثناء تفريخ نحو 50 حزباً سياسياً، غالبيتها تشبه البقالات الصغيرة، جل اهتمامها انتظار الدعم الحكومي!


ويمكن التذكير بعناوين عريضة لرسم خارطة طريق للاصلاح، وتنمية الحياة السياسية منذ 30 عاما، مثل"لجنة الميثاق الوطني» عام 1990، ثم «هيئة الأردن أولا «عام 2002، و"لجنة الأجندة الوطنية » عام 2005، و» لجنة الحوار الوطني» عام 2011.

وبين عامي 2012 و2017 كتب الملك عبد الله الثاني سبع «أوراق نقاشية»، جميعها تركز على التحول الديمقراطي والمواطنة الفاعلة وسيادة القانون، وقد عقدت عشرات الندوات والاجتماعات وورش العمل، وكتب عدد كبير من المقالات حول آليات تطبيق مضامينها، وكان العنصر المشترك في مخرجات هذا الحراك، التأكيد على إجراء اصلاحات سياسية وتعميق النهج الديمقراطي، وتطوير قانوني الأحزاب والانتخاب وتكريس مفهوم حق المواطنة.

وكانت نتائج عمل لجان الحوار، أن امتلأت الخزائن بالتوصيات والمقترحات واقتراح آليات الاصلاح لكن دون حصاد، ولا أحد يعرف أين المعضلة؟ بينما خلايا دماغ الدولة تبدع في اختراع وصفات مشوهة للاصلاح، بذريعة أن هذه الوصفات هي المناسبة لمجتمعنا في المرحلة الراهنة.

ولفتني في ما قرأته من أخبار عن الحوارات التي بدأت مؤخرا، تأكيد ضرورة أن يراعي قانون انتخاب الجديد أو المعدل، التركيبة الاجتماعية و«الثقافة الأردنية» ! بمعنى ان أصحاب هذه الطروحات، وغالبيتهم مسؤولون حاليون وسابقون ونخب مستفيدة من الوضع الراهن، هم أكثر من يتحدثون عن الاصلاحات لكنهم يضعون العصي في الدواليب، وفي تشريح هذه «المصطلحات» يتبين أنها تعني انتاج مواصفات خاصة للاصلاح، وخاصة قانون الانتخاب بحيث تكون مخرجات العملية الانتخابية وفق سقف محدد، يراعي الأبعاد السياسية والديمغرافية والعشائرية.

ونموذج ذلك قانون الصوت الواحد، الذي مضى على اختراعه أكثر من ربع قرن، وتم وضعه وفق مواصفات لتقزيم الحياة السياسية وتقسيم المجتمع، بحيث وضعت سقوف وخطوط حمر، لأي قوة سياسية واجتماعية فاعلة، لكي تكون حصتها في البرلمان محدودة، حتى لا تؤثر على القرار السياسي!

الحل بسيط عندما تتوفر الارادة السياسية، ويتلخص بقانون انتخاب تتضمن خطوطه العريضة قائمة وطنية بنسبة 50%، وقوائم على مستوى المحافظات بنسبة 30%، و20% للدوائر الفردية مع الحفاظ على الكوتات الضرورية، وإقرار قانون أحزاب عصري، لا يسمح بتشكيل حزب يقل عدد أعضائه عن خمسة آلاف شخص، وفي مثل هذا المناخ يتم تنافس سياسي حقيقي ينتج حكومات برلمانية.