تأزيم ..

جفرا نيوز - ابراهيم عبد المجيد القيسي - لماذا ينحو الناس للإثارة والرغبة بالاستعراض، في كل ما يصدر عنهم؟ هل هي ثقافة العولمة أو طغيان الميديا، أم هي حتمية مؤكدة حين يتسارع التغيير في الثقافات وهوياتها؟.. قد تكون كلها جميعها.. لكننا في كل مرة نحذر الرأي العام، بأن يتريثوا قليلا قبل اتخاذ قرارات، ويحددوا هدفا وطنيا أخلاقيا ساميا ملزما للجميع، قبل الشروع باتخاذ القرارات وإصدار تشريعات أو حتى تعليمات، وأن يفكروا بمآلات أو احتمالات ردود الفعل على ما يقومون به..

لدينا موقف بل توجهات أردنية حديثة جدا، تجري بشأنها حوارات يقودها رئيس مجلس الأعيان ولا يفرض شيئا على أحد بل يستطلع أهم ما يريده الناس، لبلورة فكرة أكثر نجاعة على صعيد الإصلاح السياسي، وكما كل مرة لا نملك سوى أن نساعد أو على الأقل نتمنى أن نحدد مجموعة من الأفكار المفيدة ودون أحكام مسبقة على مصيرها، ليصدر بشأنها تشريعات تنظم الحياة السياسية، وتحقق نتائج أفضل وأسرع على طريق الإصلاح الشامل المنشود.

لكن بعضنا بل غالبية ساحقة منا، ولعوامل كثيرة، أصبحوا لا يؤمنون بجدوى الحوار العقلاني، ويتعاملون بردة الفعل نفسها لو تعرضوا لحادث سير بسيط أو سقطوا سهوا في جلسة حوارية عارضهم أحد المحاورين فيها..

نزق وغضب مسبقان، يسيطران على كثيرين منا ويقودانهم الى قرارات متسرعة خاطئة، فتحدث أزمات نحن بغنى عنها، مع أن تجنبها قبل أو أثناء تفاعلها أمر نعرفه ونجيده ونفعله كثيرا.. ومع ذلك تحدث وتكبر ويصغر أطرافها بل يتطرفون بآرائهم، والمواطن كثيرا ما يصفق للطرفين، في صورة تبعث على التعاطف والحزن قبل أن تستثير الغضب.

أي مسؤول أو شخص يدعي الخبرة، والتميز الفكري والثقافي عن الآخرين، يجب أن يفكر بالبلد والدولة والمجتمع قبل أن يتدحرج ملتصقا بكرة الطين.. لأنه يزيد من كتلتها وزخمها بدل أن يحيدها ويقلل من حجمها.

موقف تطور وأصبح أزمة، وها نحن نحصد منه نتائج سيئة جدا، تعمل على تعكير المزاج العام، وتبعد ملفات وقضايا مهمة وحساسة عن الرأي العام وعن دائرة الاهتمام، والنتيجة المعروفة لهذه الأزمات تنعكس على الناس، ليتصاعد غضبهم ويبتعدون أكثر عن التفكير المنطقي والحوار المطلوب من أجل الإصلاح السياسي..

كلها ازمات تشعرك بالخجل، وبدل أن يخرجوا البلاد من مشاكلها وظروفها القاسية، يزيدونها تأزيما وقسوة واستعصاء على الحل. والعجيب ان جماعة (فخار يكسر بعضه) يتكاثرون!.