"جفرا" تكشف قصة المحتال الذكي الذي تقمص 5 شخصيات ونهب أموال بقيمة مليون دينار ..والإنتربول يلاحقه
جفرا نيوز - تحقيق: موسى العجارمة
استيقظ "مروان" من نومه حاملاً بقلبه الألم والحسرة بعد أن تعرض للنصب والاحتيال من قبل شخص تمكن من الفرار خارج الحدود الأردنية بعد أن تم إدانته، محصلاً ما يقارب مليون دينار أردني من (14) شخصاً دون وجه حق عبر أساليب وحيل عديدة لا تخطر على بال أحد، لإيمانه المطلق بأن الطرق الأسهل هي الأمتع لتحقيق الطموح ومضاعفة الأموال؛ لكون مقولته في الحياة: "الغاية تبرر الوسيلة".
مروان (اسم مستعار) لم يقف عند مصيبته مكتوف الأيدي بل طرق كافة الأبواب، وأصبحت قضيته تجول أروقة المحاكم؛ محاولاً استرجاع المبلغ الذي نصب عليه والذي يقدر بـ(140) ألف دينار أردني، بعدما أقنعه الجاني بتمويل موقع إلكتروني مخصص للمستلزمات الطبية والعمليات الجراحية، بهدف ضم ما يقارب عشرات الأطباء المعروفين تحت هذه المنصة، إلا أنه لم يكن يعلم بأن هذه البوابة ستكون طريق هلاكه.
الضمانات المالية والسندات الكافية، دفعت مروان و14 آخرين بمشاركة زيد (اسم مستعار) لإقامة مشاريع استثمارية؛ لكونه شخص كان أكثر من ثقة؛ بسبب لطفه وأخلاقه وبساطته وتقديم كافة الأوراق الثبوتية؛ وناهيك عن أساليب وحيل كان يتبعها مع ضحاياه بطرق ملتوية لا يمكن الخوف أو الحذر منها، ليكتشفوا لاحقاً بأنه ثعلباً ماكراً.
ويكشف تحقيق أجري لصالح "جفرا"، بأن هناك أشخاصاً يمتهنون الاحتيال كمهنة ويقدمون كامل الإجراءات القانونية والاحترازية لضحاياهم، لكونهم غير مكترثين للعقوبة القانونية بقدر ما يهمهم تحصيل الأموال بطرق وأساليب غير مشروعة، دون أن تكون السذاجة والطيبة متطلبات أساسية لتحقيق هذه الغاية؛ لطالما هؤلاء الأشخاص يمارسون الدهاليز المظلمة التي لا يستوعبها عقل بشري مها كانت درجة ذكائه.
معد التحقيق تمكن من الوصول لضحايا "زيد" الذين نصب عليهم بأموال طائلة، لا يمكن لأي مخلوق أن يصدق ما حدث معهم؛ وخاصة أن الجاني كان يتصرف بصورة طبيعية ويمثل أمام المحاكم بالشكل الروتيني قبل أن يتمكن من الهروب للخارج، ويعمم عليه من الإنتربول بعد أن أدين في قضايا احتيال وتزوير ومطالبات مالية.
*كيف بدأت القصة؟
بعد أن خسر مروان (140) ألف دينار اتجه مباشرة إلى القضاء، لتحصيل حقه من زيد الذي أقنعه بتمويل مشروع موقع إلكتروني طبي يحمل بجعبته أطباء اختصاص جراحين معروفين، بهدف تقديم خدمات طبية إلكترونية، ليتفاجأ لاحقاً بأن هذه المنصة بمثابة بوابة شكلية فقط ليس لها أي دور حقيقي، لكونه تمكن من استخدام أسماء أطباء معروفين للوصول لغايته.
المفاجأة الكبرى بأن معد التحقيق من خلال عملية جمع المعلومات تفاجأ بأن زيد لديه سجل حافل بالتزوير والاحتيال والمطالبات المالية، ليتبين بأن هناك ما يقارب (14) شخصاً آخرين وقعوا ضحية هذا الشخص، ومن الممكن أن يكون العدد أكبر من ذلك إلا أن عدد القضايا المسجلة تنوعت ما بين التزوير والاحتيال والمطالبات المالية.
* ما الذي حدث مع زيد؟
تواصل معد التحقيق مع شهود عيان كانت تربطهم علاقة قوية مع الجاني، أخبروه بأنه كان يفكر دائماً بالوصول إلى المال والجاه دون أن يبذل مجهوداً يتصرف بحدية وانطواء ويفكر أكثر ما يتحدث ويستخدم دائماً أساليب معينة ليتصدر الحديث أمام محيط عائلته، على الرغم من اجتهاده بدراسته الجامعية قام بترك الدراسة بشكل مفاجئ، والعمل بمجال الاستثمار، ليحقق نجاحاً ساحقاً بحسب ما أكده عدد من أقاربه ويحقق ثروة لا بأس بها.
استمرت رحلة عمله بالاستثمار لمدة (15) عامًا من خلال إقامة (18) مشروع نجح بزيادة أمواله وثروته من خلال شراكته مع مجموعة أشخاص، وتمكن بتوسيع أعماله لإحدى الدول العربية، وأطلق عليه العديد من الألقاب.
*العملية الأولى: تزوير هوية شقيقه وبيع منزله بخمسين ألف دينار
بحسب الوثيقة التي حصلت عليها "جفرا نيوز"، فإن عملية الاحتيال الأولى كانت من خلال تزوير هوية شقيقه الشخصية، ليتمكن من بيع منزل العائلة بخمسين ألف دينار، ليتفاجأ شقيقه بفعلته ويلجأ على الفور للقضاء، ليكسب القضية في تاريخ 7-9-2015 بعد أن تم إدانته بجنحة الاحتيال وتجريمه بجناية التزوير، والحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، قابل للاستئناف.
*محاولة بيع قطعة أرض قيمتها مليون دينار دون علم مالكها
حاول زيد برفقة أشخاص أرباب سوابق بيع قطعة أرض قيمتها مليون دينار بعد أن قام بتزوير هوية صاحب الأرض، وسرعان ما كشفت خيوط المؤامرة على الرغم من أن عملية البيع كانت تحصيل حاصل، إلا أن أحد الشركاء أختلف معهم على السعر، وأبلغ الجهات المختصة. بحسب ما قاله صاحب الأرض.
وبهذا الخصوص، أظهرت الوثيقة التي حصلت عليها "جفرا نيوز"، بأن المحكمة قامت بتجريمه مع الأشخاص المشاركين معه، والحكم عليهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات قابل للاستئناف.
*يمتلك أخلاقاً عالية وحسن التعامل!
يقول (أ.ق) لـ"جفرا نيوز"، إن الجاني قام بالاحتيال عليه بقيمة (10) آلاف دينار من خلال عمله في مكتب هندسي طلب منه هذا المبلغ بهدف شراء معدات معينة مقابل ضمان مالي كشيكات؛ إلا أنه تفاجأ بعد حين بعدم التزامه وسداده الأقساط التي اتفقا عليها، من خلال تهربه وعدم الرد على هاتفه، مما أضطر للجوء إلى القضاء.
وحول الأساليب التي كان يتبعها مع ضحاياه، يؤكد بأن "زيد" كان دمثاً بالأخلاق ولديه حسن التعامل ولبقاً بمفرداته ولا يستطيع أحد بعدم الانسياق لمطالبه، لدرجة بأنه للوهلة الأولى وضع مبررات لأفعاله، وعدم التزامه.
وفيما يتعلق بتحصيل حقوقه المالية، يشير إلى أنه استعاد جزءاً بسيطاً من المبلغ الذي سلبه زيد منه، والعمل جارٍ على تحصيل المبلغ المتبقي.
*استغل اسم نائب مشهور لكسب ثقة الناس
على صعيد متصل، يروي (أ.م) أحد ضحايا "زيد" معاناته لـ"جفرا نيوز"، بعد أن خسر مبلغاً مادياً بطريقة غير مشروعة استخدمت ضده مما دفعه للجوء إلى القضاء، متأملاً تحصيل حقه، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل الذريع، على الرغم من إدانته بتهمة الاحتيال، إلا أنه تمكن من الهرب خارج البلاد.
ويوضح أن زيد قام باستغلال تقارب اسمه مع أحد النواب المعروفين في الساحة، ليتمكن من خداع الآخرين والحصول على مراده ووضع جسور ثقة وهمية، على الرغم من أن النائب المشار إليه لا تربطه أي صلة قرابة بينهما.
*استخدم المكياج للتنكر وتقمص 5 شخصيات
حصلت "جفرا نيوز" على صور تتحفظ على نشرها للجاني أثناء تقمصه لخمسة كركترات مختلفة؛ لإتمام عمليات النصب والاحتيال بالشكل الذي كان يطمح إليه، لكونه كان يرتدي ملابساً مختلفة وأبرزها اللجوء إلى اللحية الطويلة بشكل يوحي بأنه ملتزم دينياً بحسب ما قاله شهود عيان.
*مروان: حياتي دمرت
مروان الذي خسر 140 ألف دينار، يقول في نهاية حديثه لـ"جفرا نيوز"، بأن حياته دمرت بالكامل بعد أن خسر كامل ثروته، مبيناً أن زيد استخدم كامل الضمانات القانونية من أجل اصطياده، وبعدما حصل على المبلغ اكتشف بأن هناك خللاً واضحاً، ليضطر بمواجهته إلا أنه حاول التهرب واستفزازه للإقدام على تصرفات تترتب عليها تبعيات قانونية مختلفة، لينتهي به المطاف ويلجأ للقضاء.
وبحسب الوثيقة التي أبرزها مروان، فإن محكمة صلح جزاء عمان قامت بتجريم المشتكى عليه، والحكم عليه بالحبس لمدة سنتين ودفع الرسوم والغرامة، كحكم قابل للاستئناف.
*تمكن من الهرب وتم التعميم عليه عبر الإنتربول
تمكن زيد من مغادرة حدود المملكة، إلى إحدى الدول العربية التي كان يعمل بها سابقاً، وتم التعميم عليه عبر الإنتربول بتاريخ 1-2020 ، وسط مطالبات من قبل ضحاياه بجلبه إلى أراضي الوطن بأسرع وقت ممكن.
جفرا تحتفظ بوثائق ملف هذه القضايا بالكامل.