الوطن بخير.. لا يوجد فتنة نائمة


جفرا نيوز - د. كميل موسى فرام

يعتبر الاستخدام والتوظيف الأمثل للمصطلحات والألفاظ والكلمات والأمثال، درجة مميزة من فنون الخطابة والكتابة، فتحمل في حروفها وأسطرها وترقيماتها رسالة مباشرة أو غير مباشرة، يسهل فهمها وتفسيرها حيث يجب، دون الابتعاد بالاجتهاد والتفسير، أو هامش للمناورة، فهناك فقرات وأمثال خطابية، يحملها منطاد الزمن عبر الأجيال دون محاولة لمعرفة مناسبتها حتى يتم استخدامه في المكان الصحيح، بل وهناك العديد من الأمثال وأبيات الشعر التي تحمل معنى الحكمة ولكن فلسفتها بالطريقة المجتزأة يحرفها عن مسارها الصحيح لمعنى آخر، لأن تاريخ ولادتها مناسبة لحكمة تهدف لتسهيل المهمة لطرفي معادلة الخطابة؛ الكاتب والقارىء.

بأكثر من مناسبة نسمع حكمة مفادها «الفتنة نائمة، ولعن الله من أيقضها» وتستخدم بصورة مجازية للتعبير عن درجة من الحكمة والاعتدال بضرورة رفض خطاب العنف والكراهية، للتقييد بمعايير المجتمع التي تساوي بين المواطنين بالحقوق والواجبات؛ أبجديات وبديهيات ليست خلافية، اختلطت على البعض نتيجة تبني البعض لبث خطاب الكراهية والتمييز، لجهل بالواقع أو محدودية التفكير ضمن زاوية حادة يمنع انفراجها، وللتوضيح، فإن أصل المثل، جذر الاشتقاق، يروي قصة فلاح أوكل مهمة اختيار زوجتة لوالدته تنفيذا للأعراف العائلية، وفي ذاك المساء الشاهد على حفل الزواج، انتهى الأمر بالزوجين في منزل الزوجية، ليصدم الفلاح بقباحة شكل الزوجة واسمها الحقيقي فتنة، فغافلها حتى سرقها النوم، ليحمل رحاله هربا وهجرة، ويجد والدته على الباب بإنتظاره، فهمت بسؤاله عن مقصده، فجاوب غاضباً: أنني مهاجر للعمل، لتسأله والدته: وماذا عن فتنة، فأجاب: فتنة نائمة لعن الله من أيقضها».

المختصر المفيد من المثل والرسالة التي تحملها مقالتي، بأننا لا نحتضن عبر الأرض الأردنية أي شكل أو صورة من أشكال الفتنة ومشتقاتها، وبالتالي لن تكون مناسبة لاستخدام هذا المثل على الواقع بوجود فتنة تتنظر من يوقظها، لأن ذلك ببساطة يعني: أننا نعيش على أرضية مليئة بالخلافات والصراعات بمختلف مفرداتها بتهدئة قابلة لبركان الإنفجار، ولنا منها فصولها وأجوائها التي تغذيها وتنفث سمومها، وهذا عكس الواقع الأردني، حيث مجتمعنا الأردني الطيب الموحد، المنتمي لوطنه، الفخور بمليكه بتضحيات يسطرها بأعماله ويوثقها بمداد من دمائه، فالتوافق والتكامل يمثلان القاعدة الأساس لبناء الدولة الأردنية منذ التأسيس، ولا يحق لأحد المزاودة أو العبث بلبناتها، أو محاولة القفز للسباحة ببركة ثلجية، فنحن بأمس الحاجة لمراجعة سريعة ودقيقة لمناهجنا التي تحتوي على ثغرات يستغلها البعض ويفسرها بطريقته، التي تدعو للتفرقة والعنف والتمييز، كما أننا بحاجة مضاعفة لمراجعة وسائل خطابنا الإعلامي ومنصات وسائل التواصل الإجتماعي ومفوضي الخطابة التي تتبنى خطاب التفريق والعنف، لتغذية شتلات مريضة، فتطلق أحكام التحريم والتحليل بما بناسب مناهج مدرستها الفكرية تحت ستار وعباءة بريئة، مؤكدا أن ضبط الخطاب الإعلامي أولوية بالمرحلة القادمة.

التحديات التي تتقاذف مسيرتنا بهدف الإعاقة؛ الداخلية منها والخارجية، بحاجة لجدولة ومراجعة، لتوظيف جهودنا الجماعية بقالب يليق بوطننا وتاريخنا المشرف، قدوتنا لغة الخطابة التي ينادي بها جلالة الملك بكل مناسبة وطنية أو دولية، لبناء السلم والسلام، بهدف تحقيق الأمن والأمان لشعبنا والشعوب المحرومة، فدولتنا المستقرة القوية، لن يشوشها الأصوات النشاز التي تحاول زرع اسفين ببرج البناء العالي، مذكرا بفقرة دستورية مهمة بأن الأردنيين أمام القانون متساويين بالحقوق والواجبات، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس أو اللون، فالأمنيات والمصير سبيل يكفل لنا حجز مقعد بين العظماء وقد حجزنا، وللحديث بقية.