ماذا بعد وقف إطلاق النار؟
جفرا نيوز- كتب: د. موسى شتيوي
لقد أصبح وقف إطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية وغزة بشكل خاص وشيكًا حسب التوقعات والحراك السياسي الدولي والعربي. السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا بعد ذلك؟
بالرغم من حجم الدمار الكبير والخسائر الإنسانية الهائلة التي تكبدها الفلسطينيون إلا انه يمكن القول انهم خرجوا رابحين من هذه المواجهة وذلك للنتائج المهمة التي تمخضت عن هذه المواجهة، من أهمها:
أولًا: توحد الشعب الفلسطيني في كافة المناطق الفلسطينية في الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى والتضامن مع أهل غزة الذين تعرضوا لأبشع صور القصف والدمار وترجمة ذلك على أرض الواقع من خلال الاحتجاجات والمظاهرات داخل فلسطين وخارجها. الشباب الذين قاموا بهذه الانتفاضة هم جيل ما بعد أوسلو والانتفاضة الاولى ولم يأتوا من الفصائل الفلسطينية وغير محكومين بمعاييرها وربما غير راضين عنها والذين شهدوا فشل اوسلو ومخرجاتها.
ثانيًا: صعود التعاطف والتضامن العربي والدولي الشعبي غير المسبوق في القارات الخمس وذلك بسبب الصمود البطولي للشعب الفلسطيني واعترافًا بحقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وإنهاء الاحتلال بالرغم من استمرار بعض الدول في دعمها المباشر وغير المباشر للاحتلال الاسرائيلي.
ثالثًا: انكشاف السياسة الإسرائيلية القائمة على القمع والقتل والتطهير العرقي بالصوت والصورة وتبخر الصورة التي تحاول إسرائيل رسمها للعالم. هذه السياسة التي طالما عبر عنها جلاله الملك عبد الله الثاني بأنها ستؤدي لنتائج كارثية وان القضية الفلسطينية هي القضية المركزية في الشرق الاوسط، ووقف بصلابة ضد تصفيتها وخاصة ضد صفقة القرن المشؤومة.
رابعًا: أبرزت المقاومة الفلسطينية هشاشة الدولة الإسرائيلية داخليا من خلال انتفاضة فلسطينيي الداخل والتي كانت الاقرب لحرب أهلية وعدم قدرة الترسانة الإسرائيلية على حماية مواطنيها بدليل حجم المناطق التي تعرضت للقصف وحجم الخسائر البشرية التي تعرضت لها. حيث يمكن القول إن إسرائيل تعرضت لأخطر أزمة داخلية منذ إنشائها.
لا شك أن أحداث الأسابيع الماضية من المواجهة بين الفلسطينيين وإسرائيل حركت المياه الراكدة للقضية الفلسطينية وأن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي وبعض الدول العربية سوف تحاول استئناف العملية السلمية بسبب وجود الفرصة من جانب ولامتصاص آثار المواجهة من جانب آخر. ولكن إذا تم اللجوء للطرق القديمة بهذا المسار فليس من المتوقع أن يتمخض عنه حل سياسي ينتهي بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وذلك بسبب تعنت اليمين الصهيوني والمماطلة والتسويف المعتاد وعدم وجود إرادة أميركية في فرض حل سياسي دولي على اسرائيل بإقامة الدولة الفلسطينية وبالتالي لن تغدو هذه سوى جولة من جولات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
لكن هناك مسار آخر وأهم من هذا المسار ولكنه ليس متضادًا معه. يرتكز هذا المسار على قوة الموقف الفلسطيني وتوحد الشعب الفلسطيني والاستفادة من هذا الدعم العالمي غير المسبوق لحقوق الشعب الفلسطيني وهو المسار الوحيد الكفيل بتحقيق الطموح الفلسطيني. ولكن هناك شروط لذلك والتي من أهمها وحدة القيادة الفلسطينية والتوافق على استراتيجية واحدة يكون عمادها صمود الشعب الفلسطيني ووحدته ومقاومته للاحتلال ثم تحويل الدعم الشعبي العالمي للضغط على دولها لتبني سياسات مناهضة لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي وابتعاد القيادة الفلسطينية عن سياسة المحاور الإقليمية، واخيرًا أن تعتمد هذه الاستراتيجية على النفس الطويل تجعل كلفة استمرار الاحتلال أعلى بكثير من بقائه وهو السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
هناك فرصة تاريخية تتطلب استراتيجية فلسطينية جديدة لتغيير مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.