متعافون من "الكورونا" يروون قصصهم مع الإصابة
جفرا نيوز - (كأنني فقدت كل شيء)..بهذه العبارة عبرت الشابة رنا الحياري احدى المتعافيات من كورونا عن تجربتها بفقدانها لحاسة الشم اثر الإصابة والمحاولات الحثيثة لإعادتها والتي استردتها بعد 3 أشهر من التعافي.
لم تخف الحياري في حديثها مع «الرأي»، انها جربت جميع العلاجات الطبيعية التي سمعت عنها كالقرنفل والعطور وغيرها لتدريب حاسة الشم لديها، إلا ان ذلك لم يُجدِ نفعا، الى ان وجدت انها لن تستطيع الاستمرار بالعيش بهذا الوضع، فقررت مراجعة احد اختصاصيي الأنف والأذن والحنجرة، والذي وجد ان هناك عاملا اخر غير الإصابة بكورونا يمنع رجوع الشم اليها.
واضافت ان الطبيب وبعد التشخيص، أكد انها تعاني من انحراف الوتيرة الشديد واللحميات الأنفية، والتي تمنع عودة الحاسة اليها، وبعدها بدأت بفترة العلاج اللازمة الى ان استردت الشم بعد معرفة الأسباب وعلاجها، مؤكدة ان الحياة وطعمها عادت اليها.
وفي تجربة أخرى لإحدى السيدات التي فضلت عدم ذكر اسمها، قالت «الى الان لم استرد حاستي الشم والتذوق بعد اصابتي بكورونا في شباط العام الحالي، ولا اشعر بطعم الأشياء ابدا، حتى انني اشتقت لمأكولات كثيرة اشتهيها، لكنها في الوقت ذاته سمعت من اشخاص كثيرين مروا بنفس التجربة ان لا تقلق لأن الحاستين ستعودان اليها في وقت ما».
وأضافت ان المشكلة الأكبر التي تعاني منها جراء ذلك كونها ربة منزل ولديها أطفال، هي عدم قدرتها على شم الأشياء، ما أوقعها في مشاكل عدة كادت ان تتحول لكوارث لولا لطف الله، مثل احتراق الخبز الذي كانت تسخنه لأولادها ونسيانها له وعدم شعورها وانتباهها لذلك، وكاد ذلك ان يتسبب باحتراق مطبخها لولا إدراك ابنائها وتدارك الموضوع بعد ذلك.
أما الشاب محمد سلامة والذي يبلغ من العمر 25 عاما، أكد انه فقد حاسة الشم اثر اصابته بكورونا قبل 5 أشهر، ولم تعد اليه الى الان بشكل كامل، ما جعله يراجع احد الأطباء خصوصا انه شفي تماما من الفيروس ولا يعاني من اية امراض او أعراض أخرى، وحاليا يخضع لبروتوكول علاجي تحت اشراف طبي، على امل ان يعود اليه بشكل كامل، مبديا تأثره نفسيا كثيرا بسبب عدم قدرته على العودة بشكل طبيعي عما قبل اصابته بالفيروس.
من جهته، قال اخصائي واستشاري الأذن والأنف والحنجرة الدكتور جهاد الحميدي في تصريح لـ «الرأي» ان المدة الطبيعية لعودة حاستي الشم والتذوق بعد التعافي هي من اسبوعين لشهرين كحد أعلى»، داعيا الجميع الذين تجاوزوا هذه المدة الى مراجعة الطبيب المختص وعدم إهمال ذلك لدراسة أسباب عدم عودتها، خصوصا ذوي الأعمار الصغيرة والذين لا يعانون من أية مشاكل صحية أخرى.
واضاف ان حاسة الشم بالأصل لا تكون عادة 100% للجميع، لأن كل شخص لديه انحراف بالوتيرة بدرجات مختلفة، لذا من يصابون بكورونا ويفقدون حاستي الشم والتذوق فإن اسبابها ومدة عودتها تختلف من مريض لاخر، فهناك من يفقدها كليا، واخرون تقل لديهم بدرجة معينة، وغيرهم لا تؤثر عليهم أبدا، لأن المستقبلات الشمية التي لها القدرة على التمييز والإحساس بالمواد الكيميائية المفرزة تختلف باختلاف العوامل المسببة ومن شخص لاخر.
واشار الى ان هناك عوامل أخرى مرتبطة باستمرار فقدان الحاستين بعد التعافي من كورونا تمنع عدم عودتها بشكل طبيعي، كوجود التهابات جيوب انفية علوية مزمنة بالقرب من الطبقة الشمية لبعض الأشخاص، او وجود لحميات وانحراف الوتيرة الشديد لديهم، بالإضافة للتحسس الربيعي المزمن، وجميعها تؤثر على قوة الشم بالوضع الطبيعي، وتزداد لدى البعض عند الإصابة بكورونا.
ونوه الحميدي، ان من تكون لديهم مشاكل صحية كالسكري والضغط والجلطات واللحميات وغيرها، من الممكن ان يصبروا مدة على فقدانهم للحاستين لأن الأسباب واضحة تكون لعدم عودتها وهي ضعف العصب لديهم من الأساس جراء تلك المشاكل الصحية، اما الشباب الصغار والذين لا يعانون من اية مشاكل صحية فعليهم عدم السكوت ومراجعة الطبيب المختص بعد مدة تزيد على 8 اسابيع لفقدانها لمعرفة الأسباب.
وعن البروتوكول العلاجي لحالات فقدان حاستي الشم والتذوق للمتعافين من كورونا، اوضح انها عبارة عن بروتوكولات علاجية تعمل على تقوية المستقبلات الشمية وازالة الاحتقانات والمسببات، وهي تختلف من مريض لاخر، كما ان الأدوية مختلفة أيضا، لافتا الى ان العلاج يعتمد على الحالة والتاريخ المرضي والعمر والمسببات للشخص.
ولفت الحميدي الى ان بعض المراجعين والمرضى استعادوا الحاستين بعد البروتوكول العلاجي لهم بخمسة ايام، واخرون بعد اسبوعين، وفي حالات اشد بعد شهر من العلاج، ومن الممكن ان لا تعود، مؤكدا ان العلاج بسيط جدا وتكلفته قليلة ولا يحتاج الى عمليات في احيان كثيرة.
وفيما يتعلق بالحالة النفسية للمرضى، شدد على ان فقدان الشم والتذوق جراء كورونا تؤثر على نفسيتهم بنسبة تزيد على 80%، فغالبيتهم يعانون نفسيا بسبب ذلك، وبالتالي عدم قدرتهم على العودة الطبيعية لحياتهم.
وحول احتمالية عدم عودة حاستي الشم والتذوق نهائيا لبعض المتعافين من كورونا، قال الحميدي «ان الدراسات ما زالت تجرى لمعرفة ذلك، الا انها واردة اذا اثرت الإصابة على الرابط الأساسي لناقل العصب».
واما بخصوص العلاجات الطبيعية لاسترجاعها، فاعتبر أنها لا تفيد بأحيان كثيرة، ويجب دراسة الحالة لمعرفة الأسباب وحل المشكلة.
الرأي