المزيد من الاراضي والقليل من العرب ..
جفرا نيوز- كتبت: مجد عباسي
في التأريخ التقليدي، تظهر الثورة والقضية على أنها مجال تصطدم فيه طموحات الشعب مع الواقع والمنطق والانسانية لكن الأيقونات تكذب لان من يدفع ثمن مناظر الشوارع، المحاكمات، التجمعات، النهب، التنفيذ، الاجرام، الارهاب، الدعم للجيوش المغادرة هم الشعب فقط ! أخبار ثقيلة من تلك التي تم عرضها على جميع شاشاتنا لعدة أيام عندما تقوم إسرائيل، بطرد العائلات الفلسطينية في القدس الغربية، بقمع مسلح قوي ضد الفلسطينيين، ولا سيما أولئك الموجودين في القدس وأراضي غزة ... اختفى اسم إسرائيل من الخطب ليحل محله إعادة صياغة عبارات عنف لم يسمع بها من قبل مثل "العدو الصهيوني" أو "الحكومة الإجرامية" أو حتى "الكيان السرطاني" لكن كلها مسميات تؤكد ان
" الوطن في خطر"
انتفاضة جديدة كانت متوقعة منذ زمن طويل ….. بالطبع، لا ينبغي للمرء أن يعمم أكثر من اللازم، يعتمد اختيار المصادر على السياقات التاريخية والاجتماعية المختلفة، وكذلك على الوسائل المختلفة لنشر الأفكار من أجل إعادة بناء الواقع بكل تعقيداته، اهتموا بشدة بالجوانب السياسية لهذا العصر! فهناك إغراء كبير للجوء وراء المراجع التاريخية، وليس من المناسب دائمًا فهم الحاضر من منظور متطرف وربما لإلقاء الضوء على تحديات العالم والعبث المأساوي لعملية السلام.
انتقل الوضع الاجتماعي – الاقتصادي السياسي والانساني في الأرض الفلسطينية المحتلة من سيئ إلى أسوأ فتاريخ فلسطين هو محور تاريخ القانون الدولي، كان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي نشأ عن قيام دولة إسرائيل عام 1948 والحروب الإسرائيلية العربية المختلفة، مناسبة لجلسات عديدة للأمم المتحدة وقرارات عديدة، المفاوضات كانت مرهقة، والاتفاقات الغامضة لم تقدم سوى أنصاف الحلول التي لم تكن عادلة للفلسطينيين فالتسويف والمماطلة والبطء والضغط والرفض، لسبب أو لآخر، وعدم التقيد بتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها فقد تحولت المفاوضات إلى مسرح من العبث دون وجود أي حلول في هذا المجال ويؤدي عمليا إلى هذه "الإبادة الجماعية" التي نشهدها الان.
على الصعيد الدولي، كان ينظر إلى قضية فلسطين منذ سنوات عديدة فقط من منظور "مشكلة اللاجئين"، دون الأخذ بعين الاعتبار حقيقة الهوية الفلسطينية لهذه المنطقة فقد سمح تدهور الوضع وإسرائيل لتقوية إمكاناتها من أجل متابعة النمط الذي تريده الحركة الصهيونية، وهو "المزيد من الأراضي وعدد أقل من العرب".
الشعب الفلسطيني محروم من كل نفوذ سياسي أو اقتصادي أو عسكري أو إعلامي لكنه جزء أساسي من معادلة السلام في الأرض المقدسة والشرق الأوسط لسوء الحظ، تم نسيان الشعب الفلسطيني لفترة طويلة لقد نسيته الحركة الصهيونية منذ البداية التي عُرف شعارها "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" وكأن الشعب الفلسطيني ببساطة غير موجود وصلت القضية إلى مرحلة الاعتراف وتحظى باهتمام متزايد باستمرار، مما يبرز الحاجة إلى حل قضية الشعب الفلسطيني حتى يعود السلام إلى الشرق الأوسط فإن تقارير الأمم المتحدة المختلفة تسلط الضوء على استمرار عدم احترام إسرائيل لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، واستمرار الاستعمار والاستيلاء على الأراضي بالقوة ولا تزال معاملتهم غير المتكافئة قوية للغاية والاستمرار في قمع شرس للانتفاضة في فلسطين المحتلة وإفشال أي دبلوماسية فلسطينية يقوم بها ممثلها منظمة التحرير الفلسطينية، تم فتح الطرق الالتفافية في خدمة المستوطنات، مما أدى إلى تدمير الجغرافيا الطبيعية والبشرية للأراضي المحتلة على الرغم من هذه التطورات القانونية الملحوظة، لا يزال الانسداد شاملاً.
الفلسطينيون يرون أراضيهم تتقلص ولكن صور فلسطين محفورة في ذاكرة الأجيال الشابة بدقة كبيرة فالتاريخ الشفوي يعمل كمخزن هوية، حيث يتم إعادة قراءة صور الماضي وتزيينها في ضوء الصعوبات التي يعاني منها العديد من الفلسطينيين حاليًا، لم يعد المخيم مجرد مكان للعيش فيه، بل أصبح للمفارقة رمزًا للنزوح، بمعنى أنه تجسيد مكاني له، وكأن كل فلسطيني قد حمل معه قطعة من أرضه وما كان لديه. هذا هو ما يؤسس العلاقة بين الذاكرة والأرض لم تعد مجرد مسألة إثارة تعاطف المجتمع الدولي، كما كان الحال حتى هذا الوقت بل اصبح الخوف من الاستيعاب مقابل الخوف من الانسحاب "الخوف هو الانجراف الديمقراطي، والانسحاب إلى الذات" فلا سلام ولا أمن ولا استقرار في الأرض المقدسة والشرق الأوسط دون الاعتراف بالحقوق المشروعة والشاملة للشعب الفلسطيني. لن يتحقق السلام بالعنف أو التفجيرات أو الاغتيالات أو الاعتداء على أرواح الأبرياء (من الجانبين) بطائرات إف 16 أو الصواريخ او الفسفور المحرم دوليا !! أو هدم المنازل أو اقتلاع الأشجار أو بناء الكانتونات أو بناء المستوطنات أو توسيعها ولن نستطيع ان نهرب من دورات العنف التي لا نهاية لها فالأساليب التي تزرع الموت لا تبني السلام.
فلسطين لنا .. من نهر (الأردن) إلى البحر (المتوسط) ومن الجنوب إلى الشمال .. لن نقدم أي تنازلات ولن نتنازل عن شبر واحد من أرضنا. نحن لن نعترف ابدا بشرعية الاحتلال الاسرائيلي فاسرائيل ليس لها شرعية وأي إجراء أحادي الجانب بالنسبة لنا سيأتي بنتائج عكسية ….. أبعثو الأمل لهذه الأجيال الشابة القادمة لان العقاب بات حليفهم ولن تمر هذه المجازر بدونه والدبلوماسية هي فن التسوية لكن تحت هذه الحقيقة يمكن أن يخفي الغموض!
اتركوا فلسطين وشأنها … وأخرجونا من هذا الخراب لان الاتفاق مع الفلسطينيين على أساس طوعي مستحيل فالشعب الفلسطيني واضحًا في نواياه ولن ينسى أن لديه أرضًا ولغة فإذا كنتم تريدون قتل شعب ما فاقطعو لسانه!