انتفاضة الأقصى ودروسها الكبيرة

جفرا نيوز- كتب: د. محمد حسين المومني

يحل علينا العيد ومشاهد العنف الذي يتعرض له المقدسيون في الأقصى الشريف تخيم على بيوتنا وعيد الفطر المبارك. حالة عامة من الحزن والبكاء، مختلطة بمشاعر الاعتزاز والكرامة، جراء ما يحدث، حيث يواجه الشعب الفلسطيني الأعزل استهدافا ممنهجا عنيفا من قوات الاحتلال في القدس وغيرها من المدن. ما يحدث له ابعاده الانسانية المؤثرة والكبيرة ألقت بظلالها على المشهد الاردني الفلسطيني والعربي والعالمي. الفلسطينيون يواجهون ظلم الاحتلال بكرامة مدافعين عن حقهم في العبادة في الاقصى الحرم القدسي الشريف، ويدافعون عن العائلات المقدسية في حي الشيخ جراح الذي يحاول الاحتلال ترحيلهم عنه.

لم تخل الاحداث الدائرة من محاولات التسييس والاستقطاب، فالعالم الغربي منحاز بشكل كبير لإسرائيل كما هو دوما، وقلة هي الأصوات التي تعيد الاحداث لأسبابها الاولى والأصيلة وهي الاحتلال والظلم والقهر. اصبحت القصة بالنسبة لكثيرين فقط الهجمات التي تتعرض لها اسرائيل دون ذكر ان اسرائيل في هذا الموقف بسبب استهدافها للمقدسيين ولعائلات الشيخ جراح. اسرائيل دولة محتلة وهي التي تمعن باستهداف الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية والانسانية وتصر على سلب الفلسطينيين حقوقهم.
أول وأهم رسالة مما يحدث معنية بها اسرائيل وقادتها واحزابها، ان المقاومة ستستمر وإن بأشكال مختلفة، وان الزمن لن ينسي الفلسطينيين حقوقهم، بل ان الجيل الثاني من الفلسطينيين متمسك ومتشبث بالأرض بدرجة لا تقل عن اجيال النكبة والنكسة، وانهم قادرون على الإتيان بنماذج مقاومة نوعية وابداعية تؤكد ان لا نهاية لهذا الصراع الا بإحقاق العدالة واعطاء الفلسطينيين حقوقهم التي نص عليها القانون الدولي. ثاني الرسائل للشعب الفلسطيني ومن خلفه العربي والاسلامي هي انه لن يضيع حق خلفه مطالب ومثابر وان استمر ذلك لأجيال، وثالث الرسائل للمجتمع الدولي ان الوضع الحالي باستمرار الاحتلال غير مستدام وجمر تحت الرماد سيثور بوجهنا دوما ما لم نحقق العدالة ونحل هذا الصراع الأعقد والأطول في التاريخ الحديث.

ربما ستنتهي الاحداث الجارية حاليا بوساطات سياسية من الاقليم او دولية، ولكن كما دوما ستعود لتظهر دوامة عنف جديدة اذا ما استمر الحال بالتعامل مع اعراض المشكلة وليس جوهرها وهو الاحتلال. هذا ما يقوله الاردن دوما اننا يجب ان نتحلى بالواقعية والشجاعة لإنهاء هذا الصراع، ولا بد من حلول يقبل بها اصحاب الارض الفلسطينيون، وبغير ذلك فنحن ندور في حلقة مفرغة ستأتي بالعنف تباعا وعلى مراحل. حل الدولتين هو الذي يعطي العدالة المعطلة وغير الناجزة للشعوب المقهورة وليس القوة والبطش، وهذا من شأنه ان يضع الاساس القوي لسلام عادل وراسخ ومستدام، وان يتحول العنف والاستهداف لتعاون وبناء مشترك بين شعبين جارين. الجيرة السلمية بين رفقاء السلام هي ما سيجلب الامن والاستقرار للمنطقة ولإسرائيل وليس بناء الجيوش والترسانات التي تبين عجزها عن مواجهة المقاومة النوعية التي ابتدعها المقدسيون المقاومون.