الشرق الأوسط .. موسم التسويات
جفرا نيوز - فارس الحباشنة
ازدحام بالاخبار، وتهافت اقليمي نحو التسويات الكبرى، وهل هي عملية فرز واعادة انتاج لرابحي وخاسري ازمات وصراعات للعشرية الاخيرة من القرن الحادي والعشرين، وهي الاسوا في تاريخ العرب والشرق الاوسط؟
الشرق الاوسط شهد خلال السنوات الماضية الساخنة والملتهبة مزيد من تفاقم الصراعات والحروب ومحاولات لتغيير خرائط وادوات النزاعات والنفوذ ومراكز القوى الجيوسياسية والنزاع على الطاقة ومواردها .
وكما يبدو فان عام 2021 سيكون مختلفا لحد ما، فالمنطقة على موعد مع تحولات جيوسياسية مع وصول الرئيس بايدن الى البيت الابيض . والانقلاب على حصاد ترامب واعادة ترسيم المشهد الجيوسياسي في الاقليم، وذلك من خلال الحفاظ وحماية واشنطن للتطبيع العربي الجديد من اسرائيل، والى جانب حفاظ ايران على مكاسبها في «مباحثات فيينا النووية «، واحياء الاتفاق النووي بكامل نصوصه والتزاماته، ورفع العقوبات الامريكية عن ايران .
واذا ما مضى سيناريو «مباحثات فيينا» على ذات الوتيرة من تفاؤل ايران وحلفائها، فان الاقليم مقبل على انقلابات محتملة تتجاوز التفاوض في فيينا حول النووي الايراني، ويدخل في ترسيم حدود مراكز ومعادلات القوة والنفوذ وحسابات الاطراف الاقليمية المتداخلة في ازمات مستعصية، كسورية ولبنان واليمن .
الثابت والمتغيير في الاقليم سوف يغير في الازمة السعودية والايرانية، وفي بناء علاقات اكثر ايجابية وتقارب دبلوماسي وسياسي، وانفراج في التوتر في علاقة بلدين يطلان على ضفاف على الخليج، ويشتبكان في اكثر من حرب وصراع في الاقليم .
نعم، هناك حقائق سياسية جديدة في الاقليم .. انفراجة في العلاقة السعودية -الايرانية، واستدارة تركية نحو مصر .
بمعنى جيوسياسي حلحلة للعلاقات السياسية الجامدة والمتوترة في الاقليم . والسؤال الاهم في الراهن الاقليمي ما هي الخطوة التالية؟ وبينما ينخفض مستوى التوتر والخلافات، ويجف وتتغير نبرة الخطاب التصعيدي، وتفتح قنوات للحوار السياسي والدبلوماسي، وتحمل مؤشرات الى رفع الملفات من «ارض الصراعات» الى طاولة الحوار والتفاوض .
مباحثات فيينا النووية « الفقرة القنطرة « في الاجواء الجديدة في الاقليم المشبعة بالايجابية السياسية . وما بعد احياء الاتفاق النووي الايراني، تكون
طهران ربحت معركتها مع امريكا والغرب وما حققت من مكاسب سياسية واقتصادية، وحمت مشروعها النووي، وقابلة ومستعدة للتنازل عن تشددها وتصلبها في اوراق الضغط التي تملكها في الصراعات والازمات الاقليمية، وكذلك يمكن الحديث عن ايران جديدة، وايران ما بعد النووي .
الاطرف الاقليمية والدولية تستعد بحذر لما بعد مفاوضات فيينا . والحديث عن انفراج وهدوء سياسي في الاقليم لربما سبق الاعلان رسميا عن
نهايات ل»مباحثات فيينا» . ولكن يبدو انه يحمل رسائل من اللاعبين الكبار في الاقليم بضرورة واهمية فتح صفحة جديدة .
لغة الحوار بدل الصدام والحرب . ايران بعثت رسائل طيبة، وكذلك السعودية، وفي المقابل فان القاهرة وانقرة تمضيان نحو الخروج من مربع التازيم والتوتر واحياء العلاقات السياسية بين البلدين الكبيرين .
في العلاقات السياسية القرار لا ياتي بكبسة زر . فلا بد من طاولة حوار اقليمي، ولابد من تسوية للنزاعات والصراعات، ولابد من لغة جديدة مشتركة
تتجاوز المختلف والمتناقض من حقبة الصراعات والنزاعات والحروب .. ووضع مقاربات سياسية لفتح صفحة جديدة، وعلاقات اقليمية يحكمها لغة
المصالح والسياسية بعيدا عن التوتر والحروب والاشتباك والمواجهات العسكرية سواء المباشرة او بالوكالة .
في الاقليم ازمات جوهرية تنتظر بفارغ الصبر ان تبدا ماكينة العلاقات الجديدة بالسير في الاقليم . ازمات اقليمية تبدا من سورية التي حسمت حربها مع الارهاب وتنتظر تسوية سياسية، واليمن في الخاصرة السعودية وحرب اللانهايات لا يعرف فيها من هو الخاسر والرابح . والازمة اللبنانية على تعقد مفاعيلها، فعلى يقين ان اي حلحلة للعلاقات السياسية الجديدة في الاقليم سيفضي الى المساعدة على خلق « تسوية لبنانية» .
ازمات وصراعات الاقليم قابلة للتقايض والمبادلة في المصالح والنفوذ . والتفكير بواقعية وعقلانية سياسية، فهناك صراعات ونزاعات وحروب شبه حسمت ميدانيا، ولصالح اطراف وطنية ومحلية واقليمية . في الازمة السورية ما عاد لاطراف اقليمية قوة تاثير واوراق للضغط بها،ولم يعد امام دول كثيرة الا ان تلعب دورا ايجايبا لعودة سورية الى مجالها العربي، ورفع منسوب الاستثمارات واعادة اعمار سورية واحياء العلاقات والشراكات الاقتصادية .
العراق جسر تفاهمات، ونقطة ارتكاز في الدبلوماسية الاقليمية بين ايران والاقليم . ومصر في ازمتها في الجنوب والسد الاثيوبي اكثر ما تجتاج الى توزان اقليمي وانفتاح اكبر على الشرق الاوسط والبحر المتوسط، وتدوير تحالفاتها في ملف الطاقة والغاز الطبيعي في المتوسط .
الحديث عن صفحة جديدة في العلاقات الاقليمية وتخفيف الصراع والخلافات بين دول الاقليم مدخل لاعادة بناء الاقليم المدمر بالحروب والصراعات وتراكم الازمات، ولكن يكون ذلك حتما مقبولا دون اي اعادة اعتبار للقضية الفلسطينية، وما تتعرض اليه من تصفير جيوسياسي وانتكاسة، وتراجع بفعل التطبيع العربي الجديد، وانحصار حلفاء القضية الفلسطينية اقليميا ودوليا .
و الاخطر ان اسرائيل بشدة هشاشتها السياسية فانها تناور وتستغل الرخاوة والاندفاع العربي نحوها لتصنع موجة جدية من القوة الاستراتيجة الاسرائيلية، ولتدافع عن مصالحها الاقتصادية الكبرى، ومشروعها التوراتي الاسطوري في اوهام اسرائيل الكبرى، واسرائيل القوية .
لربما ان ما يجري في الاقليم هوالفرصة الاخيرة للعرب اولا، وذلك لكي يخرجوا من مربع الازمات المتراكمة، وترميم الانهيارات الكبرى التي اصابت الحواضن العربية العريقة من دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء وطرابلس، وما اخشاه ان يضيع العرب الفرصة من بين ايديهم .