وبعدين مع هالتعيينات !.
جفرا نيوز- كتب: ابراهيم عبدالمجيد القيسي.
لو قررت أن أكتب دفاعا عن قرار الحكومة بتعيينها الأخير لهيئة الاعلام، لقلت هيئة غير مهمة ولا أثر لها على تحسين او "تصليح" حال الإعلام، فليس فرقا كبيرا ان تعين فيها صحفي أو أن تعين من ينتحل صفة صحفي.
ولو قررت (وأنا أميل لذلك) أن أنتقد الحكومة على مثل هذه التعيينات، لقلت (شو علاقة هذا الشخص بالإعلام)..
لكنني لن أتحدث فقط عن الشخص والقرار والحكومة التي لا تدرس او تتوقع ردود أفعال الناس حول قراراتها، وتحاول ان تهمل (الشعبويات) في القرارات الشعبوية، بينما تطارد الشعبويات وتطلبها من إجراءات وقرارات غير شعبوية!.
كصحفي؛ ملتزم بخط وخطاب الدولة، سئمت بصراحة، جراء الخيبات الكثيرة التي تقترفها مؤسسات باسم الدولة، وحين تفكر في بعض القرارات، تحللها، تجمعها، تطرحها، تقسمها، في كل العمليات النتيجة سلبية، وذات مردود صفر في أفضل الأحوال، ولا نحصد نتائج "أفضل الأحوال" دوما، بسبب النفور العام الكبير من الحكومات وغياب الثقة بينها وبين الناس.. يعني الحسبة دوما خسرانة، وفيها خيبة أمل مؤسفة.
قبل فترة وجيزة وفي واحدة من مقالاتي، ذكرت مثالا عن عدد مشاهدي أو متابعي فيديو شاهدته على الانترنت، وكان موضوعه (كيفية سنّ سكاكين المطبخ، وجعلها حادّة)، وحين كتبت المقالة كان عدد مشاهدات الفيديو حوالي 4 مليون، وقبل أيام صادفت الفيديو نفسه، فإذا بمشاهداته قد تضاعفت خلال شهر، وربما ستتضاعف أكثر، لأنني شخصيا صادفني أكثر من مرة، وأضيفت هذه المرات لعداد مشاهداته، علما أنني اعرف مسبقا كيف (أشحذ) سكينا على قاع فنجان، أو على أي زاوية صلبة حادّة.. وأبشركم (انتو بتستاهلوا) بأنني اكتشفت أيضا ان هناك فيديو على الانترنت، مشاهداته حتى ظهر اليوم 10مليون، وموضوعه (كيف تعمل فلافل مقرمشة)..الاكتشافات ليست خسارة بالناس.
أنا لست عانل فلافل في مطعم، ولا لحاما ولا اعمل في أي مطبخ، يعني لا تلزمني هذه الثقافة، حتى لو كان معي فيها شهادات عليا، فهي بالنسبة لي ولحياتي غير مهمة، ويوجد ألف مجال آخر أهم في حياتي، لكن الانترنت موجود بين أيدي أغلبية، ولا يبحثون عن معلومة، فهم يتركون القيادة لتلك التطبيقات، التي أصبحت إحصائياتها هي التي توجه قرارات الجهات الطارئة على المشهد وعلى الفكرة وعلى العمل العام، حيث يكتفي بعض المسؤولين بإحصائيات عداد (فيديو شحذ السكاكين)، لتبرير تعيين صاحبه رئيس مجلس إدارة لهيئة صناعية رسمية ربما في تصنيع السلاح، فالسكين سلاح أيضا، والذي يستطيع أن يشحذها، بنفع وزير تصنيع عسكري.. وما زالت القافلة تسير.
الاعلام الرسمي، منكوب، وأهم أسباب نكباته التي أصبحت نكبة دولة، تتجلى بانهيار ثقة الناس بمؤسساتها وإداراتها من كل المستويات، ورغم هذه النكبات المتلاحقة، تستمر الأخطاء الرسمية، ويهبط على المؤسسات الإعلامية غير مختصين لإدارتها في زمن دقيق وصعب، والمشكلة أننا نستبشر خيرا بتغيير الحكومات، كل مرة، لكنها تقترف الأخطاء نفسها كل مرة أيضا.
من المفاهيم التي تداولها الناس حول قرار الحكومة تعيين مدير جديد لهيئة الإعلام:
مفهوم خالف تعرف تكسب..وتصبح موظفا في الفئة الإدارية العليا.
ومفهوم ليس مهما التخصص لتدير مؤسسة او قطاعا في الحكومة..
ومفهوم خطير آخر متعلق بالمبادىء، فليس مهما حرصك وولاؤك للدولة، فالنطنطة على الحبال لم تعد مبدأ لا أخلاقيا، بل هي رشاقة وإدارة وصحافة أيضا أمام جمهور من السمينين البليدين البلهاء.
ولا يهم الأسلوب المهم أين يمكنك أن تصل.
واشتمهم بأقذع ما يمكنك تبلغ أقصى ما يمكنهم لمكافأتك.
بينما أنا وكثر غيري ما زلنا نتمترس بثقافة واحدة ونتمسك بالسير على خط واحد، ويبدو أننا لسنا بتلك الرشاقة لنتقافز على الخطوط والحبال، ولا يمكننا التخلي عن ثقافة الالتصاق بالدولة وخطابها، رغم أن مؤسساتها الاعلامية مفتوحة لكل متسلق للاعلام والصحافة، وممنوعة على ابناء المهنة والدولة.
بِعْ بأقل الأثمان، واسترح.