غياب سلطة الدولة عن هذا

جفرا نيوز - فايز الفايز
الكراهية ليس أصيلة في نفس الإنسان، ولكن الله شرح لنا كيف نبتت تلك الشجرة الخبيثة منذ بدء خلق أبونا آدم وحواء، والبداية كانت مع إبليس، ولم تنته في أي عصر من العصور، بل لا تزال بيننا قطوف سرطانية قاتلة تختبىء في عقليات العديد من المتخلفين ومنزوعي الرحمة، إذ نرى في شهر رمضان، شهر الرحمة والغفران والهدوء والسلام والطاعة وإعادة شحن طاقة الجسم لتخلص من الشيطانيات التي تلبستنا خلال عام، نرى كيف يُقتل المواطن بكل سهولة وُيسرّ وبإطلاق النار أو الطعن، وكأن القصة نزهة صيد لأرانب برية.

في أوروبا واليابان وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية باستسلام اليابان والمانيا، قرأت تلك الشعوب حقبتها التاريخية التي خلفت عشرات ملايين الضحايا موتا وعاهات، فالحرب حصدت الرجال ودمرت البناء، ومن واقع تاريخهم أخذوا العبرة والموعظة وشعروا بالخوف من أنفسهم لا على أنفسهم، ففي المانيا خلال سنتين من نهاية الحرب 1945 كانت المدارس تستقبل الأطفال، والنساء يشاركن في الأعمال، والأتراك يبنون لهم العمارة، وكل ذلك بصمت، وسيطرت هذه الحالة على بقية الدول التي لم تقع تحت الحكم السوفييتي، حتى الكتلة الشرقية من أوروبا استسلم? للسلام، وهذا ما دفع بالعلماء ليصنعوا المستقبل العظيم لأوروبا الذي شهدناه متأخرين عنه ألف سنة.

العلماء والمفكرون والفلاسفة هم الذين قادوا حركة التنوير وتطوير العقل الذي كان يحمل البندقية حتى قبل أشهر، ثم تحول صاحبه الى آلة الإنتاج، وعلى ذلك الإيقاع جاءت الحكومات الديمقراطية التي يقودها عمالقة، حتى في الكتلة الشرقية كانت التحولات لرفاهية المجتمع علميا وصناعيا مدعومة من قلعة البيروقراطية في الأنظمة الشمولية الدكتاتورية، فكانت القيادات تعمل بإخلاص لحماية أوطانهم ومواطنيهم مقابل ولاء المواطن للدولة أو الحزب، أما ما نراه في عالمنا العربي، فلبا ولاء للدولة ولا انتماء لحزب، وهذا ما سبب تحكم طبقة أولغاريشية?توزع على أعضائها مكتسبات لا حق لهم بها، ما جعل الكراهية يدعمها الخوف تملأ قلوب الناس.

الخلاصة: لقد ساءنا ما رأينا وما قرأناه خلال الإسبوع الماضي من تكرار واستجرار لنفس المفردات وذات الهرطقات وبسطات الكراهية التي قدمتها لنا منصات التواصل غير الناضج وغير السويّ، والتي جعلت الأرنب يتفاخر بظله فيظنه أسدا، واتاحت للصغير جدا أن ينابز الكبير وأن يزوّر التاريخ ويدعي بالباطل أصلا غير موجود، ويفح على شقيق وطنه بسوء الكلام، ومنهم من نصبوا أنفسهم أئمة لمحاكم التفتيش الجديدة،فيحللون ويحرمون، والأخطر من ذلك أن سلطة الدولة غائبة عن كل هذا، فهي تتحرك متى تشاء وتصمت متى شاءت، وهذا ما لا يحمد عاقبته، فأساس ب?ائنا إخوة هو الاستقرار الحقيقي لكافة الناس دون تمييز، ليس المواطن فقط بل وحتى أي إنسان يعيش بيننا، فنحن الأصل وعلينا واجب الردع لنبقى ذوات راقية، لا مخلفات باقية.

Royal43@hotmail.com