الجيش العربي الأردني.. الحارس الأمين والسند القوي للأمة !؟

بقلم : هشام الهبيشان 

لقد كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه حارساً أميناً وسنداً قوياً لكل قضايا الأمة العادلة، ولايمكن لأحد اليوم ان يزايد او ان يتمادي اويتغاضى او ان يزرو حقائق التاريخ، فالجيش العربي الاردني، قدم مئات الشهداء لفلسطين وهذا واجب عليه، ومقابر شهداء الجيش العربي الأردني بالقدس وما حولها هي شاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل دفاعه عن قضايا الأمة العادلة، ولكل من يزايد اليوم ويحاول تشويه صورة وتاريخ وتضحيات وأمكانيات هذا الجيش، أدعوه اليوم لقراءة التاريخ جيداً، فهو الحكم والشاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل قضايا الأمة العادلة ، والقضية ليست قضية أمكانيات ، بقدر ما هي قضية مبادئ راسخة وثابته.

وبالحديث عن المراحل والتحديات والتضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني للأمة العربية ولفلسطين تحديداً، نقرأ بالتاريخ انه ومن خلال معارك فلسطين بالعام 1948، فقد كان للجيش العربي الاردني دورآ فاعلاً بهذه المعارك وبمواجهة المحتل الصهيوني، رغم أنه أقل الجيوش العربية عدداً وعدة، ومع ذلك كان هو صاحب الانتصارات في حرب 1948، وقد استطاع الجيش العربي الأردني أن يحقق انتصارات ميدانية مهمة واستثنائية، وكانت ثمرة البطولات العسكرية الأردنية أن تم الحفاظ على القدس وطرد الصهاينة منها وإفشال المخططات الصهيونية، آنذاك، في احتلال الضفة الغربية، التي خاض فيها الجيش العربي الأردني معارك ضارية، ومستميته، ويعود له وللجيش السوري الفضل الميداني، الوحيد، في الحفاظ عليها، وقد حددت مهام الجيش الأردني بمعارك 1948 بالزحف نحو القدس ورام الله فقط فحررهما إلا أن تخلف القوات العربية الأخرى أدى إلى إتساع جبهة القتال الأردنية، وهنا يقول "بن غوريون – الزعيم الصهيوني ورئيس وزراء إسرائيل "- إن مصير الحرب، يتوقف على القتال بين الجيش الإسرائيلي، والجيش الأردني، فإما أن يخترق الجيش العربي الأردني مثلثنا، أو أن نقوم نحن، باختراق مواقعه، فإذا نجحنا، نكون قد أوشكنا أن نكسب الحرب، فالجبهة الرئيسية التي تواجهنا، هي التي يتمركز بها الجيش الأردني، في منطقة القدس وجبالها (منطقة وسط فلسطين)، وليس تلك التي يتمركز بها الجيش المصري في النقب، أو باقي الجيوش في الجليل”.

وقد خاض الجيش العربي الأردني أكثر من 44 معركة واشتباك مع القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية ما بين عامي (1948-1967)، أهمها معركة السموع في لواء الخليل، انتهت جميعها بالنصر وبدحر القوات الصهيونية الغازية، ومن اهم المعارك التي خاضها الجيش العربي الاردني بمدينة القدس هي معارك اللطرون وباب الواد والنوترادم و هي خير دليل على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الاردني بفلسطين، فقد استمرت معركة اللطرون تحديدآ من 15 مايو حتى 23 مايو 1948، وكانت مقدمة لتحرير القدس وإخراج القوات الصهيونية منها حيث استطاع 1200 جندي أردني من الدفاع عن القدس وتحريرها بمقابل 6500 إسرائيلي، و كانت خسائر القوات الإسرائيليه كبيره في هذه المعركة ،وقاد القوات الأردنية المشير حابس المجالي،وقاد الجيش الأسرائيلي أرئيل شارون الذي أصبح في ما بعد رئيسا للوزراء (2001-2006)، وقد جرح أرئيل شارون في المعركة وقع أسيرا بيد الجيش العربي الأردني وقد أسره يومها النقيب حابس المجالي -المشير فيما بعد، وتم تبديله بأسير عربي عندما جرى تبادل الأسرى بعد الهدنة الثانية.

في معارك حزيران 1967، وبعد أن تم توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين الأردن ومصر في 30 أيار 1967 فقد وضع الجيش العربي الأردني في حالة تأهب قصوى، وجرت معارك على طول الجبهة وحارب الجيش العربي الأردني من جديد في القدس واللطرون وباب الواد وجبل المكبر وتل الرادار وتل الشيخ عبد العزيز وتل النبي صموئيل والشيخ جراح والمطلع ونابلس وجنين وطولكرم والخليل وبالرغم من قلة العدد والعدة وانعدام الغطاء الجوي "الموعود”، وهذ ما أنتج حينها خسائر كبرى وتضحيات كبرى قدمها الجيش العربي الاردني بهذه المعارك فما تعرض له الجيش العربي الأردني من خسائر جسيمة بهذه المعارك لايقدر ولايحصى، حتى أن بعض السرايا قاتلت حتى أخر رجل فيها، وهذا دليل وشاهد حي على روح التضحية والشجاعة والإصرار على القتال حتى آخر طلقة وأخر رجل عند المقاتل الأردني، وهذا ما أجبر العدو قبل الصديق على أن يشهد لهذا الجيش بالشجاعة والاحتراف والتفاني، فقد صرح أحد جنرالات الجيش الصهيوني "بأن هذه الحرب كان يمكن أن تسمى حرب الساعات الستة لا الأيام الستة لولا صمود الجيش الأردني الذي بقي يحارب منفردا أياما فيما انهزم بعض الآخرون خلال ساعات”.

وبعد هزيمة عام 1967، وهذه النكسة الكبرى التي أصابت العرب كل العرب، تمادى العدو الصهيوني بعدوانه على العرب، تحت شعار "الجيش الصهيوني الذي لايقهر”، وهذا ما أفرز حينها عدوان صهيوني واضح وصريح على الدولة الاردنية، وحينها كانت الملحمة الكبرى للجيش العربي الاردني ولقوى المقاومة الفلسطينية بمعركة الكرامة التي ردت الكرامة للعرب كل العرب، ففي 21/3/1968 شنت إسرائيل هجوما بواسطة 15 ألف جندي ومظلي مدعومين بقصف مدفعي وجوي على جميع مواقع الجيش العربي الأردني وقوى المقاومة الفلسطينية الأمامية والخلفية، وواجهة الفرقة الثانية الأردنية وحاولت القوات الإسرائيلية التقدم عن طريق أربع مواقع على طول الجبهة الأردنية المحاذية لحدود الاراضي الفلسطينية المحتلة، وحينها سطر الجيش العربي الاردني وقوى المقاومة ملحمة أسطورية بالصمود، وهذا ما عبر عنه الصهيوني حاييم بارليف رئيس أركان الجيش الصهيوني في حديث له نشرته جريدة هارتس يوم 31/3/68 "إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في "إسرائيل” مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصرلقواتنا، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصرة من كل معركة أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها، بسبب كثرة الإصابات بين قواتنا، والظواهر الأخرى التي أسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا والياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي إزاء عملية الكرامة "، و تعتبر معركة الكرامة أول انتصار كامل لجيش عربي على القوات الصهيونية حيث استطاع الجيش العربي الأردني وبالتعاون مع قوى المقاومة في منطقة الكرامة بالاغوار تحقيق النصر على القوات الإسرائيلية وتحطيم أسطورة "الجيش الذي لا يقهر”.

وفي معركة تشرين التحريرية وبغض النظر عن نتائجها، فقد قدم الجيش العربي الاردني ملحمة اسطورية أخرى بتاريخ تضحياته بسبيل هذه الأمة، ففي حرب عام 1973 التقطت كتيبة الاستطلاع السورية الضباط الإسرائيليين يصرخون مخاطبين قادتهم "أنقذونا من اللواء الأردني انهم يتقدمون باتجاهنا ولا يعرفون التراجع ونحن نخلي مواقعنا لهم "وقد سلم التسجيل إلى قائد اللواء الأردني (40) اللواء الركن خالد هجهوج المجالي بعد انتهاء هذه المعركة في الغروب من قبل العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري، وهنا يعلق أحد القادة السوريين على اداء الجيش العربي الأردني بمعركة تشرين ويقول” هؤلاء رجال صنعتهم الحرب بعد انبهاره بأدائهم في الحرب.

ومن هنا لايمكن لأحد ان ينكر حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الاردني بمعارك الامة ضد اعدائها، فقد قدم الجيش الاردني منذ تأسيسه ولليوم الاف الشهداء من افراده بسبيل خدمة قضايا الأمة، وخصوصآ بعد قرار الملك الحسين تعريب قيادة الجيش في 1/3/1956 م، فالملك الحسين كان همه أن يجعل الجيش العربي جيشا قوياً مدربآ ومسلحاً بأحدث الأسلحة، ليكون قادرا على القيام بمهامه في الدفاع عن الوطن وعن قضايا الأمة كل الأمة، وعمل على تطويره من وحدات صغيرة إلى جيش مزود بأحدث الأسلحة والخدمات والكفائات المتطورة التي نشاهدها اليوم في مختلف تشكيلات القوات المسلحة.

ختاماً، لقد كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه حارساً أميناً وسنداً قوياً لكل قضايا الأمة العادلة، ولايمكن لأحد اليوم ان يزايد او ان يتمادي اويتغاضى او ان يزرو حقائق التاريخ، فالجيش العربي الاردني، قدم مئات الشهداء لفلسطين وهذا واجب عليه، ومقابر شهداء الجيش العربي الأردني بالقدس وما حولها هي شاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل دفاعه عن قضايا الأمة العادلة، ولكل من يزايد اليوم ويحاول تشويه صورة وتاريخ هذا الجيش، أدعوه اليوم لقراءة التاريخ جيداً، فهو الحكم والشاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل قضايا الأمة العادلة.

*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
hesham.habeshan@yahoo.com