لعبة "تنبأت" بهجمات 11 سبتمبر وانتخاب ترمب وكورونا واقتحام الكابيتول
إنها لعبة إيلوميناتي: نظام عالمي جديد Illuminati: New World Order التي طرحتها شركة ألعاب ستيف جاكسون وتصوّر اللاعب على أنه سيد أعظم يتلاعب بالدمى ويسعى للهيمنة على العالم بالنيابة عن المجتمع السري الخرافي الذي يختاره. وتقدّم اللعبة خياراً من بين الإيلوميناتي البافاري Bavarian Illuminati والمجتمع الخلافي أو ديسكورد Discordian Society والأجسام الطائرة المجهولة UFO وخدّام كتولهو Servants of Cthulho ومثلث برمودا Bermuda Triangle وأقزام زيوريخ Gnomes of Zurich.
وظهرت هيلاري كلينتون على ورقة، وأل غور يحتضن شجرة على ورقة أخرى (بصفتهما السيدة الأولى ونائب الرئيسة آنذاك)، وثمة ورقة عليها الديكتاتور العراقي صدام حسين أيضاً فضلاً عن ورقةٍ رهيبة تتوقع ظهور حركة الصواب السياسي المتشدد والتي أصبحت حالياً بمثابة "فزاعة" تستخدمها قنوات "فوكس نيوز" باستمرار وتجسد رجلين مشنوقين يحملان لافتاتٍ تعلن الجرائم التي ارتكباها وقد كُتب على إحداها "استخدم ضميراً مجرداً من الإحساس" وكُتب على الأخرى "أكل لحم حيواناتٍ نافقة".
ومن بين الأوراق الأخرى، نجد March on Washington (مسيرة في واشنطن) وMarket Manipulation (تلاعب بالأسواق) في تصويرٍ لانهيار بورصة وول ستريت وورقة Plague of Demons التي تظهر انتشاراً للشياطين في العاصمة واشنطن لإرساء سباقٍ على أوراق ملكة القلوب Q Hearts.
تجدر الإشارة إلى أن لعبة إيلوميناتي توقفت منذ وقتٍ طويل وأصبحت بعد ذلك قطعاً خاصة بهواة جمع الأشياء، إذ بيعت منها أوراقاً غير مختومة على موقعي أمازون وإيباي مقابل 2000 دولار تقريباً (1433 جنيه استرليني) وهو مبلغ إن دلّ على شيء فهو مؤشر على الطلب المتزايد على هذه الأشياء لدى بعض أنواع المستهلكين الذين تتخيل عقولهم أموراً غريبة.
وبالإضافة إلى العمل الفني الذي تتضمنه اللعبة، يبرز مصدر غموض آخر يتجلى في قيام الاستخبارات السرية بمداهمة مكاتب شركة ستيف جاكسون Steve Jackson Games في أوستن، تكساس، في الأول من مارس (آذار) 1990 ومصادرتها أقراصاً صلبة ومستندات بعضها مرتبط باللعبة.
ويعتقد مؤيدو نظرية المؤامرة أن هذه الخطوة علامة على تحرك أجهزة الاستخبارات السرية [الفيدرالية] إلى كم صوت الإيلوميناتي (المتنوّرون) فوراً والحؤول دون كشف المطورين مجتمعاتها السرية أمام العالم. ولكن هذا أمر عارٍ من الصحة بكل بساطة (فلماذا قد يختار أحدهم الإعلان عن هذه المعلومات من خلال لعبة ورق عوضاً عن إعلانها في مؤتمر صحافي؟).
لويد بلانكينشيب هو أحد موظفي الشركة وكان أيضاً مخترق أنظمة عمل كمشغّل نظام لوحة رسائل نشرت مجموعة مسروقة من الملفات التي كشفت بالتفصيل كيف عملت أنظمة استجابة الطوارئ الأميركية وهو أمر تلقّت فيه الاستخبارات السرية بلاغاً ومُنحت مذكرة بحث للتحقيق في ذلك.
وفي حديث لبلانكينشيب عن مديره السابق مع موقع "فايس نيوز" Vice News في عام 2012، قال بأن "ستيف هو من أشد المعجبين بنظرية المؤامرة. لا يتعلق الأمر في أنه يصدقها ويقتنع بها، وهذا أمر استطعت استنتاجه خلال خمس سنوات من العمل معه، بل على خلاف ذلك تماماً، فهو يستمتع بها إلى حد كبير".
وتحدّث الموقع الالكتروني أيضاً مع مصمم الرسومات جون غريني بشأن الرسومات "التنبؤية" التي رسمها للسلسلة. وأقر غريني بوقوع الصدف، ولكنه قال بأنّ أوراقاً على غرار Terrorist Nuke (صواريخ الإرهابيين [النووية]) استوحيت من القلق الذي ولّده التهديد المحتمل الذي تشكله روسيا بعد الحكم السوفياتي عوضاً عن تمثيلها أي رؤية مما سيصدر في وقت لاحق عن تنظيم "القاعدة".
وفي هذا الإطار، شرح غريني أن "الإرهاب كان يستعر على شاكلة "عنوان رنان رائج" من دون أن يرتبط ذلك أبداً بالتهديد الحاضر الذي يطرحه فتك السلاح النووي، ولكننا ما زلنا ننظر إلى حركة "حماس" وفلسطين على أنهما وراء مثل هذه الأفعال". وأضاف قائلاً: "من ناحية الإخراج الفني، لا تفجّر قنبلة نووية مبنى واحداً، وحتى لو كانت قنبلة نووية تكتيكية فهي ستحدث ضرراً على مستوى أوسع بكثير. ولكنها تبدو استشرافاً غريباً بعض الشيء نظراً إلى ظهور برجي مركز التجارة العالمي.
وتطرق ستيف جاكسون بنفسه إلى منشأ اللعبة وقال لمجلة "دراغون ماغازين" Dragon Magazine في منتصف الثمانينيات بأن نيته كانت في الأساس السخرية وأنه أمل في الحفاظ على نبرة ساخرة وهزلية وليس جدية".
وشرح بأن الفكرة الرئيسية نشأت من حديث مع الفنان الذي نفذ الغلاف دائف مارتن في سبتمبر (أيلول) 1981 حول حصولهما بشكل مشترك على حقوق روايات شيا وويسلون.
واستذكر جاكسون قائلاً: "بغض النظر عن مسألة شراء حقوق اللعبة لرواية (وهي غالباً ما تكون عملية مضنية وباهظة الكلفة)، يرتبط الأمر بالمسألة المطروحة. بين الغواصات الذهبية العملاقة لتهريب المنشطات والدلافين الناطقة والأقزام الفوضوية والرجل المقدس تحت معلم ديلي بلازا (في إشارة إلى دالاي لاما بالطبع) وعشرات المنظمات السرية التي تحمل اختصارات بذيئة وتتمتع بقوى خارقة على شكل آلهة حية وجذابة... حتى لو تمكّنتم من معرفة من يقف في صف من، وهو أمر لا أعتقد أنه يسعني القيام به، [كان السؤال] على أي وجه تأتلف لعبة من كل هذا [التنافر والتناقض]؟ ولكن لا بد من الاعتراف بأنها فكرة مذهلة!".
كما شرح جاكسون بأنه أجرى بحثاً شاملاً ومعمقاً حول التنظيمات الدينية ونظريات المؤامرة وتوصل إلى ما يلي: "من الممكن أن يصبح الإنسان مهووساً بفكرة المؤامرات والاغتيالات. لم أود الانخراط في ذلك. فمن بين كافة المواد التي قرأتها، كانت المقالات القائمة على نظرياتٍ غريبة وسخيفة بشكل خاص، حتى وإن كانت مقدّمة بطريقة جدية للغاية، الأكثر متعةً للقراءة. منطقياً، لا بد أن تكون لعبة سخيفة أكثر متعة في اللعب [والترفيه]". وتابع: "أردت قدر المستطاع الاحتفاظ "بنكهة" مقالات المؤامرة التي كنت أقرأها. ولهذا برزت ضمن ذلك مجموعات على غرار نازيو أميركا الجنوبية South American Nazis وباترو أطراف الماشية Cattle Mutilators وواضعو نظرية فلورة [إضافة كميات كبيرة من الفلور] المياه Fluoridators والشيوعيون وشركات النفط والأمم المتحدة".
لعل الفكرة الأوضح بشأن خصائص التنبؤات المزعومة لإيلوميناتي أتت على لسان بلانكينشيب في حديثه لموقع "فايس" عندما قال: "يشبه الأمر أي عرّاف، لنفترض قوله مثلاً أن زعيماً في الشرق الأوسط سيُقتل العام المقبل وحظوظ حدوث ذلك كبيرة [فيكون التنبؤ مصيباً]".