آفاق أسواق السلع الأولية
جفرا نيوز - ارتفعت أسعار جميع السلع الأولية تقريبا في الربع الأول من العام، وأصبحت أغلبها الآن أعلى من مستوياتها قبل الجائحة. وكان الدافع لهذه المكاسب انتعاش الاقتصاد العالمي، فضلا عن عوامل معينة تتعلق بالتوريد، خاصة النفط والنحاس وبعض السلع الأولية الغذائية.
كما ارتفعت أسعار النفط الخام في وقت قياسي مقارنة بالمستويات المتدنية التي وصلت إليها أثناء الجائحة، مدعومة في ذلك بالتخفيضات المستمرة في الإنتاج التي تفرضها منظمة أوبك وشركاؤها. وشهد الطلب زيادة تدريجية، فيما يتوقع أن يثبت عند هذا المستوى طوال العام 2021 مع تزايد توفير اللقاحات على نطاق واسع والبدء في تقليص القيود على السفر، لاسيما في البلدان المتقدمة.
وعلى الرغم من أن تخفيضات الإنتاج من جانب أوبك وشركائها كانت من العوامل المهمة التي دعمت أسعار النفط، فإن الكميات الضخمة الناتجة عن القدرة الإنتاجية للاحتياطي النفطي ستحد من ارتفاع الأسعار في المستقبل المنظور. علاوة على ذلك، لو تعثرت جهود احتواء الجائحة، فإن زيادة ضعف الطلب يمكن أن يشكل ضغطا يهدد الاتفاق على تخفيض للإنتاج. فانهيار الاتفاق يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الانخفاض في أسعار النفط.
ومن بين سلع الطاقة الأخرى، شهدت أسعار الغاز الطبيعي والفحم أيضا ارتفاعا حادا في الربع الأول من 2021 مدفوعا بانتعاش الاقتصاد العالمي، وبرودة الطقس في أجزاء من نصف الكرة الشمالي، فضلا عن تعطل الإمدادات. وتواجه أسعار الفحم ضغوطا على المدى البعيد نتيجة التوجهات نحو التخلص من الكربون حيث أعلن المزيد من البلدان المستوردة له وضع أهداف إنمائية خالية من الكربون. وقد تقلص استخدام الفحم بدرجة كبيرة نتيجة سرعة انتشار مصادر الطاقة المتجددة، والغاز الطبيعي منخفض الثمن، رغم أن خروج محطات إنتاج الكهرباء باستخدام الفحم من الخدمة في أوروبا والولايات المتحدة قد عوضه بل وفاقه زيادة استخدام الصين له.
كما واصلت أسعار المعادن اتجاهها الصعودي خلال الربع الأول من العام 2021 وتجاوزت مستوياتها قبل الجائحة. ويعكس ارتفاع الأسعار قوة الطلب في الصين، والتعافي العالمي الحالي، وتعطل الإمدادات لبعض المعادن. فقد ارتفعت أسعار خامات النحاس والقصدير والحديد في آذار إلى أعلى مستوى لها منذ 10 سنوات. ومن شأن مشروع القانون المقترح في الولايات المتحدة بتطوير البنية التحتية، والتحول العالمي في الطاقة نحو التخلص من الكربون أن يلقي بالمزيد من الضغوط على الأسعار.
وهوت أسعار الذهب بنسبة 4 % في الربع الأول من 2021 بسبب تراجع الطلب على الاستثمار من جراء ارتفاع العائدات على السندات الحكومية الأمريكية. فقد زاد العائد على سندات الخزانة الأميركية المحمية من التضخم من -1 % في يناير كانون الثاني إلى -0.66 % في آذار – وهو أعلى مستوى لها منذ حزيران 2020. وأدى ارتفاع العائدات إلى انخفاض جاذبية الذهب جاذبية للمستثمرين. وشهدت حيازات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب تراجعا حادا في الشهور الأخيرة، فيما قلصت البنوك المركزية من شراء الذهب.
وارتفع مؤشر البنك الدولي لأسعار الحاصلات الزراعية بأكثر من 9 % في الربع الأول من 2021، مستفيدا من الزخم الذي حققه في الربع السابق. وارتفعت الأسعار بنسبة 20 % عما كانت عليه منذ عام، وهو أعلى مستوى لها خلال سبع سنوات. وجاء ارتفاع الأسعار نتيجة نقص الإمدادات في بعض السلع الغذائية، خاصة الذرة وفول الصويا، وقوة الطلب على الأعلاف من جهة الصين، وانخفاض قيمة الدولار الأميركي.
وبناء على استطلاع وزارة الزراعة الأمريكية لنوايا المزارعين، من المتوقع أن تزيد مساحة الأراضي المخصصة لزراعة الذرة وفول الصويا والقمح في البلاد بنسبة 0.4 % و 5.4 % و 4.5 % على التوالي في الموسم القادم. يأتي هذا بعد نمو الإمدادات بما يتجاوز الاتجاهات طويلة الأجل خلال المواسم القليلة السابقة للمحاصيل. ونظرا لضخامة حجم الإنتاج الأميركي من هذه السلع، فإن هذا التقييم سيساعد في حالة تحققه على استقرار أسواق السلع الغذائية العالمية. ومن المتوقع أن تستقر أسعار السلع الزراعية العام 2022 بعد زيادتها هذا العام بنسبة 13 %. وتنبع المخاطر على هذه التنبؤات من المسار الذي تنحوه تكاليف الطاقة على المدى القصير، وسياسات الوقود الحيوي التي تستجيب للتحول في إنتاج الطاقة على المدى الطويل.
الغد