خطة حكومية تبعث على التفاؤل..

جفرا نيوز - كتب - ابراهيم عبدالمجيد القيسي.

اكتب هذه المقالة قبل أن تخرج الحكومة ببيانها المرتقب، حول حزمة الإجراءات التي ستتخذها، وهي بلا شك يجب ان تكون غارقة بالحذر والمبالغة بالتحوط، فالمعلومات الجديدة عن كورونا المتحورة في الهند وغيرها، تستدعي الحذر تحريا للمصداقية، حتى لا يرتفع متسوب الغضب، فالحكومة صاحبة ولاية لحماية البلاد والعباد، وليست جهة تشغل نفسها بطلب الشعبويات، حيث لا أحد يرحمها قبل ان تخفق فكيف الحال إن هي أخفقت، أو ألحقت بالبلاد وبالناس المزيد من الأضرار؟!.

فالغضب، بل السخط الذي تتسم به آراء الناس له ما يبرره، وقد مضت علينا سنوات مع كل أسف، ونحن نشاهد ردة الفعل الأولى لدى الناس تجاه أي تصريح أو إجراء تقوم به الحكومات كلها، والمؤسسات الرسمية حتى مجالس النواب، كلها تحظى بذات النموذج من ردود الأفعال، إلى الدرجة التي جعلتنا نتجاوز عن هذا السخط، لأنه غالبا يأتي ممجوجا بطريقة ميكانيكية انطباعية وبلا تحضير او تفكير، وكأنه أصبح ثقافة ثاوية في العقول وعلى الألسنة، ولا يملك المتلقي غيرها، إلا من رحم ربي..

نقول هذا بعد أن رصدنا ردة فعل (اللي بفهم واللي ما بفهم) على تصريحات الحكومة التي اعلنت عنها قبل أمس الأول، حول خطتها لإدخال البلد في صيف آمن واقتصاد مستقر باحث عن ظروف التحسين والتعويض عما فقدنا بسبب الجائحة وظروفها، وهنا يجب القول بأنني اعتبره من حق أية جهة مسؤولة عن إدارة مخاطر وأزمات، أن تسعى لتسييس قراراتها، لا سيما إن كنا نتحدث عن بلد وشعب وتحديات وأزمات وتداعيات عامّة، فمن حق الحكومة أن تدير ملف الأزمة ومخاطره وفق خطة سياسية، مدروسة وهي المسؤولة عن تنفيذها، كما هو من حقنا أن ننتقد ونتأفف ونسخط، لكننا في النهاية يجب أن نتذكر، بأننا كشعب، نحن من نعاني تداعيات السياسة، بحلوها ومرها، ونحن جميعنا بلا مزايدات على أحد يهمنا ان ننقذ أنفسنا وبلدنا من كل هذه التحديات، وهكذا تجري الأمور في كل المجتمعات الحية التي تتعرض لاختبارات قاسية..

الحكومة قالت بأنها ستقوم بإجراءات تخفيفية مناسبة خلال هذه الفترة، وهي المحددة حتى تاريخ 15 أيار القادم، موعد رفع الحظر الذي كانت قد قررته بداية نيسان الحالي ولمدة 45 يوما، ومن الطبيعي ان يكون التخفيف مبنيا على طبيعة الشهر وحوائج الناس المعنوية والمادية، فالسماح للناس بالصلاة (التراويح) في المساجد، موقف منطقي نفسي معنوي و(رباني)، ومبني على الأرقام المشجعة لعدد الإصابات والوفيات، وسوف نحتمل كل شيء ما دامت النتائج إيجابية، سيما وأن كثيرين منا تلقوا المطعوم، كما فقد كثيرون منا (عزيزين) رحمهم الله جميعا، وكذلك سماح الحكومة للمطاعم بتأمين الطعام (خدمة التوصيل) في أيام الجمع حتى نهاية شهر رمضان.

ثم تتبعه بإجراء آخر مدته ٤٥ يوما أخرى، ترفع الحكومة خلاله القيود بتدرج ما، خاضع لتقارير اللجان الصحية، وقد نعود الى فتح القطاعات والمنشآت حتى الساعة 11 ليلا، باستثناء أيام الجمعة.. وهي في الواقع حزمة إجراءات مبدئية تتدرج خلال 45 يوما، تبدأ من 15 أيار القادم، وحتى 1 تموز، وصولا الى الهدف الحكومي النهائي الذي اعلن عنه رئيس الحكومة أمس الأول، وهو العودة الى الحياة العامة الطبيعية بمشيئة الله.

كلنا محض أمل ودعاء لله تعالى أن يبدأ الصيف الطبيعي والاقتصاد المتعافي الجاهز للعمل، المتأهب للوثوب إلى الأمام مع بداية تموز القادم، وإن استطاعت الكوادر الصحية وتعاون الناس وإقبالهم على أخذ اللقاحات.. إن استطاعت أن تصل الى ذلك المستوى المطلوب (تطعيم ملايين المواطنين فوق اعمار ١٩ عاما باللقاح)، فهي علامة نجاح للحكومة، سنهنؤها عليها بلا شك.

نعرف أن كورونا فيروس شيطاني ومتغير كأي فيروس، والأهم أننا نعرف كم احتملنا من أجل أن تعود الحياة، ونعرف كم فقدنا من أرواح ومن عمل ورزق..

ولا نريد أن نتراجع بعد كل هذا الصبر، ويجب أن يلتزم الناس بالإجراءات الحكومية، ويتفاعلوا مع الإجراءات التخفيفية حتى النهاية السعيدة، ومن حقنا ان نقول ما نشاء وأن نعترض، لكن من حقنا ايضا ان نصبر قليلا ونتحمل الباقي القليل بإذن الله.
والحمد لله على كل شيء.