هل استطاعت الجائحة أن تغير عاداتنا في رمضان للأفضل؟
جفرا نيوز - بقلم تهاني روحي
أحاديث كثيرة وتسريبات نود تصديقها بشأن مواعيد الحظر والانفتاح التدريجي، إزاء تذمر الكثيرين من العادات الرمضانية التي دخلت عامها الثاني بطقوس جديدة، تغيرت فيها مفاهيم العبادة والطقوس الرمضانية. فهذا الشهر الفضيل لم يكن مستثنيا من التغيرات الاجتماعية التي كان فيروس كورونا سبباً في تغييرها في المجتمعات كافة، فهو حريص تماماً على تغيير أنماط سلوكيات البشر.
والآن بعد أن كشفت الجائحة مدى الحاجة للتفكير بطريقة أنضج في موضوع التكافل الاقتصادي، فقد أصبح موضوع بحثنا عن الوسائل لازدهار مجتمعنا تحت مظلة مبادئ سامية لنرتقي لمراتب تليق بمقام الإنسان ومقدار نبله أصبح حاجة ملحة بل ضرورية.
فصفات من قبيل التعاون، الشفقة، الرحمة، الاخاء، الايثار وعمق الصلات المجتمعية، لا بد من ممارستها على أرض الواقع. ولعل الظروف التعلقة بالحظر والجائحة قد علمتنا مفاهيم أساسية لنتعرف على احتياجاتنا الاساسية وتعلمنا المفهوم الحقيقي للثروة.
فالعطاء هو ثقافة مجتمع، وتطورت هذه الثقافة خلال الجائحة من مفهوم التعاون وحب الخير إلى عمل مؤسسي مبني على مفهوم مجتمعي. ورغم اختلاف مفاهيم ونماذج العطاء المجتمعي، فهي لم تتغير سواء تم الغاء موائد الرحمن او غيرها ، لانها ما تزال حاضرة وأصبحت تندرج في سياق "المشاركة المجتمعية، وهي بذلك ترسخ ثقافتنا تجاه العطاء والتي من الممكن ان تؤثر بدورها في عمق الصلات المجتمعية بما في ذلك توزيع الطرود الغذائية في ظل الاجراءات الاحترازية.
واذا ما نظرنا للنصف الممتلئ من الكأس، فإن ساعات العمل القليلة في رمضان وعدم الارهاق الجسدي والمادي للدعوات والولائم والسهرات الرمضانية في الخيام، قد أتاحت لنا الوقت الكافي لزيادة التعبد والتقرب من الله وإقامة العبادات. ودعونا الله أكثر أن يرفع عنا هذا الوباء الذي أصاب أفرادا كثيرة من الأسر. ولهذا فإن تجمع العائلة الواحدة من اجل العبادة والتأمل في الكلمة الإلهية أصبحت جزءاً حياتيا يوميا مهما. فالانغماس في الكلمة الإلهية والتي تسمو فوق إدراك البشر، لها عظيم الأثر على أرواحنا ونفوسنا، وسنجدها قادرة تدريجيا علی تخليصنا من الرغبات الشخصية الماديّة، فتطمئن قلوبنا وتستبشر أرواحنا. " فاﻟدﻋﺎء واﻟﻣﻧﺎﺟﺎة حديث ﻣﺑﺎﺷر وﺑدون واﺳطﺔ ﺑين روح اﻹﻧﺳﺎن وﺧﺎﻟﻘﻬﺎ؛ وﺑﻣﻧزﻟﺔ ّ اﻟﻐذاء ﻟﻠروح اﻟّذي يبعث ﻋﻠﻰ تعزيز الحياة اﻟروﺣﺎنية.”
وقد يتيح الهدوء العائلي أيضا الفرصة للتحدث أكثر في الجوانب الحياتية العميقة، مثل، ما هو هدفنا من هذه الحياة. وكيف سنتطور سويا لنصبح أفضل عما كنا عليه بفضل الصفات التي اكتسبت في هذا الشهر؟ جميعها أسئلة تدور في الأذهان ولا أجمل من هكذا نقاشات عائلية تناسيناها في خضم زحمة الحياة والخروج المستمر من المنزل، والآن أصبحنا نتمتع بالهدوء والبساطة ففي بعض الأحيان تكون أبسط الأمور هي أجملها.
وأخيرا، وعلى الرّغم من ازدياد أعداد أفراد المجتمع الذين يُبدون بأقوالهم وأفعالهم مدى توقهم إلى قبولٍ أكبرٍ للوحدة المتأصلة في الإنسانية، وتغليب المصلحة الجماعية، إلا انه علينا التنبه بأن العادات البالية من قبيل التنافس والتعصب وتغليب المصلحة الذاتية والانغلاق الفكري ما تزال تعيق الحركة نحو الوحدة والاتحاد.