مجلس النواب أجل وأرفع..


جفرا نيوز- كتب: ابراهيم عبدالمجيد القيسي

قبل شهرين، قام أحد النواب في مبادرة وطنية وانطلاقا من واجبه، وقابل وزير الزراعة السابق، يطالبه بإنقاذ قطاع الأبقار من أزمات وشيكة، وطالبه بالسماح لشركة بعينها باستيراد عدد من البكاكير  لأسباب وجيهة، وهي كلها حقيقية، وهذا موقف وطني مطلوب منه ومن أي عضو مجلس نواب، لكن الغريب العجيب أن النائب نفسه، وبعد ان قام الوزير السابق بتشكيل لجنة فنية لدراسة هذا الطلب، ووافقت اللجنة على الاستيراد، ولم يتسن للوزير ان يتخذ القرار لأنه خرج مع التعديل الحكومي على حقيبة الوزارة، فما كان من الوزير الجديد إلا أن نفذ توصية اللجنة، حسب الأصول، فإذا بالنائب يرتد عن طلبه ويتهم الوزارة والوزير بالفساد، ونسي الرجل بأنه هو الذي طالب الوزير السابق بالسماح لتلك الشركة بالاستيراد، وبعد أن أطلق تصريحات غير لائقة بحق الدولة والحكومة والوزارة والوزير (لدي نسخة منها)، متهما الوزارة بأنها بهذا القرار إنما تدعم الفساد، وكأنه هو المسؤول عن أمانة حماية القطاع الزراعي وتنظيمه، وما وزارة الزراعة ووزراءها الذين يقسمون اليمين الدستورية سوى منفذين لرغبات من هب ودب من غايبين الفيلة أو الباحثين عن بطولات 

كتبت مقالة تم نشرها اليوم في الدستور اوردت فيها بعض الحقائق حول هذا القطاع، باعتباري كاتب صحفي ومستشار اعلامي لوزارة الزراعة منذ 5 اعوام، ولم اورد بيانا لرأي الوزارة او ردا باسمها، سوى معلومات اعرفها بحكم عملي في الوزارة، فإذا بالنائب المحترم يسقط من جديد في الخطأ، ويردد كلاما وتصريحات واتهامات لا تليق بعضو مجلس نواب، ولا تتوخى أخلاق العمل السياسي الرقابي المناط بمجلس النواب وأعضائه، بل ينحو إلى الشخصنة الذميمة، والعودة إلى إطلاق الإتهامات كيفما اتفق أو لفق..!! ووعلى شكل يعيب السياسة والعمل البرلماني، وأصول وقوانين الصحافة وحق الرد.

الخطاب الاتهامي هو مشكلة تواجه الدولة، وتفقدها الثقة بينها وبين مواطنيها، واليوم لدينا أحد النواب يمتهن مع كل أسف هذه المهنة، معتقدا بأنه هو من يحدد أخلاقيات وقوانين وإجراءات الوظيفة العامة، وبما أنني كصحفي اتعايش مع هذه التقليعة الدخيلة على حق التعبير، وحقوق الناس بمعرفة الحقيقة عن طريق الصحافة وقوانينها وأخلاقياتها، فلست متفاجئا من هكذا أداء سياسي نيابي حين يخرج عن فرد او عضو هنا أو هناك، لكنني مندهش أن المجلس النيابي الذي يتفرد عن غيره من المجالس السابقة، بأنه يشارك السلطات الأردنية الأخرى والشعب والوطن حالة استثنائية من الضغوطات والأزمات، وفي الوقت نفسه يخرج من بين أعضائه من يتسم بهذا الأداء... 

انا شخص ديمقراطي بطبعي، وعملي المهني هو تقديم الحقيقة والنقد المهني البناء، وواحد من بين زملاء كثر، أعضاء في نقابة الصحفيين ويعملون في الدولة الأردنية بوظائف إعلامية مختلفة، ولهم الأولوية في هذا العمل المهني قبل غيرهم من متسلقي المهنة، ومرشحي الشلل والملل والمحسوبيات والواسطات، ولا يتمتعون بأدنى مؤهل إعلامي أو صحفي.. انطلاقا من هذه الثوابت يمكنني ان اتحدث بطريقة أكثر وضوحا عن السبب ( يعني كيف انقلب) حضرة النائب من مطالب للوزارة بالسماح لشركة بعينها باستيراد البكاكير، ثم ارتداده عن المطلب ومهاجمة الوزير الذي قرر بناء على رأي لجنة فنية مسؤولة وجده أمامه حين جاء للوزارة وزيرا، وبناء على حقائق اوردتها في مقالتي السابقة..

ترى يا عزيزي النائب المحترم :
 أنت ربما لا تعلم، لكن يمكنك أن تسأل كيف فقدت مجالس النواب هيبتها من خلال أعضائها، وأدائهم النيابي الساعي للنجومية والشعبوية والمصالح الفردية، والذي يأتي دوما على حساب العمل الديمقراطي السياسي الوطني، فالنائب يراقب ويشرع قوانين، ولا يدخل في أتون تحالفات وشلل وملل، ولا يسعى للإساءة الى الناس والدولة والمستثمرين والفئات العاملة الفاعلة في قطاعات اقتصادية، أرهقتها الجوائح وزادها ألما وتراجعا كثرة النائحات والنوائح.

الا تخشى أن يكون اداؤك بعد معرفة سببه، يكون سببا في عودة انطلاق هتافات (مشان الله حله يا عبدالله)؟!..
 ربما لا تكترث، لكننا نكترث ونسعى ونقدم ارواحنا من أجل وطن نكبر بحبه وبالدفاع عنه، وليس باستغلال وظائفنا وانتهاز الفرص وتعميم الكلام المنفلت والفوضى