تطلعات التعليم العالي على أبواب المئوية الثانية
جفرا نيوز - د.محمد الرصاعي
في الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك عبدالله الثاني والتي جاءت بعنوان: بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة، أشار جلالته إلى أنه لا يمكن أن نغفل عن التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع التعليم، وعلينا أن نبدأ بالاعتراف بهذه التحديات والصعاب ومن ثمَّ بذل الجهود لتجاوزها وتذليلها، وصولا إلى نظام تعليمي حديث يشكل مرتكز أساسي في بناء المستقبل المزدهر.
وخلال المئة عام الأولى من عمر الدولة الأردنية قد يكون التعليم هو أكثر ما نفخر به مما حققنا من إنجازات عديدة، وفيما يخص قطاع التعليم العالي فقد تم إنشاء عدد كبير من الجامعات والمعاهد، فبعد أربعين عاما من نشوء الدولة أسست أول جامعة أردنية في عام (1963) وتوالى بعد ذلك تأسيس جامعات ومعاهد على امتداد وطننا العزيز، وقد استطاعت مؤسسات التعليم العالي الأردني منذ نشوئها أن تحتل مكانة بارزة بين مثيلاتها في المنطقة، وقد ساهمت هذه الجامعات والمعاهد بقدر كبير في بناء الطاقات البشرية المؤهلة، ورفد الوطن بالكفاءات المتسلحة بالعلم والقيم والأخلاق الأردنية، كما ساهمت بشكل أساسي في حركة التنمية والتطوير في جميع قطاعات الدولة الأردنية، واستطاعت استقطاب أعداد كبيرة من الطلبة العرب وخاصة في برامج الدراسات العليا.
ومع بدء ولوج مملكتنا الحبيبة بوابة المئوية الثانية من تاريخ تأسيسها، يواجه قطاع التعليم العالي في الأردن تحديات عدة لعل في مقدمتها ضعف المداخيل المالية للجامعات، وارتفاع العجز في موازناتها، إلى جانب الضغط المتوالي للاستجابة للمستجدات المتسارعة في عصر الرقمنة واقتصاد المعرفة، والتحولات السريعة في الوظائف في سوق العمل، وركود عدد كبير من التخصصات الجامعية.
تمتلك الجامعات الأردنية القدرة على مواصلة السير قدما في طريق التميز والتنافسية ومواجهة التحديات، ويتأتى ذلك من خلال الكفاءات البشرية من الأكاديميين والباحثين العاملين في الجامعات، غير أن إحداث إنجازات واضحة وقفزات كبيرة في هذا الطريق يحتاج زيادة الدعم الحكومي للجامعات ومحاولة تصفير مديونياتها، إلى جانب تمكينها من تحقيق استقلاليتها المالية والإدارية، ووضع التشريعات التي تحد من التدخلات والضغوطات التي قد تعطل مسيرة التطوير ومواكبة المستجدات.
وحتى تحقق الجامعات الأردنية تطلعاتها في المئوية الثانية لا بدَّ من استراتيجيات تستجيب لتزايد وتنوع أدوات المعرفة، والعمل على تطوير وتعديل خطط ومناهج التدريس بحيث تهدف لبناء مهارات القرن الواحد والعشرين وتمكين الطلبة منها، إلى جانب توفير متطلبات التعليم الإلكتروني، واستثماره في استقطاب طلبة دوليين وتحقيق مزيد من الانفتاح والوصول، وقد يكون المرتكز الأهم في خطط التطوير والتميز هو تطوير القدرات البحثية للأكاديميين وتعزيز البنية التحتية المناسبة والداعمة للبحث العلمي، والسعي لإتاحة المجال لبناء علاقات علمية وبحثية مع الجامعات والمعاهد العلمية عبر دول العالم، والتوسع في إنشاء المراكز البحثية المرتبطة بالأولويات والقضايا الوطنية.