كشف البيان عن سحر ساحر

جفرا نيوز - فايز الفايز

كشف البيان الحكومي الذي تلاه وزير الخارجية أيمن الصفدي أمس عن تفاصيل العمليات الاستخبارية والتحقيقية التي قادها الجيش والمخابرات والأمن العام، والتي خلصت إلى أن هناك حراكا داخليا يتعلق بزعزعة الأمن الوطني، ورصد تحركات للأمير حمزة ونشاطاته كانت تؤثر في أفكار الناس، وجاء في نص البيان أنه توازى ذلك مع نشاطات مكثفة لسمو الأمير خلال الفترة الماضية للتواصل مع شخصيات مجتمعية بهدف تحريضهم ودفعهم للتحرك في نشاطات من شأنها المساس بالأمن الوطني وأفادت التحقيقات الأولية أيضا بأن الأمير حمزة كان على تنسيق وتواصل مع باس? عوض الله للتوافق حول خطواته وتحركاته، قد شكل صدمة لم يسجلها الأردن بتاريخه.

هنا وقبل أي حديث فعلينا العودة إلى نص الدستور وروحه، ففي المادة 28 الفقرة أ من الدستور تنص على ما يلي «تنتقل ولاية الملك من صاحب العرش الى أكبر ابنائه سناً ثم إلى أكبر أبناء ذلك الابن الأكبر وهكذا طبقة بعد طبقة»، وهذا يعطينا المساحة لمناقشة الخلاف على من يرث المُلك دستوريا ولا تقطعه أي وصية أو رغبة، وهذا ما قد قطعه الملك الراحل الحسين بن طلال حينما عاد إلى الدستور ليختار أكبر أبنائه عبدالله بن الحسين ملكا، وهو لا يزال ملكا دستوريا وقاد الحقبة في ظل زلازل سياسية وتحديات أمنية واقتصادية عصفت بإقليم العرب بكل?اقتدار، وهذا ما لا يختلف عليه الأردنيون بالطبع.

اليوم وحينما نستمع إلى المعلومات التي لم يتمنَ جلالة الملك تصديقها أو سماعها من الأصل، فإن خيوط اللعبة باتت تتكشف عن مؤثرات خارجية طالما استسخف البعض بها، بل وكال التهم بأن ما يشاع ليس سوى فزاعة لترهيب الجمهور، ولكن ما هي مصلحة قيادة تسير نحو الأمام وتتحمل المسؤولية الدستورية والحفاظ على أمن الوطن والمواطنين وتسعى لتحسين وضع الأردن أكثر وأكثر على خارطة الدول المستقرة وإثبات وجودها أمام دول العالم، رغم أن الملك لم يترك مناسبة إلا ويؤكد على مصلحة المواطنين والخوف من تداعيات أي سقوط للدول حولنا خشية على أمن و?ستقرار المنطقة وليس الأردن فقط.

إن أي ارتباط أو دور لأشخاص ومنهم باسم عوض الله بعد كل هذا التاريخ من التمدد في جهاز الدولة وتوليه المناصب الرفيعة، لغايات تضرب العائلة المالكة وتهدد استقرار البلد كما تحدث البيان، لهو قمة النكران حتى وإن كان ارتباطا بمصالح خاصة للأمير أو لعب دور المندوب السامي القديم في تقييم من يصلح ومن لا يصلح، مع أن الحقيقة الثابتة هي أن الملك عبدالله قد حاز على شرف المُلك وقدم ما يستطيع من إصلاحات انتزعها في ظل تردد وتهاون وتخويف من مسؤولين كُثر كانوا يرددون أن الإصلاحات لا تاتي جملة واحدة، وبقي مصراً على تنويع خياراته?لإيجاد رجال حقيقيين يقودون معه المرحلة.

جلالة الملك يدرك تماما وفي كل ما نسمعه منه شخصيا أن كل مواطن أردني هو خط أحمر، وأمنه واستقراره وتوفير الخدمات له ليست منّه بل هي واجب، ولكن الفجوة التي لازمت المسيرة كان يصنعها أشخاص ينفذون تعليمات لا ندري من أي صوب تأتينا، فهم كالسحرة يطلسمون الواقع بأحلام نحسبها الجنة ثم ينسلون كالرقطاء مبتعدين عن مسؤولياتهم، ثم يخرجون على الناس بادعاءات تغمز من قناة الملك، وهذا هو أس الخيانة.

متى يستوعب البعض أن هناك شعباً يزيد على عشرة ملايين مواطن ينظرون بأعينهم إلى جلالة الملك ولهم الحق في العيش بسلام وطمأنينة، ويحتاجون الى الخدمات العامة والعيش الكريم، ولا يمكن لأي شخص ممن تظنون أنهم يبيعونكم بضاعتهم التالفة أن يوفرها لهم، وهذا ليس منّة بل واجب يرعاه الملك ويدير دولته أمام الأعداء والأصدقاء بكل ندية وحزم، فهذا بلدكم وهذا وطنكم كسفينة تلاطمها الأمواج ثم تسير بعين الله، فليكن الجميع واعيا لما يحاك لهذا البلد، وإلا فلن يخسر إلا أهله... وللحديث بقية.