بانتظار «جهينة» لتقطع قول كل خطيب
جفرا نيوز - حسين الرواشدة
هل نحتاج اليوم إلى مزيد من الحوارات؟ أم إلى مزيد من القرارات؟هل نضجت فكرة الإصلاح في أذهان المسؤولين لكي تنزل إلى الواقع وتلامس عقول الناس وقلوبهم أيضا؟ هل وصلت رسالة الناس إلى الحكومة وهل استطاعت ان «تفك» شيفرتها وان تفهمها كما يجب؟ هل استفدنا فعلا من «تجارب»الآخرين سواء الذي «تكيفوا» مع المتغيرات التي عصفت بالمنطقة او الذين «عاندوا « دورة التاريخ ، أم أن ثمة من يراهن على أن الوقت كفيل بشطب هذه المواسم المرعبة والتجارب المختلفة من ذاكرة الناس؟.
حقا، لا ادري، ولكنني اشعر بأننا لم نزرع بعد في «تربة» الإصلاح ما يجب ان نزرعه من «فسائل» وأشجار كما اننا –وهذا الأهم- لم نقلع من هذه التربة ما شوّهها من أحساك وأشواك، وبالتالي فإننا تركنا المجال أمام الشباب المتحمس للإصلاح والآخرين الذين ركبوا موجة التحشيد والمطالبات لكي يزرعوا ما يشاءون ويقلعوا من يشاء ون ويجتهدوا في مطالبهم ويحددوا سقوفها ويستلهموا «نماذج» تحقيقها كما يشاءون أيضا.
في وقت مضى، كان لدينا فسحة من الوقت لنتجاوز ونتداول ونشهر التصريحات والوعود، حتى وان كنا في دواخلنا لا نؤمن بها، ولا نعتقد بأنها ستتحول إلى أفعال، أما الآن فلا يجوز ان نفكر بتكرار هذه «البروفات» او ان نجربها في حقول خرجت منها ما لم نكن نتوقعه من مطالبات واحتجاجات، وبالتالي فليس أمامنا سوى إصدار ما يتوقعه الناس من مقررات وإجراءات، وممارسة كل ما يلزم لإقناع من ينتظر «مطر» الإصلاح بان الغيث فعلا قد نزل.. لا بطرق «الاستمطار» وأوهامها ، وإنما ببركة «القرار» وجديته ، وإرادة متخذيه وإيمانهم بان الناس يستحقون ذلك وبان «استسقاءهم» له قد طال.. وبان التأخير في موعده سيصيب الأرض بالجدب.. والناس باليأس والخوف ونفاد الصبر.
الآن، أرجو ان نكون قد خرجنا من دائرة «الإنكار» وتوافقنا على تشخيص الأزمة والاعتراف بخطورتها، هذه خطوة ضرورية لكي تنطلق نحو الإجابة عن سؤال «الوصفة» المطلوبة لتجاوز مرحلة «العناد» والتيه، وإنقاذ بلدنا من سيناريوهات مفزعة، وأنفاق مجهولة لا أول لها ولا آخر.
عنوان الوصفة «الاستدارة نحو الإصلاح» وتفاصيلها بسيطة تتعلق بثلاثة محاور: ملفات الفساد، وملفات الاقتصاد، وملفات السياسة وتشريعاتها، وقد سبق وطرحنا مثل هذه المبادرة التي تبدأ بإجراء ما يلزم من مصارحات واعتذار وتنتهي بمصالحات وطنية تمهد لمرحلة انتقالية يتوافق عليها الجميع ويشارك فيها الجميع، واعتقد ان «الفرصة» ما زالت قائمة للنقاش حولها على الأقل، دعك من إمكانية تبنيها وإخراجها الى دائرة التنفيذ.
اعرف ان البعض سيقول بان القرارات تحتاج الى حوارات ، لكن الم ننفق فيما مضى آلاف الأيام والساعات في حوارات مستمرة حول ما نريده من الإصلاح؟ ألم ننشغل –كلنا- في وضع أجندات وتصورات واقتراحات حول كل ما نتحاور حوله اليوم من تشريعات وإصلاحات.. الخ؟ الم يحن الوقت للخروج من دائرة الحوار الذي لا ينقطع إلى دائرة «القرار» الذي يحسم المخاوف والشكوك؟ الم نعط ما لم يلزم من فرص لجهينة لكي تقطع قول كل خطيب؟