للحكومة نصيب من حوار الإصلاح فمتى تبدأ؟
جفرا نيوز - جهاد المنسي
من جديد، يحضر الإصلاح، ومن جديد يتحدث رأس الدولة عن اهمية اعادة النظر بالقوانين الناظمة له وعلى رأسها قانون الانتخاب، وهو توجه ملكي تم التعبير عنه اكثر من مرة خلال شهور ماضية، هذا يعني ان الاطراف المعنية بالأمر عليها التقاط الرسالة الملكية والمسارعة للعمل بها وتنفيذها على ارض الواقع حتى تصبح واقعا متجذرا، ونذهب باتجاه تطوير قوانين اخرى باتت مهمة.
الجهات المعنية بالحوار الحكومة في المقام الاول، والحكومة كسلطة تنفيذية وصاحبة الولاية هي التي يتطلب منها التفاعل مع التوجه الملكي، فالنواب والأعيان من جانبهم أكدوا حرصهم على الحوار وتطوير القوانين الناظمة للإصلاح، بيد أن الامور لا تقف عند باب السلطة التشريعية بشقيها النواب والاعيان وحدها، وانما بداية القول سيكون من باب السلطة التنفيدية صاحبة الولاية، وهي التي تصيغ القوانين وترسلها للجهة التشريعية لإقرارها.
مجلس النواب أعلن عزمه فتح حوارات موسعة مع جميع الاطراف، والمجلس من حقه محاورة الجميع حول قوانين الاصلاح الناظمة للحياة السياسية، وهذا جهد مقدر ومطلوب، ولا ضير من ذلك وصولا لتوافقات وتصور شامل لما هو مطلوب تحقيقه في المرحلة المقبلة، بما يُمكن من تجويد التشريعات وصولاً للغاية بتحقيق مشاركة شعبية أوسع في صناعة القرار.
تلك التصريحات التي اطلقها رئيس مجلس النواب الخميس الماضي توجه ايجابي من سلطة تشريعية لها دور اساس في الحياة السياسية، وهذا الدور له عدة اوجه وطرق، فالمجلس لا يضيره ان يستمع في البداية ويواصل الحوار، بيد ان ذاك لا يعفي السلطة التشريعية – تحت ستار ان المجلس سيحاور كل الاطراف-، لا يعفي الحكومة من فتح حوارات اخرى مع الجهات المعنية، حوار حقيقي لا يشبه حوار الطرشان، تستمع فيه الحكومة لرؤية الجميع، ولا تضع العصي في دولايب الرؤى التي تحملها الاطراف التي ستتحاور معها، وعليها ان تتعامل مع الافكار المطروحة بجدية، فالموقف لا يحتمل التسويف، والجميع بات يعتقد بأهمية اعادة النظر بقانون الانتخاب حتى نتمكن من الوصول الى قانون اكثر مستوى من التمثيل والمشاركة، فالحال لا يتوجب ان يبقى كذلك، ولا يتوجب ان تبقى نسبة مشاركة الناس في الانتخابات بحدود تلك النسب المتدنية التي خبرناها مؤخرا.
الحوار المطلوب لا يتوقف عند التصريح والقول بأهمية تحديث وتطوير التشريعات الناظمة للحياة السياسية لتصبح تلك التشريعات معبرة عن روح العصر والتفاعل الايجابي الموجود في مجتمعنا وملبية لطموحات الشباب الاردني الذي يشكل الغالبية من مجتمعنا، وإنما بات من الاهمية بمكان وضع رؤية واضحة تطلقها الحكومة وجدول اعمال صريح، وبرنامج عمل اساسه خطوط عامة لا توجد فيها حسابات ضيقة وسطحية ساهمت وقتها في عرقلة طريقنا وجعلتنا نتأخر في التقدم للأمام.
الجميع (الحكومة، النواب، الاعيان، المجتمع المدني، الاحزاب، النقابات) لمسوا التوجيه والرغبة الملكية لجميع المؤسسات لفتح حوارات عبر آليات واضحة حول قوانين الاصلاح، وهذا يتطلب من كل أولئك التفكير بالوصول الى نقطة التقاء والبناء عليها، ولعل الحكومة في المقام الأساس عليها البحث عن تلك النقطة، باعتبارها صاحبة الولاية العامة، ووضع جدول الإصلاح المنشود على طاولة حوار حقيقي فاعل وشامل وجدي، والسير على نهج واضح لتحقيق قفزة تطويرية في القوانين الناظمة للحياة السياسية وأهمها قوانين الانتخاب والاحزاب والادارة المحلية على ان تكون هناك مخرجات واضحة تلبي تطلعات الجميع.
بالمجمل، لا نريد حوارا كحوارات سابقة لم تخرج بنتائج ايجابية ترضي الجميع، نريد قانون انتخاب اكثر عدالة وتمثيلا، قانون انتخاب لا يخضع لمعايير المحاصصة والديمغرافيا والجغرافية، وانما يخضع لقانون بناء الدولة الحديثة التي نريدها جميعا، دولة قوية بنظامها وشعبها، وبقوانينها، دولة لا مكان فيها لجهوية او طائفية او عشائرية، وانما اساسها دولة مؤسسات وسيادة قانون.