البرلمان أمام ملفات عدة..مأسسة الحوار وتهدئة الشارع وتحديد هوية قانون الانتخاب أبرز التحديات
جفرا نيوز - تواجه الحكومة ومجلس الأمة، تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة، بعد أن حسمت التوجيهات الملكية الجدل، حول ضرورة مراجعة القوانين الناظمة للحياة السياسية، وعلى رأسها قانون الانتخاب الذي لم تدخر الحكومات المتعاقبة، جهدا للاحتفاء به، وبنظام القائمة النسبية المفتوحة المعتمد، واعتباره خلاصة حوارات توافقية، وخلاصة العصف الذهني مع أطياف القوى السياسية والمجتمعية المتنوعة.
وجاءت اللقاءات الملكية الأيام الماضية، مع الحكومة ومجلس النواب، تسريعا غير متوقع للبدء بتلك الحوارات، في وقت لم يمض على عمر المجلس الـ19 أكثر من 5 أشهر، فيما أعلنت الحكومة، على لسان وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة، عقدها ستة حوارات حول قانوني اﻷحزاب والانتخاب مع اﻷحزاب المرخصة، والطلب منها جميعا مقترحات لنقلها إلى الجهات المعنية.
وأمام هذا الاستحقاق، تلوح تحديات فنية وسياسية، أمام الحكومة والمجلس، بشأن القاعدة التي سينطلق منها الحوار، وهي الملامح اﻷولية أو الهوية التي يمكن أن يكون عليها قانون الانتخاب، بعد اختبارين قاسيين في انتخابات 2016 و2020 لقانون القائمة النسبية المفتوحة القائم على صوت للقائمة وصوت للمرشح في القائمة، رافقتها حملة ترويجية كاسحة للحكومات، بديمقراطية القانون ونظامه، ضاربة بعرض الحائط النداءات الحزبية والقوى السياسية التي قدمت عشرات المذكرات والمقترحات لقانون انتخاب واسع التمثيل، وقانون أحزاب ديمقراطي، يخلو من سطوة السلطة التنفيذية ويسقط النظرة اﻷمنية للأحزاب.
وﻹصلاح قانوني الانتخاب واﻷحزاب، وكذلك قانون اﻹدارة المحلية الذي أشبع نقاشات العامين الماضيين، وضمان الوصول لاستقرار تشريعي فيها، لا بد من أن يجري إطلاق الحوارات بالاستناد إلى 3 مرتكزات، تبدأ بمأسستها وتنشيطها مباشرة مع القوى السياسية المنظمة والحزبية والمؤثرة مجتمعيا، دون تجاهل أصوات الجهات المعارضة، مرورا بمراجعة أي أدبيات كلجنة الحوار الوطني والمذكرات التي قدمها 26 حزبا العام الماضي للحكومة وغيرها من اﻷدبيات، ووصولا إلى حالة واسعة من التوافق، مع استحالة التوصل إلى قرار باﻹجماع حول أي صيغة مقترحة.
ولعل المحرك اﻷساسي لإطلاق هذه الحوارات، هو إجراء مصالحة مع الشارع لاستعادة الثقة بأي حوارات هدفها ترسيخ مسيرة اﻹصلاح السياسي في البلاد، في ظل متغيرات إقليمية كبيرة، ومعركة مواجهة صعود اليمين المتطرف الإسرائيلي مجددا في اﻷراضي المحتلة، إذ تتطلب المرحلة إنهاء المعالجات اﻷمنية لملف الاحتجاجات المتواترة، ورفع السطوة الرسمية عن اﻷطر المنظمة كالنقابات المهنية واﻷحزاب والمجتمع المدني، بوصفها حواضن اجتماعية، تعزز الديمقراطية وأسس العدالة والحريات، وخلق حالة من الالتفاف الجمعي، حول هذا الاستحقاق الذي يأتي في ظل تعمق لجائحة كورونا أردنيا وعالميا، ولا يمكن التكهن بعواقبه الاقتصادية والاجتماعية على المدى المنظور أو الأبعد.
وفي الأثناء، بدأت قوى سياسية وحزبية، تعرب عن قلقها مبكرا، من اجترار حوارات سابقة حول قانون الانتخاب، في ظل غموض الهوية المطلوبة للقانون الإصلاحي الجديد، مع استعادة بعض المحطات التي رافقت عمل لجنة الحوار الوطني في 2011، والتي شهدت استقالات عديدة، لاعتبارات تتعلق بغياب طرح إجراء تعديلات دستورية لاحقا، احتجاجا على فض اعتصام 25 آذار (مارس) بالقوة، قبل أن يعيد التدخل الملكي، اللجنة لمسارها الحيوي.
ومع تأكيدات مصادر نيابية حضرت لقاء رئيس الوزراء بشر الخصاونة، أول من أمس، لم تتضح فعليا الى الآن التصورات اﻷولية لملامح اﻹصلاح المطلوبة في قانون الانتخاب، فيما علقت في أذهان بعض اﻷصوات السياسية، تصريحات وزير الداخلية مازن الفراية مؤخرا، حول قانون الانتخاب، والتساؤل عن الدور المؤثر الذي قد يلعبه الوزير الآتي من خلفية عسكرية، بعيدة عن العمل السياسي بالمطلق.