لماذا مع النظام ؟

‎جفرا نيوز- كتب:المحامي اسامة البيطار 
‎دعوني اولاً من كل المقارنات اللامنصفة بين حالتنا الوطنية السياسية ومقارنتها مع اي دولة عربية (سوريا ) مثالاً؛   وذلك حتى يكون الحديث منهجي أقرب ما يكون وليس كاملا فالكمال لله وحده ، ودعوني من  الفعل سحج  ومفعوله سحيج لنقترب الى الحقيقة او نلامس اجزاءها ونركب قطارها ان امكننا ذلك فكريا  ... 
والسؤال المنهجي الذي يدور في حديث النخب وغيرهم ؟ 
‎لماذا اكون مع النظام وما هي المصلحة الوطنية في ذلك ؟ وهل فعلا مصلحتنا الوطنية والاقتصادية والاجتماعية والدينية تقتضي دعم نظامنا الهاشمي في هذا التوقيت ام ان ندير ظهرنا له ؟ وهل نظامنا هو جزء لا يتجزأ من مؤسسات الدولة ام جزيره معزولة عن باقي المؤسسات  ؟ 
‎تاريخياً وقبل عدة سنوات أطاحت الانتفاضات الشعبية في ما يسمى الربيع العربي بدكتاتوريات متجذرة حكمت لعقود بقبضة من حديد وكانت الشرارة من تونس عندما احرق بوعزيزي نفسه  فتحرّكت الحناجر التي كانت تصدح بهتاف الهب مشاعر الامم  "الشعب يريد اسقاط النطام " واختصرت هذه التحركات تعطش جيل كامل ، بالحرية والتحرّر من سيطرة الخوف المتجذر لسنوات  وبدأت  ولادة  نموذج جديد للشرق الأوسط مستنداً إلى وعي جمعي بأن الطغاة لم يعودوا في أفضل أحوالهم، وأن التغيير يمكن أن يحدث من الداخل، وليس فقط كنتيجة لتغير في الخارطة الجيوسياسية العالمية ، كانت الدراسات المعنية بالمنطقة قبل الربيع العربي تنبئ ان الثورة قادمة لا محالة  نتيجة الجهل والظلم والتهميش الاجتماعي  وتقصير الادارات بالتعاطي مع موضوع البطالة تحديدا و الذي يسود الدول العربية (الحرة منها ) والتي كانت تقليدياً وعبر الزمن هي قائدة الفكر والتحرر العربي من الظلم والطغيان مصر وتونس وسوريا والعراق وهي وريثة جينات  متوارثة  بالانقلاب على الحكام عامة ، في الاردن ساد نظام التعايش الذكي بين النظام الهاشمي والعشائر الاردنية ولا يخفى على احد عبقرية الملك حسين رحمه الله بقدرته على السيطرة دون اسالة  قطرة دم واحدة لخصومه السياسين وهذه بالمناسبة ندرة ان تجدها في زعامات عربية مع كل ما تعرض له الحسين من مؤامرات وحبكات لاسقاطه سواء خارجية ام داخلية ناصرية كانت ام أسدية  الا انه استطاع الصمود بخلق التوازنات في كل مرحلة حسب مقتضياتها .
‎هل كان عبد الله الثاني قادرا على التعاطي مع هذه المنخفضات والمنعطفات السياسية ؟ 
   
‎لا يمكن القول ان الملك عبد الله بعد وفاة الحسين استلم مملكة  الاحلام فالدولة كانت تسير بخطى اقتصادية بالية وغير متطورة ولم يكن في الاردن مؤسسات رقابية حقيقة مثل التي وجدت في عهده مع كل الملاحظات السلبية التي لم تمكن بعد هذه المؤسسات من اخذ دورها الكامل الا  انها وجدت في اطارها القانوني من مؤسسات معنيه هيئة النزاهة  و مكافحة الفساد   
‎ ٢٠٠٥ المركز الوطني لحقوق الانسان ، ٢٠٠٦  ، الهيئة المستقلة للانتخاب ٢٠١١ ، والعديد من المؤسسات ذات  الرقابة السياسية و  الادارية المتنوعة و  التي كانت موجودة في العرف الضميري للموظف الاردني ولكنها لم تكن مؤطرة قانونيا الا في العهد الجديد أضف الى  ان زمرة السياسين الذين  تولوا في العهد الجديد  هم ورثة أبيه الراحل  من طبقة الساسة في عهد الحسين  وجميع القيادات السياسية كانت من بوتقة الديوان الملكي او  الجيش العربي او طبقة من نواب سابقين او بأضعف الايمان الصف الثاني من الادارات المختلفة وانتقلوا  للصف الاول بحكم العرف  السياسي المتجذر في الاردن  ، في فترة حكم الملك عبد الله العشري الاول دمرت العراق واحتل الامريكان بلداً بكامله لا يزال يعاني وجيرانه من ويلات الحرب والدمار وبدأت ملامح تغيير  النطام في مصر وتونس وليبيا   وسوريا وتم تنفيذ المخطط (شرق اوسط جديد)  والمعنى ان كل هذا لا يمكن تجنبه عند تقييم الوضع الداخلي في الاردن وتغير النمط الامريكي في التعاون معه ، وخاصة بعد انفتاح دول  الخليج العربي المعلن مع اسرائيل وتغير دور الاردن ولذا كان لا بد للقيادة السياسية ان تغير قواعد اللعبة والانتقال من رعاية العشائر الى احتواء العشيرة بدولة القانون وتحت سيادته وهذا  ما جعل الزمرة التي عاشت على نسق معين سنوات طويلة من رفض الواقع الجديد الذي فرض داخليا بحكم العوامل الخارجية . 

‎ومن المؤكد ان الوصاية الهاشمية للقدس والمقدسات هي حجر العثرة والمعضلة الكبيرة امام كثير من الاعطيات والتجليات الخليجيه -الامريكيه ولكن هذا الارث عمره الف عام لا يستطيع عبد الله او ابنه التنازل عنه تحت اي ظرف وهنا بيت القصيد مغزى الحرب الخفية على النظام!! 

‎القدس ، لا يزال الليكود الاسرائيلي حريص على اقامة دولة النهرين من الفرات للنيل وقد يكون النظام الهاشمي هو عمليا من بعض آخر المعاقل العربية  الرافضة لفكره التنازل عن القدس سواء بحكم الوصاية الهاشمية والارث الديني والشعبي او بحكم الوجود الفلسطيني في الاراضي الاردنية وعلى مرمى حجر من فلسطين ، اذا المعركة تم نقلها بتنظيم وسلاسة الى الاشتباك بالوضع الاقتصادي مع جرعة كبيرة من قضايا فساد التي يتم القاء الاتهامات عبر وسائل التواصل الاجتماعي واستغلال من يسمون أنفسهم منشقين عن النظام ويجلسون في الربوع الهوليودية مدفوعين  بأموال  مشبوهة لتحريك الشارع الاردني الذي يأن من الفقر والجوع والتهميش بفعل سياسيات حكومية متراكمة لم تستطع ان تستقرأ المستقبل الوطني وتضع حلولا فكانت الازمات المركبة بين الحقيقة والوهم . 
النظام الهاشمي جزء من ارث عربي عريق عليه مسؤوليات عظيمة ودور لا ينتهي وبالتالي دعمه واجب وطني ومصلحة وجودية وبالمقابل لا بد من تعديل القوانين الناظمة للحرية واعطاء فسحة اكبر للموالاة الصادقة لتأخذ دورها بدعم النظام