رجل الأمن لن يمضي وحيداً

جفرا نيوز- كتب : أنس صويلح

في الوقت الذي أسدل فيه القضاء الستار على قضية فتى الزرقاء صالح، لا زالت تخرج الأصوات من هنا وهناك تحت عناوين مضللة تصر على إيصالنا إلى ما انتهينا منه.

الفتى صالح، والطفلة نبال التي تم الاعتداء عليها ثم قتلها، والملازم أحمد الرواحنة الذي ارتقى شهيداً بعد أن قتله متعاطٍ للمخدرات بوجه بريء خادع، كلها جرائم وحشية تمتع مجرموها قانوناً بحق التنقل وحرية "التشحيط والتفحيط" والشكوى على رجال الأمن إن تم لمسهم.

وفي كل مرة كان يقبض عليهم، كانت تنتهي قضاياهم لدى القضاء إما بإسقاط الشكوى، أو الحكم عليهم لأيام أو أشهر يعودوا بعدها إلى هواياتهم في تعكير صفو المجتمع، وهو ما يفسر وجود عشرات من أصحاب القيود التي قد تم تسديدها لدى القضاء ولا يوجد بحقهم أي طلب.

هذه الوحوش البشرية أتقنت التحرك تحت غطاء من منظمات وجمعيات وصفحات فيسبوكية مارست كل الضغوط على رجال الأمن من فنون تصوير ونشر وتنمر إلكتروني هدفت بقصد أو دون قصد إلى توليد قناعات لدى رجل الأمن العام بأن ترك هؤلاء أفضل من جلبهم، لما قد يسببوه من مساءلة أو تنمر، خاصة أنهم في كل الحالات سيعودون من جديد، وبقيد جديد يتفاخرون به بين غيرهم من "الزعران".

رجل الأمن العام يمضي وحيداً في ليالي موحشة قد يتعرض فيها لكل أنواع الغدر من متعاطين فقدوا القدرة على التمييز، وعليه أن يتعامل مع شرائح مختلفة من المجتمع، ومن بينها شرائح قد لا نضطر نحن الجالسون في بيوتنا أن نتعامل معها أو حتى أن نراها، إنما نتركها له، وعليه أن يتحملها بكل شرورها من زيف وادعاء وجرائم وشتائم وتهديدات تطاله وأسرته، يراها ويسمعها كجزء من روتينه اليومي، وهو في النهاية أب لأطفال وابن لأم ينتظرون عودته، يتأثر بما يتأثر به المجتمع، وكل ما يطمح إليه هو القيام بواجبه والعودة لمنزله دون مشاكل أو هموم تزيد أعباء الحياة عليه.

الشيء الوحيد الثابت، أن رجل الأمن الأردني صاحب نخوة وشهامة قدم من الدم والتضحية لوطنه الكثير، وفي كل أوقات الضيق كان عوناً وسنداً لكل الناس من حوله، وعلى قدر ما أغضبتنا حادثة الفتى صالح أفرحنا مدير الأمن العام اللواء حسين الحواتمة في ذلك الوقت بإجرائه السريع في القبض على ممتهني البلطجة وترويع المواطنين، وهو من شددنا على يده عندما قال أنا أول من يطالب بتشديد العقوبات بحق من يعتدي على سلم المواطنين وأمنهم، وبأننا سندافع عن رجل الأمن لتمكينه بدوره من الدفاع عن المجتمع، وهو ما قد حث بالفعل لا بالقول.

واليوم، مالنا نرى أصواتاً كانت سبباً مباشراً أو غير مباشر في تكفيل أبو علي "الزنخ" قبل جريمته، تتنمر من جديد على رجال الأمن وتنتظرهم على كل مفرق بهواتف وكاميرات تبحث عن أي خطأ ليتداعي له البعض ممن يخشون حتى السير في الظلمة، وينتقدون فيه رجال تركناهم لعتمة الليل وما فيها من وحوش قد تنقلب في لحظة لقتل حتى على أعز الناس عليها.   
فهل نترك رجل الأمن لكي يمضي وحيداً في لياليه الموحشة، تحت سيف كذبهم وجرائمهم ووقع تنمرهم؟