ما أحلى الدار والديرة ..حكايات واسرار يرويها شيخ البلد
جفرا نيوز - خاص
الملك عبدالله الثاني يسجل ضربات ذكيةٍ ومحكمةً ضد الخصم المتغطرس بنيامين نتنياهو؛ كانت المرة الأولى حين رفض الملك زيارة تل أبيب أكثر من مرة، وحين رفض الدخول في صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية والثانية حين أنهى تأجير أراضي الغمر والباقورة والثالثة يوم الأربعاء الفائت حين تم منع طائرة نتنياهو من عبور الأجواء الأردنية ...لقد كان الملك حكيمًا في تبريد العلاقة مع الكيان إلى درجة الصفر دون إلغاء معاهدة وادي عربة لأن تبعات الإلغاء في السنوات العجاف صعبة وربما تنقلب ضد الأردن.
******
أما الامير حسين فقد سجل هدفًا محكمًا وهو عبارة عن رسالة للشعب الفلسطيني الذي بات يشعر بعزلته عربيًا ودوليًا خلال سنوات حكم ترامب وإعلان القدس عاصمة لاسرائيل ومحاولة الضغط لاجبار الأردن على الدخول في صفقة القرن فحين قال قبل أيام أن القدس مسألة شخصية فقد كرس موقف الهاشميين من القدس وان هذا الموقف ثابت ولن يتغير وان الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية خط أحمر .. حتى وإن كان هذا التصريح هو السبب في تعطيل زيارة الأمير للقدس فإن الرسالة وصلت وهي في غاية الاهمية وسوف تجبر اسرائيل على إعادة حساباتها كثيرًا تجاه الاعتداءات اليومية من قبل قطعان مستوطنيها على المقدسات الاسلامية والمسيحية.
*****
أفضل وسيلة لدعم الوصاية الهاشمية على القدس هي الوقوف بحزم مع جلالة الملك عبدالله الثاني شعبيًا في فلسطين وفي الأردن وليس رسميًا فقط وبدون مجاملة فقد سطر عبدالله الثاني صفحة بيضاء زاهية في تاريخه الشخصي وتاريخ أجداده وأكد ليس على معنى الوصابة الهاشمية على القدس وأنها خط أحمر للهاشميين بل على عمق العلاقة التي تربط الأردن وفلسطين وعلى عروبة فلسطين وان العالقة معها ليست مجرد نتيجة وحدة الضفتين بل تتويج عملي لمبادئ الثورة العربية الكبرى.
*****
الموقف الأردني الراسخ والثابت من القضية الفلسطينية ومن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين اليونيروا دفع العالم لدعم استمرار هذه الوكالة رغم محاولة ترامب واللوبي اليهودي في امريكا شطب هذه الوكالة وبالتالي شطب الجزء الأهم في القضية الفلسطينية ومحاول توطين اللاجئين وتصفية القسية نهائيًا.
*****
الأسلحة كثيرة في جعبة الملك عبدالله تجاه القدس والقضية الفلسطينية فما زالت الضفة الغربية دستوريًا جزءًا من المملكة الأردنية الهاشمية وما زالت الضفة الغربية والقدس هي أرض أردنية محتلة حسب قرار 242 الدولي ...وهذا لا يغيب عن بال الملك.
******
معرفة الملك عبدالله الثاني بالعقلية الغربية وامتلاكه اللغة والثقافة الانجليزية، جعلته لا يبدي رهبة أمام المسؤولين الغربيين بل يعاملهم كند، وأثبت أسلوبه المعبر في كيفية إيصال الفكرة على طريقتهم، وقد نجح دبوماسيا في توصيل مواقفه ومواقف الأردن في أحرج الظروف وأصعبها وربما سوف تكون المهمة عليه اليوم أسهل مع وصول الديمقراطيين إلى الحكم في واشنطن، ولا ننسى أن جلالته على صلة بالكثيرين منهم خاصة الرئييس بايدن نفسه والكثير من قيادات الحزب الديمقراطي.
*****
وليم بيرنز الذي يدير وكالة المخابرات الأمريكية اليوم كان سفير الولايات المتحدة في الأردن حين تسلم الملك عبدالله سلطاته الدستورية وهناك علاقة شخصية معه وكان بيرنز مطلعًا على تفاصيل كثيرة ولديه خبرة ودراية في المجتمع الأردني لا نقول ما هو معروف عن علاقته بتلك الشخصيات السياسية الأردنية المعروفة، بل الشخصيات الفنية والثقافية التي تعامل معها آنذاك بل كان مطلعًا على الحياة الاجتماعية والسياسية والديمقراطية في الأردن دون تدخل ممجوج أو منفر كنا فعل سفراء غيره، فالرجل يتمتع بحس دبلوماسي عريق وبثقافة محترمة وهو من الشخصيات المؤثرة اليوم في القرار الأمريكي ولعل ذلك لا يخفى على الملك عبدالله الخبير بالشأن الأمريكي، وهو يدير اليوم معركة دبلوماسية واسعة وثقيلة وشرسة مع نتنياهو الذي يحرض يوميًا على إلغاء الوصاية الهاشمية ويحاول اختراق الاجماع العربي على ذلك وفرض الإرادة الاسرائيلة على العالم العربي..
*****
زيارة الملك الأخيرة للسعودية ولقاؤه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لمن يقرأ ما وراء التقاير الإعلامية هدفت الى ترسيخ الوصاية الهاشمية على القدس أولًا وترسيخ العلاقة مع الرياض ثانيًا فالأردن يتحرك لإبقاء علاقاته متوازنة وقوية مع محيطه العربي وخاصة السعودية والخليج العربي ومصر والعراق ..وهذا محور الاعتدال العربي الذي ما زال مؤمنًا بتطبيق مبادرة السلام العربية قبل التطبيع مع اسرائيل وهو موقف عمان منذ تم التوقيع على اتفاقية وادي عربة أي أن الأولوية هي حل القضية الفسلطينية وأقامة الدولة الفسلطينية أولًا وقبل التطبيع وفرض املاءات على الدول العربية قبل السلام العادل، اليس هذا أيضأ هو موقف النظام السوري؟.
*****
في مقابل هذه الانجازات الدولية التي يحققها الملك عبدالله الثاني ينبغي على الحكومة والدولة نفسها أن تساعد الملك في تطبيق تلك الأوراق النقاشية التي نشرها قبل سنوات وعلى رأسها ترسيخ الديمقراطية وسن قانون انتخاب عصري وتحقيق نقلة سياسية ديمقراطية ذكية تحقق بعضأ من طموحات الملك عبدالله وولي عهده والهاشميين أنفسهم.
*****
قبل عام أطلق نتنياهو كلبه المسعور ايلي كوهين ليتهجم على الأردن ولم يهبط الأردن إلى مستوى الردح الصهيوني وكان الرد على تلك الهرطقات هي تصميم الملك على رفض صفقة القرن بشكل حازم ودون ضجيج فالحكمة تقتضي العمل الدبوماسي في وسط حالة هيجان أحدثها ترامب وربيبته اسرائيل ونجح الملك عبدالله في رفض ضغوطات ننتنياهو على الأردن ليس بالثرثرة والردح ولكن بالحزم وأجزم أن الغاء اتفاقية الغاز في طريقها إلى التنفيذ حين يجد الملك البديل لتوريد الغاز والفرصة المناسبة لذلك
*****
جميل التنسيق الفلسطيني من قبل السلطة الوطنية الفلسطينة في رام الله مع عمان ولم نشهد طيلة فترة حكم الملك عبدالله ومحمود عباٍس أي تقلبات في هذه العلاقة وهذا يؤسس لعمل عربي مشترك وجماعي بإسناد من القاهرة والرياض، والملك يعرف كيف يثبت هذا المحور رغم الضجيج الاعلامي ..والظروف الدولية الصعبة وجائحة كورونا.
*****
حكمة الملك عبدالله الثاني تقول: اعمل بهدوء ودون ضجيج ولكن لا تتنازل عن الحقوق العربية الثابتة ولا تفرط برمزية القدس الشريف فهي بالنسبة لجلالته خط أحمر لا تقبل المساومة ولا القسمة ولعل الرسالة وصلت الى نتنياهو واليمين الاسرائيلي المتطرف فرغم القفزات البعيدة التي حققها نتنياهو في التطبيع مع بعض الدول العربية ولكن لن يكون هناك سلام عادل ومتوازن دون رضا عمان وموافقتها.