إعادة الثقة للمواطن .. التنمية الحل الأمثل
جفرا نيوز- بقلم د. عماد ال خطاب
يتطلع الشارع الأردني هذه الأيام إلى قرارات الحكومة بكل إحباط وتهكم ففي الآونة الأخيرة ومع دخول الوباء وارتفاع الدين العام وانعكاسه على الاقتصاد الذي اثر سلبا على حياة المواطنين والقادم أعظم بعد تدهور الأنشطة الاقتصادية مع الركود العالمي إثر هذه الجائحة التي عصفت بنا , إضافة إلى تراكمات السياسات الخاطئة من الحكومات السابقة التي أضاعت بوصلة الإصلاح الأساسية التي حددها صاحب الجلالة الملك عبدا لله الثاني بن الحسين حفظه الله وذلك في خطبة العرش السامي في افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة بتاريخ 15112015 ( إن قانون اللامركزية يشكل ركيزة أساسية لتوسيع صلاحيات الإدارات المحلية في المحافظات , وتعميق مشاركة المواطنين , وتمكينهم من المساهمة في تحديد أولوياتهم , ووضع تصور مستقبلي لمسار التنمية في مناطقهم وتوزيع مكتسباتها بشكل أكثر عدالة وفاعلية ) فتلك المصطلحات لم يفهمها الكثير أو لم يتم تطبيقها بالشكل الصحيح .
إلا انه وبعد إقرار قانون اللامركزية وانتخاب مجالس المحافظات لم تترجم مفهوم التنمية بشكلها الصحيح حيث شرعت مجالس المحافظات بإعداد مشاريع خدمية وتوجهت إلى العمل على ما تفرضه السلطات المركزية وتشوبها بعض الجهوية وغفلت عن الهدف الرئيسي وهو تخفيض البطالة والفقر ولم توجه إلى المشاريع الإنتاجية والتشغيلية من خلال الميزة النسبية لكل محافظة فعلا سبيل المثال ( لم يقتطع مبلغ لافتتاح مصنع تغليف وتعليب الخضار في منطقة الاغوار ) و تفعيل الهيئات المجتمعية التي هي محور التنمية واللامركزية وإشراكهم بصنع القرار، إلى انه لا يوجد خطة إستراتيجية واضحة مدروسة تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات المحيطة بنا , وتغييب دور المواطن عن صنع القرار لتوغل السلطة المركزية على مجالس المحافظات وشح الموازنة , وعليه يجب العودة إلى المربع الأول في إعادة صياغة القانون والعمل على تفعيله بالشكل المطلوب ضمن شراكات قوية بين جميع الأطراف المعنية وأهمها البلديات والقطاع الخاص رغم الظروف التي نمر بها إلا إن هنالك بعض الفرص التي من الممكن استغلالها لنجاح هذا المفهوم على ارض الواقع وإعادة تفعيل المواطن للاندماج بذلك المفهوم وخصوصا لقرب طرح قانون اللامركزية على المجلس التشريعي وانتخابات المجالس لهذا العام.
تتميز المملكة بتكاملية اقتصادية فريدة من نوعها رغم صغرها تغطي متطلبات المواطنين وتمتاز كل محافظة بميزة نسبية مكملة للمحافظات الأخرى ولدينا عقول وكفاءات لو استغلت استغلال امثل لكان هنالك نجاح بتطبيق الخطط التي أصبحت لا تبارح أرضها وينقصها الإرادة في التطبيق وهنا نقف حائرين من الحكومات السابقة واللاحقة عن مدى جديتها بالعمل نحو الإصلاح الاقتصادي وإدارة الأزمات بكل حرفية حيث اظهر التخبط بالقرارات عدم الثقة بكل قرارات الحكومات وزادت في الفترة الأخيرة بظهور أزمة الوباء العالمي كوفيد 19( كورونا ) مما جعل الناس أكثر استياء من القرارات المتخذة بعد إن ظهرت المشكلة الاقتصادية جليه على السطح وهنا انوه انه من الصعب التقدم والسير نحو الإمام إلا بكسب التأييد من الشارع الأردني الذي أصبح لا يثق بالإجراءات والسياسات المتبعة من قبل الحكومات مما يؤدي إلى الرفض والتشكيك بكل المنجزات التي حصلت ولو كانت بسيطة فلا بد من وجود الشفافية والوضوح والتعاطي مع الشارع الأردني على انه شريك استراتيجي مطلع على الخطط والأهداف المرسومة واطلاعه على الصعوبات والتحديات ليتحمل جزء من المسؤولية اتجاه الوطن وبالأخص في هذه الظروف الصعبة فيجب وعلى التوازي السير بإدارة الأزمة والتفكر بالتنمية الحقيقية والتحضير لما بعد الوباء.
هنا بعدما عرضنا الكثير من الشوائب والخلل في السياسات والقرارات المتخبطة فلا بد أن نطرح الحل وهو إعادة صياغة السياسات والمنهجية التي تعمل بها الحكومات ونلجأ إلى القواعد الرئيسية والتي كتبها صاحب الجلالة حفظه الله في أوراقه النقاشية السبعة فهي خارطة طريق لمن تاه واستعصت عليه أموره ليدرسها بعمق والتي تجاوب على كل استفسار وتلبي جميع المتطلبات الضرورية حيث تبدأ بالديمقراطية وتنتهي بالمواطنة بتفسير جميل لكل ورقة فهي الفيصل والمرجع والأساس لبناء دولة عصرية مثل نجمتنا السباعية واضحة جليه .
تلك الأوراق النقاشية عبارة عن منطلق لحياة ديمقراطية ومؤسسية بامتياز وتطبيقها ليس بالشيء الصعب إنما تحتاج إلى إرادة وعنصر شبابي يحمل الراية الهاشمية قدما للنهضة الحقيقية لهذا الوطن بعيده عن المناطقية والجهوية فللعنصر البشري دور رئيس لبناء الأوطان وتفادي العقوبات والتحديات , لنقدم الكفاءات بعيدا عن التحيز ولنبدأ العمل التنموي الذي سيغير الكثير ونسترجع الثقة التي غابت طويلا بين من يتخذ القرار والشارع الأردني المحبط ولنعود إلى التنمية الحقيقية التي تعمل على خلق فرص العمل وتحد من الفقر باستراتيجيات تقرأ وتنفذ وليس لعمل ورش عمل وتركن على رفوف النسيان .
القطاع العام هو منطلق الأعمال ومنفذ الاستراتيجيات وأساس التنمية يحتاج وبكل صدق إلى إعادة هيكلة وترشيقه ليتواكب مع المرحلة القادمة مع مراعاة الظروف ألراهنه والصعبة للعمل بكل مرونة حيث تكثر البطالة المقنعة وتضعف به روح الشباب حتى تصل في بعض المؤسسات إلى البيروقراطية المقيته دون أي إبداع يذكر أو إنتاج يطرح فأصبح يلتهم موازنة الدولة رواتب وأجور , يجب تهيئة الموظف العام ليس فقط بوضع أنظمة تطبق على الورق في اغلب المؤسسات دون تطبيق على ارض الواقع وإنما تطبيق إدارة الموارد البشرية بكل حيثياتها لنصل إلى الموظف الشامل وإيجاد الكفاءات للقيادة من صفوفهم بعيدا عن الواسطة , وعلما بان نصف الموظفين في القطاع العام لا يستطيعون استخدام الحاسوب ولا يعلم ما هو الوصف الوظيفي او طبيعة مهامه او حقوقه إنما هي بيانات تعلق على لوحة الحائط , تغيير الثقافة التنظيمية السائدة في القطاع العام أصبحت ضرورة ملحة للمراحل القادمة لتحقيق النتائج والإنتاجية المطلوبة .
مملكتنا الصغيرة بحجمها , الكبيرة بعطائها , صدرت العديد من المبدعين الذين اثبتوا للعالم أسره مدى قدرتهم على التغيير والبناء لنستقطبهم وننهض بوطننا عبر السير بالتنمية الاقتصادية المستدامة بالاستغلال الأمثل للموارد المتاحة ليلامس المواطن على ارض الواقع التحسن والايجابية ونعيد جزء من الثقة المفقودة لكي ينعم وطننا بالخير ونعظم انجازاتنا التي دام نكرانها ونعمل سويا للخروج الى بر الأمان و لا ننسى بان اعتماد السياسة على الاقتصاد فهما عنصر واحد لنجاح الأوطان حفظ الله الأردن وحفظ قائدها .