البابا فرنسيس يحيي أوّل قدّاس له في العراق في كنيسة في بغداد
جفرا نيوز - بدأ البابا فرنسيس السبت، في اليوم الثاني من زيارته التاريخية إلى العراق، بإحياء أوّل قدّاس له في البلاد بكاتدرائية مار يوسف في بغداد، بحضور مسؤولين ومصلين جلسوا بشكل متباعد التزاما بالقواعد الصحية الهادفة لاحتواء وباء كوفيد-19.
وللمرة الأولى، يحيي الحبر الأعظم قداسا بالطقس الشرقي الكلداني، وتتخلله صلوات وتراتيل باللغتين العربية والآرامية.
السيستاني
أكّد المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني "اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام"، بحسب بيان صدر عن مكتبه عقب اللقاء التاريخي الذي جمعه مع البابا فرنسيس في النجف، في أبرز محطات زيارة الحبر الأعظم التاريخية إلى العراق.
وشدّد السيستاني خلال اللقاء الذي بدأ نحو الساعة التاسعة (7:00 ت غ) في منزله وانتهى بعد خمسين دقيقة، على ضرورة أن يتمتع المسيحيون "بكامل حقوقهم الدستورية"، شاكراً الحبر الأعظم على زيارته.
ونشر الموقع الرسمي لأخبار الفاتيكان صورة تجمع الرجلين. ولا يظهر السيستاني إجمالا أمام وسائل الإعلام، ويتلو عنه أعوانه خطبه في العلن.
وبعدما التقى زعماء الطوائف الكاثوليكية الجمعة في بغداد، مدّ البابا اليد إلى المسلمين الشيعة بزيارته السيستاني البالغ من العمر 90 عاماً في منزله المتواضع في مدينة النجف على بعد 200 كلم إلى جنوب بغداد.
ويأتي اللقاء بعد عامين من توقيع البابا فرنسيس وثيقة الأخوة الإنسانية مع إمام الأزهر، إحدى أبرز المؤسسات التابعة للمسلمين السنة ومقرها مصر.
وسبق أن زار البابا، دولا يغلب المسلمون على سكانها مثل الأردن وتركيا ومصر وبنغلادش وأذربيجان والإمارات والأراضي الفلسطينية، ودعا خلال هذه الزيارات إلى الحوار بين الأديان.
وبعد لقائه بالسيستاني، توجه فرنسيس إلى أطلال مدينة أور القديمة التي يعتقد أنها مسقط رأس النبي إبراهيم جنوبي العراق، حيث من المقرر أن يلقي كلمة خلال اجتماع ديني.
ومن المتوقع أن يقود البابا قداسا في كاتدرائية القديس يوسف للكلدان عند عودته جوا إلى بغداد.
والسيستاني أحد أهم الشخصيات في المذهب الشيعي سواء في العراق أو خارجه.
ويحظى السيستاني بنفوذ كبير على الساحة السياسية. وجعلت فتاواه العراقيين يشاركون في انتخابات حرة للمرة الأولى عام 2005، كما شارك بفضلها مئات الآلاف في قتال "تنظيم الدولة" الإرهابي المعروف بـ "داعش" عام 2014، وأطاحت أيضا بحكومة عراقية تحت ضغط الاحتجاجات الحاشدة عام 2019.
ونادرا ما يقبل السيستاني (90 عاما) اللقاءات، ورفض إجراء محادثات مع رئيس الوزراء العراقي الحالي ورؤساء وزراء سابقين، حسبما قال مسؤولون مقربون منه. وقال مصدر في مكتب الرئيس، إن السيستاني وافق على لقاء البابا بشرط ألا يحضر أي مسؤول عراقي الاجتماع.
والسيستاني له مكانة رفيعة للغاية وسط الملايين من أتباعه الشيعة، وتدخل خلال منعطفات مهمة مع معاناة العراق من أزمة تلو الأخرى.
وبدأ البابا أخطر رحلاته الخارجية الجمعة، حيث توجه إلى العراق وسط إجراءات أمنية مشددة في أول زيارة بابوية للعراق لمناشدة قادة وشعب البلاد إنهاء عنف المتشددين والصراع الديني.
ونشر العراق آلافا من أفراد قوات الأمن لحماية البابا أثناء الزيارة التي تأتي بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية والتفجيرات الانتحارية وزيادة في عدد الإصابات بكوفيد-19.
وقال البابا إن زيارته تهدف إلى التعبير عن التضامن مع الطائفة المسيحية في العراق والتي أصبحت تضم حوالي 300 ألف شخص أي خُمس عدد أفرادها قبل الغزو الأميركي عام 2003، وعنف المتشددين الذي أعقب الغزو.
وكان البابا السابق يوحنا بولس الثاني على وشك زيارة العراق، لكنه اضطر لإلغاء زيارة مزمعة عام 2000 بعد انهيار محادثات مع حكومة صدام حسين.
وخلال اجتماع مع مسؤولين عراقيين ودبلوماسيين في قصر الرئاسة، وجه البابا دعوة للعراقيين لمنح صناع السلام فرصة. وكان البابا (84 عاما) يعرج بشكل ملحوظ مما يشير إلى أن آلام العصب الوركي ربما عاودته من جديد.
وفي وقت لاحق، صلى البابا من أجل من سقطوا ضحية هجمات بدوافع دينية خلال زيارة لكنيسة في بغداد شهدت مقتل 50 مصليا على أيدي متشددين في عام 2010.
وتحسن الوضع الأمني في العراق منذ إعلان هزيمة "داعش" في عام 2017، لكن البلاد لا تزال مسرحا لتصفية حسابات دولية وإقليمية، لا سيما التنافس المرير بين الولايات المتحدة وإيران في الأراضي العراقية.
وبعد سنوات من العقوبات الدولية والحرب المدمرة مع إيران في الثمانينيات، أدى الغزو الأميركي إلى دخول العراق في دوامة صراع طائفي وسوء إدارة مزمن منذ ذلك الحين.
أ ف ب + رويترز