التعليم العالي آمال وطموحات

جفرا نيوز - كتب - الدكتور بسام ابوخضير 
تأتي عملياتُ التعديل التي يجريها دولة الدكتور بشر الخصاونه على حكومته منسجمةً مع توجهه الجاد في السعي إلى التكامل  وإدارة ضمان الجودة  ، وإعادة التموضع  للتصدي للتحديات الكبيرة التي خلَّفتها جائحة كورونا في مناحي ومفاصل حياتنا المختلفة سواءٌ على المستوى الوطني أو الاقليمي والدولي. 
 
وفي هذه المناسبة أرى ضرورة إلقاء الضوء على ملف قطاع التعليم العالي ومؤسساته ، وذلك لأهمية هذا القطاع على مستوى الدولة الأردنية الواثقة وهي تدخل مئويتها الثانية ،  تدرك أن لا تقدمَ ولا تنميةَ ولا مسايرةَ لركب التطور العالمي المتسارع  إلا بمؤسسات تعليم عالٍ ، تنعم برؤىٰ رؤسائها ونظرتهمُ الثاقبة ، وخططهم الإستراتيجية   التي لا تذوب مضامينها في أشكالها  . 

إن قطاع التعليم العالي ، قطاعٌ رفيع المستوى ، جزيل العطاء ، يحتاج إلى قياداتٍ بمستوى رُؤىٰ جلالة الملك ،  قياداتٍ قادرة على الخروج من دائرة شؤون التعليم العالي  ، بوضعه الراهن ، وما تراكم فيه من أنظمة غدت مسلماتٍ غير قابلة للحوار والتعديل ، إلى عالم الإدارة الرحب والمتجدد ،  والذي تتجلىٰ فيه مظاهر الإبداع والابتكار ، ومواجهة التحديات الكبيرة والكثيرة بكل ثقة وقوة وأمانة ، والتي من أبرزها وأهمها : الإختيار  السليَم للقيادات الجامعية المؤهلة ، والجديرة بمهامها ؛ لكون كفاءة الإنجاز لعناصر الإنتاج مجتمعة في الجامعة  تعتمد بالدرجة الأولى على كفاءة القدرة الإدارية لرؤسائها ، مما يقتضي الإهتمام بانتقائهم واستقطابهم  لمنع وصول شُخوصٍ تفتقر الى المصداقية والجدارة .

وأُنوّه هنا إلى نمطين إثنين  من أنماط الإدارة الجامعية خَلُصت اليهما بعضُ الدراسات والأبحاث. 

النمط ألاول : يقوم على فلسفةٍ وميكانيكيةٍ تغلب عليها الشخصانية والإرتجال والتسلط  والفوضى وغياب الثقة .

ويهتم  أصحاب هذا النمط بالدعاية الإعلامية والإجتماعية  أكثر من الإهتمام بالبيئة الداخلية ، ورسالة الجامعة ، و فيه يعتري الكوادر القلق والتوتر ، مما ينعكس على الأداء والمخرحات. 
 
 كما أن  الرئيس يعتمد لتأمين بقائه وإستمراريته على الإستعانة  بأشخاص ذوي سلطة  يسندونه  ويتسترون على ضعفه ومخالفاته . 
 
ويترتب  على هذا النمط من الإدارة ، إنخفاض مستويات الأداء والإنتاحية ، وإنخفاض معدلات الرضا الوظيفي ، وإرتفاع كلفة العمل ، وضعف التفاعل المجتمعي . 

 النمط الثاني : يتميز بالشمول والإحاطة والتجدد والوعي والكفاءة والحصافة الإدارية المستندة الى مبادئ العدل والموضوعية والمبادرة والولاء للوطن والمهنية وإنكار الذات والنظرة الثاقبة في التقييم المرتكزة على  الكفاءة وسيادة القانون . 

 ويتمتع هؤلاء بكيان إداري رفيع يتحلى بالقدرة على الحوار والمناقشة وإستثمار طاقات الأفراد  وتحفيزهم ،  وينتج عن هذا النمط مخرجاتٍ كفؤة ، وانتاجٍ بحثيٍ متميز ، وقدرة على إستثمار موارد الجامعة وتعظيمها ، والتفاعل مع المجتمع ومحيطه الإقليمي والعالمي بصورة فاعلة.

مقابل هذا الطرح يمكننا أن نسأل هل هذان النمطان موجودان ولهما أثر وفعل في جامعاتنا...؟ وهل تدار جامعاتنا برؤية المستقبل الذي أراده جلالة الملك وأكد علية مراراً وتكراراً في لقاءاته مع القيادات العلمية والأكاديمية والأوراق النقاشية؟

 أم أن هناك اسلوبٌ آخر تدار فيه الجامعات  لمصلحة قصيرة الأجل تجعل من العملية التعليمية عبئا على التطوير والتنمية والديمقرطية؟ 

فكثيرٌ ما يتحدث بعض الرؤساء عن التطوير في جامعاتهم دونما ان يتوازن حديثهم مع الواقع الفعلي وينطوي  ذلك على البعض  لعدم محاكمة ذلك مع مؤشرات قابلة للقياس .

إن قيادة الجامعة ليست وظيفة ، وإنما هي تفاعل بين الرئيس ومرؤسيه، والجامعة والمجتمع. 

 كما أنها حدث وموقف يترفع عن النمطية ، ويتخلص من الأسر وسلوك القطيع والإدارة بالقطعة .

كل ما سبق يقودنا إلى سؤالٍ مُؤدّاه : مَنْ هو الشخص الذي سيقود قطاع التعليم العالي ويأخذ بناصيته إلى معارج الرفعة والسمو كما أراده جلالة الملك؟ مَنْ هذا الكبير الذي يترفع في الإختيار والتقييم عن الشبهات والأهواء والمصالح . 

مَنْ ذاك الرجل الذي يحمل في حقيبته إستراتيجية محكمة لا تؤدي إلّا إلى النجاح والتميز للوصول بالتعليم العالي إلى مصاف الدول المتقدمة في الخبرات العلمية والأكاديمية والبحث العلمي .