مزيد من «التوصيات».. فمن ينفّذ؟

جفرا نيوز -كتب عوني الداوود


بالامس انتهى ماراثون مناقشة موازنة 2021 من قبل السادة الاعيان، وقبل ذلك من قبل السادة النواب. مجلس النواب تبنى نحو 16- 18 توصية للجنته المالية وزاد عليها عددا من التوصيات في ختام المناقشات. ومجلس الاعيان تبنّى يوم أمس نحو ( 27) توصية للجنته المالية أيضا.

وهنا لا بد أن اشير، وللامانة والانصاف، الى الجهد الذي بذل من اللجنتين في التعامل مع موازنة من الصعب جدا، بل لا يجوز اضافة دينار واحد عليها، ولا يسمح الا بالتخفيض أينما أمكن ذلك، مع أن مساحة الحركة في موازنة تشكّل فيها الرواتب نحو ( 65 %)، ونحو (17 %) فوائد خدمة الدّين ونحو (10 %) نفقات تشغيلية، أقول إن مساحة الحركة فيما تبقى تكاد تكون معدومة، ولذلك طغت المطالب الخدماتية على مطالبات النواب تحت ضغط الناخبين - وهي مطالب مشروعة حتى ولو كان تنفيذها صعبا - في حين أن توصيات الاعيان - وللانصاف - كانت هذه المرّة مختلفة تماما عن كل مرة، وخرجت عن المألوف في أنها لم تكن توصيات تخص موازنة 2021 حصريا، بل كانت تهدف الى مقترحات متوسطة وبعيدة المدى للتعافي والنهوض بالاقتصاد الوطني، ودخلت بالتفاصيل الى درجة اقتراح ( 10 ) مشاريع كبرى تمت تسميتها.

هذا الجهد الكبير من قبل المجلسين، يضاف اليه جهود أخرى ودراسات من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني والمساهمة بأفكار للتعافي الاقتصادي، بدءا من تقريرمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية يوم أمس، وقبله دراسات المجلس الاقتصادي والاجتماعي «حالة البلاد»، ومنتدى الاستراتيجيات الاردني ودراسات جمعية رجال الاعمال الاردنيين وغرف التجارة والصناعة، وقبل كل ذلك ومنذ بدايات ظهور وانتشار جائحة كورونا في الاردن الدراسات والتوصيات التي أطلقها «مركز الدستور للدراسات الاقتصادية».. الخ. كل تلك الدراسات والتوصيات وغيرها.. وجميعها قيّمة، ولكن هل هناك من يتابعها ويعمل على تنفيذ الممكن والصالح والقابل للتنفيذ منها؟ أم أنها للاطلاع فقط؟ أو حتى مجرد «دراسات لزوم الدراسات» فقط؟

نحن من أكثر الشعوب، ربما، التي تمتلك قدرة خارقة على التحليل والتشخيص والتنظير والتوجيه، ولكننا للاسف الشديد في آخر صفوف أو طوابير التنفيذ وتحقيق النتائج.

حتى من يفترض أنهم أصحاب قرار، ويجلسون على كراسي المسؤولية يعمدون - تهربا من المسؤولية او استسهالا لنقد من قبلهم - يعمدون للشكوى والتذمر والانتقاد حالهم حال من هم خارج مواقع المسؤولية!! اذن من هو المعني بالتنفيذ لهذا الكم من التوصيات.. هل هو المواطن؟! هل المواطن هو المسؤول عن جميع المشاكل الاقتصادية والادارية والصحية وعليه أن يحلها بنفسه؟؟

حتى لا يذهب كل هذا الجهد سدى، وحتى لا تبقى التوصيات حبيسة الادراج - كما جرت العادة دائما - لا بد من المتابعة - التي لا نحسنها غالبا - وما دامت الحكومة تتعهد بتقديم تقارير ربعية للموازنة على مجلسي النواب والاعيان ممثلا بلجنتيه المالية متابعة ما انجز من توصيات بين حين وآخر، وعلى كافة مراكز الدراسات أن تواصل جهودها، وعلى الاعلام بكل وسائله أن لا يفتر أبدا عن «دبة الصوت» متى دعت الحاجة، من أجل مواصلة مسيرة الإنجاز، لأن الوضع أو الظرف لا يحتمل أبدا خطوات الى الوراء.