القوانين رافعة «التخصصية»
جفرا نيوز- كتب عمر عليمات
رسالة جلالة الملك التي بعث بها إلى مدير المخابرات العامة لا يمكن تأطيرها ضمن سياق مرتبط بعمل دائرة المخابرات العامة فقط، إذ حملت توجيهاً واضحاً ومباشراً لكافة المؤسسات للقيام باختصاصاتها وأدوراها، في ظل التطور الذي شهدته المنظومة القضائية التي تكفل للجميع العمل وفق القوانين التي أنشأت بموجبها الجهات الحكومية.
الرسالة الملكية تُعلي من دور «المؤسسية» و»التخصصية» باعتبارهما رافعتين أساسيتين لجودة عمل أي جهة، وهذا الأمر يحتاج إلى مواءمة تشريعية تضمن عدم التداخل في النصوص القانونية التي تُعطي ذات الصلاحيات لعدة جهات ومؤسسات في ذات الوقت، بشكل يصبح معه التداخل مبنياً على نص قانوني.
اليوم هناك قوانين معروضة على مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها، لذلك لا بُد من قراءتها بشكل ينسجم مع توجهات الدولة، خاصة المواد التي تتعلق بالصلاحيات، وهذا ما يقودنا إلى مشروع القانون المعدل لقانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، والذي ينص في بعض بنوده على جرائم تتعلق بنشر المعلومات الكاذبة واغتيال الشخصية على الرغم من وجود نصوص قانونية واضحة يمكن اللجوء إليها للتعامل مع هذه الجرائم مثل قوانين المطبوعات والنشر والجرائم الإلكترونية والعقوبات، علاوة على حق كل شخص باللجوء للقضاء للدفاع عن سمعته ومكانته.
حماية سمعة الناس وعدم رمي التهم جزافاً من أساسيات الحقوق الإنسانية، وبما أن هذا الأمر منصوص عليه في عدة قوانين أخرى وأُفردت له مواد تضمن للجميع حق التقاضي ومنع أي إساءة سواء بالنشر أو غيرها، فما المبرر أن تضاف إلى صلاحيات هيئة النزاهة ومكافحة الفساد التي عليها تركيز جهودها لملاحقة الفاسدين ومنع أي تغول على المال العام، دون أن تنشغل بمراقبة ما ينشر حول القضايا المتعلقة بالفساد والفاسدين، في ظل وجود مؤسسات أخرى معنية بهذا الأمر وقوانين تكفل منع أي شخص من نشر معلومات كاذبة ومغلوطة.
مشروع القانون رغم أن ما تضمنه ليس بالجديد وهناك تجريم واضح لمثل هذه الممارسات أثار لغطاً عند العديد من المؤسسات المدنية سواء المحلية أو الخارجية، لذلك نحن في غنى عن هذا اللغط في ظل وجود قوانين أخرى يمكن اللجوء إليها والتقاضي بموجبها.
باختصار تشكل الرسالة الملكية خارطة طريق لكافة المؤسسات التشريعية والتنفيذية وعلى الجميع أن يمارس مهامه واختصاصته المطلوبة، ومشروع القانون المعدل لقانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد قد لا يكون المشروع الوحيد المعروض على مجلس النواب وفيه تداخل للصلاحيات بين الجهات المختلفة، لذلك لا بُد من البدء أولاً بالقوانين التي ما زالت في طور التشريع بحيث تكون منسجمة مع الرسالة الملكية، ومن ثم مراجعة القوانين السارية التي تحدد الأدوار والمسؤوليات لضمان «التخصصية» و»المؤسسية».