رسالة الملك للمخابرات...تُخمد التكهنات


جفرا نيوز - كتبت دعاء العبادي

بددت الرسالة الملكية التاريخية من جلالة الملك عبدالله الثاني لمدير المخابرات صقيع الثلوج و بترت السكون وارتفعت معها حرارة الهمس والتكهنات على المستوى النخبوي مثيرةً التساؤلات عن ردود الأفعال والتنبؤات الحذرة حتى لا يساء فهم الإشارات والدلالات الملكية التي وردت فيها.
العودة إلى « الاختصاص « ... عبارة آسرة وجذابة جدا سياسياً وببصمة تاريخية لها علاقة بتعريف المستقبل وتخصيصه وإعادة الدراسة لما كان يحصل في الماضي، تحديدا عندما تقال علناً كأمرٍ ملكي مباشر لمدير المخابرات العامة اللواء احمد حاتوقاي وباسم جلالة الملك عبد الله الثاني شخصيا وفي رسالة على الملأ.
بعد شكر الملك لمنتسبي دائرة المخابرات بعودة الدائرة التي كان لها طوال عقود دور كبير في كل ملفات الدولة إلى ما اسمته الرسالة الملكية بدوائر الاختصاص لم يأمر الملك هنا فقط بل أوضح بالتفصيل ما حصل في الماضي ، شارحاً ومبيناً لأول مرة ما الذي يعنيه الأمر المباشر بالعودة إلى الاختصاص .
جلالة الملك قبل حوالي عامين وجّه رسالة لمدير المخابرات الحالي اللواء احمد حاتوقاي:
«وقع اختياري عليك في هذه المرحلة، لما عرفته عنك من مقدرة وكفاءة في المواقع التي توليت في دائرة المخابرات العامة على امتداد مسيرة خدمتك الطويلة فيها، لإدارة وقيادة هذا الجهاز العزيز والعريق، وللاستمرار، بتركيز وبوتيرة أسرع، في عملية التجديد والتحديث والتطوير الجارية».
الرسالة الملكية النادرة حاولت تذكير الجنرال حاتوقاي بضرورة العودة إلى ما كلفه به جلالته قبل عامين من إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية مشدداً على أن المؤسسات الأخرى صاحبة الاختصاص في الدولة أنجزت الكثير من أسباب التمكين وعليها أن تتصدى لواجب اختصاصها الآن .
لم تكن الرسالة الملكية الأولى سرّاً على أحد كذلك الثانية ..فقد أتت الرسالة التاريخية مُعنونةً نفسها بنفسها.
فحسب النص الملكي الذي تناقلته كل وسائل الإعلام الأردنية والعربية وبعد عملية إصلاحٍ أقل ما يقال عنها بأنها هيكلية في المستوى الأمني حدد فيها الملك لأول مرة علناً ( 3) اختصاصات لدائرة المخابرات العامة ينبغي أن تمارسها الدائرة بمنهجية عصرية متطورة وبكل احتراف.
الاختصاصات الثلاثة تمثلت بتزويد مؤسسات الدولة الدستورية بتقارير استخبارية تقييمية محترفة ثم حماية الأمن الوطني والعودة إلى الملف الرئيس ألا وهو مكافحة الإرهاب .
ثم فسّر الملك في رسالته القوية كيف قامت دائرة المخابرات في الأعوام السابقة مشكورة بملء الفراغ الناتج عن ضعف البرامج والأدوات في بقية مؤسسات الدولة الدستورية جراء تعرض الوطن لسلسلة كبيرة من الأحداث الإقليمية والدولية التي تطلبت قيام الدائرة بالواجب .
لكن عشية الاستعداد للاحتفال بمئوية الدولة جاء تحديد الاختصاصات في الرسالة الملكية والمتضمنة الأمر بقيام بقية مؤسسات الدولة وما اسماه الملك بالجهات الأخرى القيام بدورها دون إبطاء وفورا حتى (تتحرر ) دائرة المخابرات العامة من العبء الكبير التي كانت تقوم به مضطرة ومشكورة في مجالات خارج اختصاصها وحتى تتفرغ الدائرة للعمل الاستخباري المحترف العصري وقوامه تقديم استخبارات.
و منعا للاجتهاد في النص الملكي أمر الملك المخابرات العامة بالعودة إلى الاختصاص بعد شرح الظروف التي أملت القيام بدورها كما كان في الماضي .
الرسالة الملكية للجنرال حاتوقاي جاءت آمرةً بالاستمرار في عملية التطوير والتحديث وبوتيرة أسرع عندما خاطبه الملك قائلا « وجّهتك لها عندما عينتك قبل عامين «.
وشارحةً أيضا بأن على السلطات الدستورية الثلاث «التشريعية والتنفيذية والقضائية « العودة لممارسة اختصاصاتها لانها تمتلك اليوم الأدوات والوسائل الكفيلة لتعاملها مع المخاطر مما يقودنا بأنّ الأمر الملكي أتى مباشرا تماما ويعيد إنتاج الدائرة الأمنية .
وينطوي الخطاب هنا على تقييم بتسلسلٍ زمني وعلى خطوات سريعة مطلوبة و أوامر مباشرة بعودة عناصر المخابرات العامة إلى اختصاص عملهم وعلاقات تنظيمية مع بقية المؤسسات وما هي برأيي إلا إشارات تحدد الدور والوظيفة.