أطفال اليمن.. موت بطيء على مرأى العالم!
جفرا نيوز -كتب محمود خطاطبة
لم تشفع لليمن "رحلة الشتاء”، ولا لكونها أصل العرب جميعًا، في البحث عن حل لأزمتها، التي مضى عليها، حتى الآن، أكثر من ستة أعوام، ولا يلوح بالأفق بصيص أمل لـ”فكفكة” ألغازها، التي بات الشعب اليمني يكتوي بإرهاصاتها ونيرانها.. ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد، إذ ينتظر الأجيال المقبلة، سنوات عجاف، لن يسلم من سلبياتها أي من اليمنيين.
وبعيدًا عن التدهور الاقتصادي، الذي تسببت به تلك الأزمة، رغم أهميته الكبرى، خاصة لبلد عاش في الكثير من الولايات والأزمات لعقود طويلة، دقت أربع وكالات تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، ناقوس خطر، يتهدد أطفال اليمن، المُنهك، جراء حروب وويلات، لا ناقة لهم بها ولا جمل.
برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ومنظمة الصحة العالمية، يؤكدون أن 2.3 مليون طفل دون الخامسة من أعمارهم في اليمن، سيُعانون من سوء التغذية "الحاد”، خلال العام الحالي، منهم 400 ألف سيُعانون من سوء التغذية "الحاد الوخيم”.
العالم أجمع يُشارك بدم بارد، في عملية التدمير البطيء التي يُعاني منها اليمن، بأطفاله ونسائه وشيوخه، وأصبح في أتونها، وكأنه لا رجعة عنها، فبعد أن تسببت الأزمة بفقدان عشرات الآلاف من أرواح الضحايا، وخلفت مثل هذا العدد أو أكثر من الإصابات بعضها تسبب بعاهات مستديمة للكثير، ها هم أطفال اليمن، يدفعون ثمنًا غاليًا، وكأن العالم يستكثر عليهم أن يعيشوا مثل باقي أقرانهم، في الدول النامية، وليس الدول المتقدمة.
هؤلاء الأطفال معرضون بأي لحظة للموت، في حال عدم حصولهم على العلاج، خصوصًا أن الاستجابة الإنسانية في هذا البلد، الذي أصبح على حافة الهاوية، تُعاني من نقص حاد في التمويل، فقد بلغت نسبة ما تحصلت عليه تلك الخطة أقل من 55 بالمائة، مما وُعدت به؛ أي ما قيمته 1.9 مليار دولار أميركي، من أصل 3.4 مليار دولار، من مجموع المبلغ الكلي الذي تعهدت بها دول العالم المتحضر المتقدم، التي تتغنى بالحريات وحقوق الإنسان، لا بل وتضع حقوق الحيوان على رأس أولوياتها.
الموت أرحم لأطفال اليمن، من مستقبل مظلم، لا بل حالك السواد، خصوصًا إذا ما علمنا بأن سوء التغذية يؤثر سلبًا على نمو الطفل العقلي والبدني، هذا في الوقت الآني، أما في المستقبل فحتمًا سيؤثر على زيادة معدلات الفقر، مع ما تتسبب به هذه الآفة بأمور سلبية عديدة على اليمن وأهله، ناهيك عما تتركه من ندب سوداء ضد أشقائهم العرب، لن يمحوها التاريخ.
إذا لم يتحرك العالم، بكل ضمير وإنسانية، لإيجاد حل لمشكلة ارتفاع معدلات سوء التغذية "الحاد”، بين أطفال اليمن بنسبة 16 بالمائة، وكذلك "الحاد الوخيم” بمقدار 22 بالمائة، مقارنة بالعام الماضي، متى إذًا سيتحرك؟.. إذا لم يتحرك العالم لإنقاذ هذا العدد المرتفع من الأطفال، الذين يتعرضون لـ”الذبح”، فمتى إذًا سيتحرك؟.
بقي أن أُشير أيضًا إلى أن اليمن، الذي كان في قديم الزمان عبارة عن جنان، فيه ما يقرب من الـ1.2 مليون امرأة حامل أو مرضع، تُعاني من سوء التغذية "الحاد”، يحتجن والأطفال إلى رعاية صحية جيدة، خاصة مع انتشار وباء فيروس كورونا المستجد.