(يعترضون دائما ولا شيء)

جفرا نيوز -  كتب - د. طلال الزبن -  باحث متخصص بالتربية الإعلامية

ثمّة فرق كبير بين النقد البنّاء، والتطاول المسيء، هما شيئان مختلفان لا يتشابهان أبداً، فالأول عِلم قائم بذاته، له أسلوبه وقوانينه وقواعده المهمة، التي تجعل منه ضرورة حياتية وحتمية في أي مجتمع، لأنه يساعد في البناء، وتصويب الأخطاء في سبيل الوصول للأفضل، ولا يؤدي إلى بثّ الفرقة، ونشر الضغينة وهو عِلم يترفّع به صاحبه عن الإساءة وشخصنة الأمور، ويُحسن في الغالب اختيار كلماته الناقدة التي تصل لمبتغاها، من دون تجريح أحد، أو تقليل من شأن أحد فأهمية النقد ليست محل أي نقاش أبدا.

ما نراه حالياً، للأسف الشديد، في مواقع التواصل الاجتماعي، هو نقد مرفوض، سواء كان موجهاً لأفراد، أو مسؤولين، أو مؤسسات حكومية، لأنه يتجاوز حدود اللباقة الأدبية، خصوصاً مع دخول أساليب وألفاظ جارحة لم نعهدها في مجتمعنا الاردني،البعض عندما يشارك برأي يكون بسبب الانتقاد والبحث عن أي ثغرات بسيطة لابرازها وانتقادها واشعار كل الموجودين بأن ما يفعلونه لن يقدم أو يحسن أي شيء ، معتقدين أن ذلك يعني الانتصار، ويعزى ذلك الى ضعف الشخصية الى جانب أن التنشئة الاجتماعية تلعب دورا كبيرا في ذلك في محاولة ابراز الذات بشكل خاطئ، ويبحثون دائماً عن نقد الآخرين وكأنها الطريقة الوحيدة التي يثبتون فيها وجودهم.

ان التعامل مع هذه الفئة من الناس يجب أن يكون بالتجاهل وعدم المجاملة لأنهم أشخاصا يعانون من عدم الاتزان النفسي وتدني مفهوم الذات لديهم ما يجعلهم يسقطون مشكلاتهم النفسية جميعها على الآخرين من خلال الانتقاد المستمرمع العلم ان هناك الكثير من الأشخاص يتقبلون الانتقاد اذا تم تغليفه بقالب إيجابي، اما اذا كان سلبي المضمون وسلبي الاسلوب فهذا أمر ينذر بحدوث الكثير من الصدامات المجتمعية وفي الأسرة ايضا لذلك .

نحن كمجتمع اردني ضد كل مسؤول يمارس الفوقائية والعنجهية دون عمل مميز أو إنتاج فعلي أو عطاء ثري له أثر مرئي وبائن، أقول هذا حتى لا يتخيل أحد ممن يقرأ لي بأنني أنتقد من أجل الانتقاد، حقا نحن بأمس الحاجة إلى تشجيع النقد البناء،الذي يهدف إلى الإصلاح والتطوير والنهوض بالمجتمع والمؤسسات، بالمقابل فإنه يتوجب على راكبين موجة الإعلام الجديد التوقف عن الانتقاد لأجل الانتقاد أو الانتقاد لأجل التشويه والتجريح، وطبقا للمثل العالمي فإنه (عندما تنتقد سلة القش سلة قش أخرى يبقى كلاهما مليئا بالثقوب)