الأحزاب السياسية خلال مئوية الدولة الأردنية الأولى (مقال ١)

جفرا نيوز - بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينه

تعتبر الأحزاب السياسية في الأنظمة الديمقراطية المعاصرة الركيزة الأساسية للمشاركة والتعددية، وتداول السلطة، وإنتاج التنمية السياسية، وقد ظهرت الأحزاب تعبيرا عن المصالح الإقتصادية والإجتماعية والسياسية للفئات الإجتماعية المختلفة، وهي أبرز عناوين الإصلاح السياسي، وتعد في بعض البلدان همزة الوصل بين البيئة وصناع القرار وهي ركن أساسي من أركان الديمقراطية، وضرورة مهمة لترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية. ولا يمكن تصور وجود نظام ديمقراطي في أي بلد بدون وجود أحزاب سياسية.
 
والأردن من الدول التي أخذت بالتعددية السياسية وسمحت بتشكيل الأحزاب منذ استقلال امارة شرق الأردن عام 1923م، حيث صدر أول دستور للدولة تحت إسم القانون الأساسي لشرق الأردن في نيسان سنة 1928م، وفي عام 1947 صدر القانون رقم (3) تحت إسم الدستور الأردني. وكفل القانون الأساسي لإمارة شرق الأردن في الفصل المخصص لحقوق الشعب على انه " لجميع الأردنيين الحرية في الإعراب عن آرائهم ونشرها، وأن يعقدوا الإجتماعات معا، وأن يؤلفوا الجمعيات ويكونوا أعضاء فيها طبقا لأحكام القانون". 

وكان أول حزب تشكل في شرق الأردن هو " حزب الشعب الأردني" الذي تأسس في آذار عام 1927م، وذلك استنادا إلى قانون الجمعيات العثماني الصادر في آب 1909م، لكن هذا الحزب انتهى في عام 1930م، 

وبعد ذلك بدأت الأحزاب تتشكل منها : حزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني، والحزب المعتدل، وحزب التضامن الأردني، وحزب النهضة العربية، والحزب الوطني الاشتراكي، وحزب الأمة، والحزب الدستوري، وغير ذلك من الأحزاب التي إنتهت تباعا بحلول الثلث الأول من عام 1957م الذي شهد إعلان الأحكام العرفية وحل جميع الأحزاب السياسية .

 فعندما تولى الملك طلال سلطاته الدستورية، بادر إلى تعديل الدستور الذي نص على السماح بتأسيس النقابات المهنية وتأكيد استقلال القضاء، وإتاحة انشاء الأحزاب السياسية للشعب الأردني

 وكان لهذا التعديل أثره الإيجابي على العمل السياسي، فقد نصت المادة (16) من الدستور على حق الأردنيين في تأليف الأحزاب والجمعيات السياسية، ثم تم إقرار قانون للأحزاب السياسية لينظم عملها، وشهدت تلك الفترة عملا حزبيا نشطا، حيث سيطرت الأحزاب القومية واليسارية على تلك الفترة، ولم يعرف الأردن الأحزاب العقادية إلا بعد توحيد الضفتين عام 1950م، ونظرا لتعرض حكومة توفيق أبو الهدى إلى نقد شديد من المعارضة السياسية، ومن مجلس النواب الذي فكر بحجب الثقة عن الحكومة، فلجأ إلى حل المجلس قبل جلسة الثقة بساعة واحدة في حزيران من عام 1954م، واصدر قانونا أعطى بموجبه لرئيس الوزراء الحق في منع ترخيص الأحزاب دون إبداء الأسباب

 كما سمح له بحل الأحزاب السياسية القائمة، ويعتبر هذا القرار قطعيا غير قابل للطعن، وفي عهد حكومة إبراهيم هاشم التي تشكلت عام 1957م، قررت حل الأحزاب السياسية في نيسان من عام 1957م، ولاحقت قياداتها وكوادرها والزج بهم في السجون، وكان هذا الإجراء للحد من حجم المعارضة السياسية وقوة تأثيرها على الجماهير بإستثناء جماعة الإخوان المسلمين التي لم تتأثر بالحل باعتبارها قامت في إطار قانون الجمعيات الخيرية وليس كحزب سياسي. يتبع،،،،