حاجة ماسة لقانون انتخاب جديد

جفرا نيوز - كتب جهاد المنسي

وضع جلالة الملك في المقابلة التي أجراها الزميل فايق حجازين مدير عام وكالة الانباء الاردنية (بترا) مع جلالته، وبثت اول من امس، وضع حصان الاصلاح السياسي امام العربة، وبات على الحكومة والنواب والاعيان التقاط الاشارات الملكية والعمل على تنفيذها، بالشكل الذي يؤمن اصلاح يليق بالمئوية الثانية للدولة.

جلالته قال في مقابلته: «اليوم، انطلاقا من حرصنا على تراثنا، وإيماننا بضرورة التطوير المستمر لتعزيز المشاركة السياسية وزيادة مشاركة الأحزاب والشباب في البرلمان، لا بد من النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية، كقانون الانتخاب وقانون الأحزاب وقانون الإدارة المحلية، والسعي المستمر لمواصلة مسيرة التنمية السياسية، فهدفنا منذ سنوات طويلة هو الوصول إلى حياة حزبية برامجية راسخة، تمثل فكر الأردنيين وانتماءاتهم، وتحمل همومهم وقضاياهم الوطنية الجامعة، وتعمل من أجل تحقيق تطلعاتهم عبر إيصال صوتها وممثليها إلى قبة البرلمان».

كلمات ملكية لا لبس فيها عبرت بوضوح عن ارادة ملكية بعبور المئوية الجديدة للدولة بطريقة حديثة تؤسس لحقبة مختلفة، وتعبر عما راكمته الدولة الاردنية في مئويتها الاولى وتضع امام الجميع رؤى لإصلاح حقيقي مبني على تطوير الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية.

نعم، كانت تلك اشارة البدء، وبات لزاما على كل المعنيين منذ الآن التفكير بطريقة لصناعة وصياغة قانون انتخاب جديد تجري بموجبه الانتخابات النيابية المقبلة، قانون انتخاب مختلف شكلا ومضمونا عن اي قانون انتخاب أجرينا بموجبه انتخابات مجالس سابقة، قانون نضمن بموجبه الانفتاح على مئوية الدولة من خلال اصلاح حقيقي نضمن بموجبه ايصال حزبيين ومشرعين لقبة البرلمان، وصولا الى مرحلة تشكيل الحكومات من البرلمان نفسه، وهي الرؤية التي عبر عنها الملك في اكثر من مناسبة ومن خلال اوراق جلالته النقاشية المختلفة، والتي ما نزال قاصرين عن تنفيذ تلك الرؤى بفعل عوامل مختلفة ابرزها وجود قوى شد عكسي تضع العصي في دولاب الاصلاح الحقيقي، وتتدخل لعرقلته وابعاده عن هدفه المنشود الذي نريده ونسعى لتحقيقه، تلك القوى للاسف ساهمت بشكل او بآخر في تعطيل توجهاتنا لإقامة دولتنا المدنية العصرية الحديثة، الدولة التي تقوم على المسائلة والمكاشفة والشفافية والمواطنة والقانون والدستور، الدولة التي ترفض الواسطة والمحسوبية وتعتبرهما فسادا لا بد من الانتهاء منه، الدولة التي تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص وسيادة القانون، وتعتمد الحوار واحترام حرية الرأي والتعبير كهدف لا بد من تحقيقه.

فتح الكلام عن قانون الانتخاب والاحزاب يقتضي بالضرورة حوارا حقيقيا وشفافا وبعقل بارد حول كل الجوانب التي نريدها في القانون المنشود، والاستماع لوجهات النظر المختلفة بكل اريحية وعدم مصادرة حق الجميع في التعبير عن رؤيتهم في قانون انتخابنا باعتبار ان تعديل الانتخاب يضمن بالضرورة تصويب مسيرتنا السياسية والاصلاحية الذي نريد، وهذا يتطلب عدم تخوين هذا او رفض تفكير ذاك طالما ان الاختلاف والرأي والرأي الآخر تحت سقف الدولة والوطن، فمن حق الجميع ان يتحدث ويتكلم ويقترح، ويقدم رؤى وافكارا، ولكن ليس من حق احد تخوين هذه الجهة وتشويه رؤية تلك، وقتها نكون قد عدنا لنقطة البداية دون تحقيق الهدف المنشود.

علينا ان نعترف ان مفاعيل اصلاحنا تراجع في الفترة الاخيرة، وعلينا ان نعمل لجهة النهوض من كبوتنا قبل ان تستفحل ويصبح معها من الصعب النهوض والوقوف مجددا، فالاعتراف هو نصف المعالجة، ولهذا ليس مبكرا ابدا فتح حوار حقيقي وطويل حول قانون الانتخاب الذي نريد، قانون نضمن بموجبه مشاركة الناخبين في اختيار ممثليهم، قانون نستطيع بموجبه اعادة الألق لقبتنا البرلمانية وضخ طاقات ابداعية جديدة تكون بداية الطريق للتأسيس لجيل جديد من رجال الدولة.