تعليم " زمن كورونا " الالكتروني الحل الاسهل هو الاكثر خطورة .
جفرا نيوز- كتبت الدكتورة / مرام ابو النادي *
المشهد التعليمي خلال العام المنصرم و المستمر و المتوقع استمراره عن بعد يبرز عنوان جديد حول التعليم المدمج .
" البيداغوجيا" و "الأندراغوجيا" الأولئ معنية بطرق التدريس و الثانية تعرف بالتعليم الموجّه للكبار .
مفهومان علميان تربويان الضياع بينهما بات واضحا لأن البيداغوجيا علم أصول وأساليب التدريس المشتمل على الأهداف والطرق الممكن اتباعها من أجل تحقيق الغايات ، و تستند البيداغوجيا على علم النفس التربوي كونه يشتمل على على أهم النظريات ذات الصلة به ألا وهي نظرية التعلم ؛ كما يتضمن علم النفس التربوي فلسفة التعليم التي تركّز على أهداف التعليم ومدى أهميته وقيمته من منظور فلسفي؛ بات ضروريا ولم يعد ترفا .
أما من الناحية الأكاديمية من حيث طرق التدريس المتبعة وممارستها من قبل المعلمين أصحاب الاختصاص فلا انفصال لها عن الطرق و الاستراتيجيات التي تهتم بتعليم الراشدين و التي تستند إلى مبادىء لا بد من توفرها في المتعلم الراشد، المفهوم الذاتي أول تلك المبادىء و الذي يرتبط بوعيه و تمييزه عن الشخصية المرتبطة بغيرها و الشخصية الذاتية المستقلة، اضافة الئ التجارب فلا ننسى أن الخطأ مصدر من مصادر التعلم ، ومنها ايضا الاستعداد للتعلم الذي يعكس درجة الترحيب بتعلم المواضيع المرتبطة بعمله و حياته، توجهات التعلم؛ تعكس تماما سلم الأولويات وفقا للأهم فالمهم والأهم هنا التركيز على تعلم موضوعات ترتكز على حل المشكلات عوضا عن توجهه إلى الموضوعات التقليدية.
وبعدها يتبدى التحفيز للتعلم كدافع ذاتي في السعي للتعلم .
هذا التقديم العلمي التربوي للوصول الى سؤال اللحظة الحرجة عن العدالة و المساواة بين الطلبة في مراحلهم الدراسية المختلفة في طرق التدريس و التعليم و التعلم ؟
وكيف يمكن للتربويين أن يتعاملوا مع الطلبة في الصفوف الإبتدائية أسوة بأولئك الناضجين أصحاب الإدراك والوعي فهل يتمتع الطلبة في الصفوف الأولى الثلاثة بالاستقلالية؟ هل اكتسبوا بالأساس المهارات الحياتية و القيم المحققة للاستقلالية في الشخصية؟ وهل هم قادرون على ترتيب سلم أولوياتهم في التركيز على الموضوعات التي يختارونها في عملية تعلّمهم.. وهل يمتلكون الانتقائية أو الاختيارية بناء على التفكير النقدي الذي يتطلب أسس لبنائه وهم في عمر الطفولة الذي نشيّد فيه أولى دعائم النقد ، هم بالأساس لديهم المنطق الخاص بهم؛ فالمنطق يقوم على مجموعة من الخبرات و الحقائق فأي كمٍّ منها قد تحصلّوا عليه ؟ وهل هم قادرون على تحفيز أنفسهم في عملية اكتساب المعرفة ؟
تطبيق المنظومة الإلكترونية على جميع المستويات الدراسية أمر جائر؛ ينسف النظرية البنائية في النمو المعرفي وجان بياجيه ؛ ويسقط خصائص نمائية ( نفسية، بيولوجية، ومعرفية) للطلبة و التي تتدرج في تطورها وفقا للمرحلة العمرية.
التعلم الافتراضي يشكل جانبا محسوسا واحدا وهو البصري، وهو ما لا يمكن أبدا اعتباره مصدرا كافيا للإدراك و بالتالي للفهم و الاستيعاب ؟
لا أحد ينكر بأن واقع الحياة في جميع مجالاتها لن يعود كأي واقع عشناه قبل جائحة كورونا خاصة على الصعيد التربوي و استراتيجيات التدريس في عملية التعليم و التعلم؛ لكن حصر طلبتنا على اختلافاتهم و فروقاتهم المتعددة في زاوية واحدة، نكون نحن تائهين في التخطيط وهم ضائعون في التطبيق لأن طريقة واحدة نساوي فيها بين تعليم الطلبة الصغار مع الكبار الراشدين يعني أننا نبحث عن حل على حساب العلم والمنطق والحياة.
وضع الاستراتيجيات التعليمية وإن كان في ظل جائحة خطيرة يجب أن لا يقفز عن الأسس و خصائص التعلم و المتعلمين؛ كي لا نظلم أنفسنا كخبراء تربويين واكاديميين أولا ومن ثم طلبتنا لاعتبار واحد هو " المتوفر او المتاح " فالقياديون في كل زمن لا يليق بهم الركون الى هذا الخيار ولا يقبل منهم الأعذار والتبريرات وإلقاء اللوم على الظروف و الإمكانيات بل هم مطالبون باجتراح الحلول واتباع قواعد إدارة أزمة علمية لا تسقط مبادئ وقواعد أساسية يعتبر اسقاطها دليلا على نضوب وخواء و إفلاس قيادي صريح .
التعليم عن بعد ، والانتظام الالكتروني طيلة عام كامل واكثر ، ثم إقرار استراتيجية التعليم المدمج أو الدامج يجعلنا جميعا في مواجهة سؤال المرحلة ، هل نحن علميون في ادارة الموقف ؟
وهل حققنا تشاركية شمولية للخروج باقل الخسائر ؟ خاصة أن المدرسة والجامعة لا تنتج سلعا مباشرة الاستهلاك بل هي المؤسسات المسؤولة عن بناء شخصية عصرية ناضجة متوازنة وفق استراتيجيات طويلة المدى .
* خبيرة تربوية و أكاديمية مختصة في العلوم التربوية واساسيات التفكير الإبداعي الناقد و مدرسة في/ جامعة البترا .