دعم الأندية يا حكومة
جفرا نيوز- الكاتب- تيسير محمود العميري
الاجتماع الذي عقد أول من أمس بين اتحاد كرة القدم برئاسة سمو الأمير علي بن الحسين وممثلين عن أندية المحترفين، كان بالغ الأهمية لأنه ناقش جملة من القضايا وهموم كرة القدم الأردنية، وتداول استراتيجية الاستدامة والتمكين المالي، في ظل الظروف الراهنة، مع اتساع تأثير الضائقة المالية وانعكاسها السلبي على الأندية بمختلف الدرجات.
من المهم جدا تشخيص العلة قبل البحث عن الدواء لعلاجها، ولذلك فإن الحديث بشفافية وبعيدا عن عبارات المجاملة، لخص طبيعة الأزمة التي تعيشها أندية المحترفين، والتي زادت جائحة كورونا من تأثيراتها السلبية.
سبب الأزمة يعود إلى جانبين؛ أولهما الحكومة التي قلصت من دعمها للجنة الأولمبية وبالتالي تقلصت حصة الاتحادات الرياضية ومنها اتحاد كرة القدم، وثانيهما الأندية ذاتها التي تسببت قراراتها الخاطئة بأزمتها المالية التي تتفاقم موسما بعد آخر، ما جعل بعض الأندية مدينة بأكثر من مليون دينار، وأخرى عرضة لعقوبات قاسية من "فيفا” لعدم قدرتها على سداد مستحقات اللاعبين والمدربين غير الأردنيين.
كثير من الأندية فشلت فشلا ذريعا فيما يتعلق بالتعاقدات مع اللاعبين والمدربين من الداخل والخارج، وفي ظل "سباق التسلح” الذي مارسته من دون ضوابط للحصول على تعاقدات مع اللاعبين، نسيت الأندية أو تناست قدراتها المالية ومدى إمكانية الإيفاء بالتزاماتها، فوقعت بـ”فعل يديها” في شرك التعاقدات الضخمة التي فاقت إيراداتها، من دون أن تتنبه أيضا إلى تقلص إيراداتها من عقود الرعاية على قمصان الفريق، وغياب الراعي الرسمي للبطولات الكبرى على صعيد المحترفين، و”ما زاد الطين بلة” الفشل في اختيار اللاعبين والمدربين، وما نتج عن ذلك من شكاوى لم تعد لجنة أوضاع اللاعبين المحلية قادرة على البت فيها لكثرتها، فيما تلاحقت قرارات غرفة فض النزاعات لدى "فيفا” القاضية بالزام الأندية بدفع ما عليها من ديون، وهذا سببه غياب ضوابط تعاقدات الأندية وكثرة تغيير المدربين، وضعف الأنظمة والإجراءات المالية الداخلية.
في الوقت ذاته، لا يمكن إعفاء الحكومة من مسؤولياتها تجاه القطاع الرياضي، ومنه كرة القدم، على سبيل المثال لا الحصر، فالاستمرار في تخفيض قيمة الدعم الموجه لهذا القطاع يعني وضعه في مهب الريح، والدفع به إلى زاوية ضيقة قد تؤدي إلى "خراب” الأندية وإغلاق أبوابها و”تشريد” منتسبيها، وإلحاق ضرر فادح بقطاع يفترض أنه يحمل على عاتقه رعاية الشباب والرياضيين الأردنيين في مختلف البطولات على المستويات الدولية والقارية والعربية.
الرياضة ليست مجالا للترفيه فحسب، فهي اليوم بمثابة "حرفة” تعتاش منها آلاف الأسر، وتضم عددا كبيرا من أبناء وبنات الوطن، الذين يسعون لتحقيق الإنجازات المشرفة ورفع راية الأردن خفاقة في المحافل كافة، ودعم هذا القطاع يفترض أن يكون من ضمن إستراتيجية الحكومة، لأن الاستثمار بقطاع الرياضة والشباب لن يكون تجارة خاسرة، بل هو واجب وطني قبل التفكير بمبدأ الربح والخسارة.
الأزمة التي تعيشها الرياضة الأردنية بحاجة إلى التحرك من قبل مجلس النواب والحكومة، ولا بد لصوت الأندية أن يصل عبر القنوات الرسمية إلى المسؤولين للبحث في أوضاعها وإيجاد الحلول لأزماتها، كما أن الأندية مطالبة بأن تفعل الجانب التسويقي وتبحث عن إيرادات أخرى، وتُحسن تدبير شؤونها بحيث لا يطغى ميزان النفقات على الإيرادات.
تحقيق الإنجازات لا يأتي بالتمنيات وحدها، والوصول إلى كأس العالم حلم جميل يراود كل أردني، ولكن ذلك يحتاج إلى تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص في مد يد العون لكرة القدم الأردنية، ولولا الدعم الذي قدمه ويقدمه جلالة الملك عبدالله الثاني وولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله، والمتابعة المستمرة من سمو الأمير علي بن الحسين، لما حظي المنتخب الوطني بفرص للتحضير، وما تمكن من تحقيق الإنجازات السابقة، والتي نطمح لتتويجها في بلوغ المونديال… مرة أخرى "الأندية يا حكومة”.