في المئوية الثانية … قانون انتخاب جديد مختلف لم لا؟

جفرا نيوز - كتب جهاد المنسي 

ربما بات مفيدا ان نعيد التفكير بواقعية وبعقل بارد بإدخال تعديلات جوهرية ومفصلية على قانون الانتخاب الحالي، فهذا القانون جرت بموجبه انتخابات مجلس النواب الثامن عشر وايضا التاسع عشر (الحالي)، وظهر في التطبيق عوار واضح ابرزه عدم قدرة القانون الحالي على النهوض بعملية الاصلاح المنشود، وتفتيت المقسم وتعزيز المناطقية بدل توسيع المشاركة.
ولم يكن مستغربا البتة مطالبة اعضاء المجلس الحالي (التاسع عشر) ابان مناقشتهم لبيان الثقة بالحكومة، طالبوا بقانون جديد للانتخاب، ولو عدنا لكلمات النواب لوجدنا ان كثيرا منهم ذهبوا بهذا الاتجاه، وهذا ان دل على امر فانه يدلل على تشخيص النواب الجدد ما يعانيه القانون الحالي من مشاكل سواء تمثيلية او لوجستية.
الامر الذي يقفز فورا وعند الكلام عن تعديلات على قانون الانتخاب او قانون جديد هو اهمية وضع آليات ورؤى واضحة لمعرفة الطريقة التي يتوجب علينا ان نعدل بها القانون الحالي، وهذا التعديل يتوجب ان يضمن توسيع هامش الاصلاح وتعزيز الديمقراطية بالشكل الذي يمكننا من فتح طاقات أوسع للتمثيل السياسي، والارتقاء بالاصلاح المنشود باتجاهات اوسع واشمل.
قد يخرج من يقول انه من المبكر حاليا الحديث عن تعديلات على قانون الانتخاب باعتبار ان المجلس التاسع عشر بدأ للتو مهامه، وأمامه أربع سنوات لإنهاء مدته الدستورية، بيد ان ذاك لا يعني قطعا تأجيل الكلام عن موضوع يعتبر عصب الإصلاح المنشود، وبابا لكل قوانين الحريات العامة والعمل السياسي، ولذا فإن فتح باب الحوار حول قانون كالانتخاب الذي يعتبر عمود اصلاحنا المنشود يحتاج لحوارات موسعة وعميقة وجادة وحقيقية، وعقل بارد يدير الحوار.
أعتقد ان دخولنا في مئوية الدولة الثانية يدفعنا للتفكير خارج الصندوق، والتأسيس لمرحلة جديدة من الاصلاح المنشود، اصلاح يوسع افق الدولة المدنية ويعزز حضورها، اصلاح يعني قولا وفعلا عدالة وديمقراطية، وشفافية ومواطنة وحريات، اصلاح ينمي الاحزاب ويوسع مشاركتها في الحياة العامة، اصلاح يحترم الرأي والرأي الآخر ولا يلاحقه او يحاول تقزيمه.
ولتحقيق ذلك فإن الامل ان ندخل في حوارات حقيقية وموسعة وطويلة لإقرار قانون انتخاب جديد قانون لا مكان فيه لأي حسابات ضيقة ومجاملات مناطقية، قانون يجعلنا نعرف ونتيقن اننا سنفرز من خلاله مجلسا نيابيا يصل بنا لمطارح اوسع واشمل، قانون انتخاب نرى بموجبه افكارا تتصارع تحت قبة البرلمان، مجلس نيابي فيه احزاب قوية فاعلة ومستقلون مسيسون ومشرعون متمرسون، مجلس نواب فيه كتل نستطيع من خلالها فرز رئيس وزراء، ومن خلاله نؤسس لفكرة الحكومات البرلمانية التي اشار اليها مطولا جلالة الملك عبد الله الثاني في اوراقه النقاشية المختلفة.
لهذا كله فان فتح الباب للحديث بشأن قانون انتخاب جديد سيضع الجميع امام مسؤولية التفكير بشكل القانون الذي يوصلنا لما اشرنا اليه، ويدخلنا كدولة في مئوية جديدة مختلفة كليا وواعدة وحديثة، وتختلف كليا عن محيطنا، وتؤسس لمستقبل مختلف في المنطقة ككل.
نفخر جميعا اننا ندخل مئويتنا وقد بنينا دولة مستقرة قادرة على التعاطي مع كل الظروف المحيطة، ولكنننا في الوقت عينه نريد ان نكرس مفاهيمنا التي تحدثنا عنها منذ خمسينيات القرن الماضي، والتي اسسنا لها، ولهذا فاننا نعتقد انه آن الأوان لنرى افكارنا التي تحدثنا عنها طويلا من خلال قانون انتخاب مختلف.
لا يضيرنا ابدا وانما يعزز حضورنا الاقليمي والدولي في العالم عندما نفكر بقانون انتخاب يعزز الاصلاح، ولا يضيرنا ابدا فتح حوار صريح وجدي حول قانون الانتخاب المنشود، حوار تشارك فيها الاحزاب والنقابات والنواب والاعيان والحكومة، حوار نضع له هدفا واضحا وهو التوافق بالحد الادنى على طبيعة القانون المنشود، وهذا الحوار بحاجة لأكثر من عام لكي يثمر وينتح رؤية متفق عليها.