ايها المسؤولون انتبهوا واخرجوا للناس وصارحوهم بالحقيقة لرفع الهمة !

جفرا نيوز - كتب - حسين الرواشدة

ما الذي يمنع المسؤولين في بلدنا ان يخرجوا للناس و يصارحوهم بالحقيقة، والحقيقة، في تقديري، هي ان بلدنا بخير، وان الازمة المالية او الاقتصادية ان شئت، ليست بهذا الحجم من المبالغة، كما انها لا تثير مثل هذه الفزع، فقد جربناها على امتداد العقود الماضية، حيث فقد الدينار نصف قيمته، ثم خرجنا منها بالاعتماد على انفسنا، اقوى مما كنا بكثير .

حين ندقق في خطاب اختزال ازماتنا في « المال والاقتصاد « فقط سنكتشف اننا اخطأنا مرتين : مرة حيث تصور البعض ان ازمتنا ازمة مالية فقط وان حلها سيعيد الى مجتمعنا العافية، ومع اننا في الحقيقة نعاني من ازمة اقتصادية صعبة الا ان الصحيح ايضا هو ان «اصل» المشكلة في عناوين اخرى نعرفها جميعا، وبالتالي فان الذهاب اليها هو اقصر طريق لتجاوز هذه الازمة، ثم اننا اخطأنا مرة ثانية حيث اعتمدنا واستخدمنا هذه الازمة كفزاعة لتخويف الناس واحباطهم، وربما الاساءة لكرامتهم التي هي رأس مالهم ومال الدولة ايضا في الازمات، وهذا الخطأ لم يترتب عليه فقط هز ثقة الناس بمؤسساتهم وانما ايضا تقديم صورة غير صحيحة عن بلدنا وكاننا على وشك «مجاعة» وهذا غير صحيح اطلاقا .

اذ سألتني ماذا نحتاج في هذا الوقت بالذات، سأجيبك على الفور : نحتاج لرفع معنويات الناس وتطمينهم على ان بلدهم بخير، وانهم قادرون بقليل من الصبر والتحمل على تجاوز هذه الازمة كما تجاوزناها في سنوات كانت اسوأ، اما كيف يقتنع الناس بهذا الخطاب بعدما جرى من تخويف ومبالغة فان الطريق سهل، وعنوانه « المكاشفة « والصراحة وعدم المواربة، اقصد ان يخرج المسؤولون لكي يستعيدوا اولا ثقة الناس، وان يصارحوهم بما نحن فيه، ثم ان يستثمروا بنخوة الاردنيين وكرامتهم التي هي اعز ما يملكون للوقوف مع بلدهم، بشرط ان يجيبوا عن اسئلتهم التي ما تزال معلقة، واهمها سؤال العدالة وموازينها التي اختلت، وسؤال « الفساد « وملفاته التي طويت، وسؤال « شد الاحزمة « ومواصفاته التي اختلطت، وسؤال تقديم الواجب الذي يفترض ان يبادر « الاثرياء « الذين للوطن دين في اعنقاهم بما منحهم من امتيازات وثروات للاجابة عليه عمليا، لكي يكونوا قدوة لغيرهم من الناس .

اعرف ان ترميم الصورة ( لكي لا اقول تحسينها ) سيحتاج الى خطاب عام يتضافر الجميع، مسؤولون رسميون وغير رسميين لاصلاحه، واعرف ان ما فعلناه بانفسنا في السنوات الماضية اساء لسمعتنا ربما بدون قصد، لكن لم يفت الوقت لاستدراك ما حدث، سواء تجاه اعادة الامل للناس ورفع همتهم واشاعة روح الاعتزاز بالنفس لديهم، او تجاه دفع عجلة السياسة لابداع حلول مقنعة تساعدنا على الخروج من ازمة المال وازمة الرجال معا، واذا لم نفعل ذلك فإن الفراغ الذي تركناه او الاخر الذي ملأه البعض باجتهاداتهم، سيجد من يملأه بمزيد من التشكيك والتخويف، وبالتالي فان ازمة المال ستكون مجرد « نقطة « في بحر امام ازمات اخرى ستخرج، - لا قدر الله -، من رحم الاحباط والفزع، ومن تحت رماد الاحساس بجروح عميقة تعاني منها الذات الوطنية، نريد ان نعالجها بحكمة وهدوء،لا ان نفتحها لكي تدخل اليها الجراثيم فتتحول الى دمامل قابلة للانفجار .

حمى الله البلد من كل شر ..