الدولة المدنية على أعتاب المئوية

جفرا نيوز - كتب عصام قضماني
« الدولة المدنية» شعار جديد في الأردن لكنه في دول كثيرة قطع مسافات طويلة ونضج, أما النقاش الذي دار في فترة ما حول هوية الدولة في هذه الجزئية بالذات فقد ناقش الاستثناءات أكثر مما بحث في مفاهيم مدنية الدولة, وانتهى الى لا شيء.

لتجميل مفهوم الدولة المدنية وجعله مقبولا قدم كبديل عن العلمانية وإن كان الملك في الورقة النقاشية السادسة شرح بإسهاب مقاصد الدولة المدنية حتى أنه ذهب الى وصف الدولة الإسلامية بأنها كانت مدنية إلا أن الجدل لم يتوقف.

لن أخوض في هذا الموضوع في جانبيه السياسي والإجتماعي, فقد تصدى له مفكرون كثر على مر التاريخ القديم والمعاصر, لكن بالنسبة لكاتب هذا العمود, الدولة المدنية هي التي تعتمد على ذاتها, مواردها والقوى البشرية فيها والتفاعل الاقتصادي بين مكوناتها حتى أن بعض المفكرين ربما بالغوا في منح الجانب الاقتصادي تأثيراً أكثر في تحديد هوية الدولة.

هل ندخل المئوية الثانية ونحن دولة مدنية؟, يحتاج ذلك الى بحث طويل. لكن إن صح أن نقول أن المقدمات تشي بالنتائج, فخذ العثرات الاقتصادية في الاعتبار, فحتى اللحظة وعلى مدى قرن مضى لا زال الاعتماد على الذات يواجه صنوفا من خيبات الأمل, وها نحن نخوض اليوم موازنة 2021 وفيها ما يدل على أن الاعتماد على الذات لا زال هدفا بعيد المنال, سواء في الاعتماد على المساعدات أو التوسع في الاقتراض.

تقول الموازنة أن إجمالي الدين العام سيرتفع ليصل الى نحو 27 مليار دينار أو ما نسبته 88.3% من الناتج المحلي الاجمالي، مقارنة مع مستواه المقدر في عام 2020 بنحو 25.8 مليار دينار أو ما نسبته 79.9% من الناتج دون ديون صندوق الضمان الاجتماعي الذي بعد ضمها سترتفع المديونية الى أكثر من 2٫1% من الناتج المحلي الإجمالي

قررت الموازنة زيادة المخصصات المالية لصندوق المعونة الوطنية وعلى نحو غير مسبوق، ليشمل خمسة وثلاثين ألف أسرة جديدة وبلغت الزيادة المقدرة في مخصصات المعونة النقدية إلى نسبة قياسية بلغت 38% مقارنة بعام 2020.

الموازنة تقدم هذه الأرقام باعتبارها من الإنجازات, لكنها تعني زيادة أعداد المواطنين المتكلين على مساعدات الدولة.

أوضح عناوين فشل الاعتماد على الذات هو النفقات الجارية التي ستبلغ 8,749 مليون دينار وهي مكرسة لرواتب الجهازين المدني والعسكري، ورواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين وتشكل ما نسبته 65% من إجمالي النفقات الجارية.

أخيرا كرس وزير المالية من وجهة نظره رؤية الحكومة للهوية المستقبلية للاقتصاد الاردني التي سيقتصر تدخلها في النشاط الاقتصادي لتقويم الخلل أو تصحيح الاختلال وتقديم الخدمات الاساسية فهل هي كذلك؟

qadmaniisam@yahoo.com