ويبقى السؤال .. لماذا يتقدمون ونحن نتخلف ؟
جفرا نيوز- مهدي مبارك عبد الله
هذه مقالة كنت قد نشرت بعضها في وقت سابق من عام 2012 واليوم أعيد نشرها بعد إجراء تغيرات في شكلها وبعض مضمونها بما طرأ واستجد من مواقف ومشاهدات وإحداث استدعت ذلك
هذه مقالة كنت قد نشرت بعضها في وقت سابق من عام 2012 واليوم أعيد نشرها بعد إجراء تغيرات في شكلها وبعض مضمونها بما طرأ واستجد من مواقف ومشاهدات وإحداث استدعت ذلك
يقولون في بلادنا بحسرة ومرارة ( و كل ما قالوا صحيح ) كلما ارتقى الإنسان عندنا علما وفكرا وتميزا وإبداع كلما ازدادا إهمالا وفقرا وتهميشا واستعداء واستبعادا عن تحمل المسؤولية والمشاركة في بناء الوطن والعمل في مواقع متقدمة وفقا لتأهيله الأكاديمي وإمكاناته وخبراته العملية إلا إذا كان محسوبا على جغرافية عشائرية قوية أو مقرب من مسؤول ذو نفوذ طاغ أو عضو في شللية حلزونية مسيطرة في مراكز القرار أو منتمي إلى شبكات صالونات سياسية مؤثرة تلعب بمستقبل ومقدرات البلد وهي جالسة على كراسيها
هذا الواقع المشمئز والغبن الواسع لعامة المواطنين وعدم تطبيق معايير العدالة الاجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرض جعل الكثير من شبابنا يهجرون الوطن إلى ديار الاغتراب نحو العالم المتقدم في أمريكيا وأوروبا ودول العالم الأخرى التي تكون الغلبة فيها والأساس في التعامل والفرز المهني والوظيفي والإنساني للفكر والعلم والقدرة على الخدمة والعطاء والانجاز بصرف النظر عن المحسوبية والمناطقية والواسطة والرافعة الجهوية والسطوة العشائرية وبذلك يستنزف الوطن ويفقد بشكل مستمر خيرة أبنائه في ارفع الدرجات وأندر التخصصات في المهن والوظائف التي يحتاجها وتخدم مسيرة مستقبله وبناءه وحياة أبنائه
هنالك في الدول المتقدمة دساتير وقوانين وأنظمة وتعليمات يحترمها الجميع كخطوط حمراء مهما كان منصب الشخص أو مكانه ومكانته إضافة إلى وجود العديد من المؤسسات الرقابية والمحاسبية الرسمية والأهلية والتشريعية وفوق كل ذلك هنالك هيبة القضاء المستقل بكل معنى ومضمون الكلمة حيث تعمل أجهزة الدولة ( لديهم ) بكل جدية والتزام ودون تمييز أو رضوخ للضغوط والابتزاز والتهديد والالو من أي فرد او جهة او جماعة
الدولة لديهم راعية لجميع الحقوق والالتزامات القانونية والمدنية والإنسانية وليست ريعية جابية للضرائب والرسوم والأتوات وإرهاق أفقر الطبقات ودورها الأساس يتمحور في تقديم الضمانات اللازمة للعيش الكريم ورفع مستوى الحياة لجميع رعاياها والمقيمين فوق أرضها دون تمييز وانحياز أو إذلال واستعباد
عندنا الهرم مقلوب والصورة معكوسة وللرأس ألف طقية تخفي تحتها ملايين العيوب والحق بيننا وفي ظهرانينا مهزوم ومقسوم والباطل فينا منصور ومقدم والواسطة والمحسوبية والرشاوى بأنواعها المختلفة هي السبيل الوحيد لتولي المناصب والوصول إلى الدرجات العليا والمراتب والوظيفة العامة وتمرير المعاملات حتى البسيطة عندنا المسيرة مرهونة بحجم الو لاءات والشللية والأقارب والانسباء والعصابات والعنصرية وليس الحكم للكفاءات والشهادات وتقييم العمل والانجاز وعندنا يا سادة إدارة وزاراتنا ومؤسساتنا العامة والخاصة وهيئاتنا المستقلة تحكمها الوشايات والتقارير السرية التي تقوم على قاعدة الإساءة والتشويه والانتقام والإقصاء وتصفية الحسابات وتدمير أهل الخير والمختصين وأكثر الإحالات على التقاعد عندنا تشبه عملية الإعدام بغتة لأفراد أو جماعات لا تجيدون النفاق ولا يعرفون الرياء ومسح الجوخ ولعق الأحذية ولا دهن الكريمات ولا لبس الأقنعة وغالبا ما تحركها المزاجية والانتقائية بالتوصيات العنترية والارتجالية في جميع الوزارات والدوائر والمؤسسات يسقط ضحيتها الشرفاء والمخلصين وأصحاب السجلات المهنية العطرة في الأمانة والإخلاص والعطاء والتمييز والانجاز ( اذا ملك الأراذل هلك الأفاضل )
عندنا لا يوجد محاسبة ولا رقابة إلا وفق ما تقتضيه الشكليات والبروتوكولات والدعايات ومن يجر إلى المحاكم ويطبق علية القانون وتصدر بحقه الأحكام هم غالبا من ليس له سندا عشائريا يستطيع ان يغلق الطرقات ويحرق الإطارات وينظم الاعتصامات والاحتجاجات ليعيق العدالة ويهدد ويخيف الدولة من التبعيات ( الأمثلة عديدة لرؤساء وزارات ومسؤولي إدارات وضباط عسكريين متقاعدين استعيدوا فقط الذاكرة ) فالبضاعة القديمة في وعاء جديد لا أكثر
المسائلات وخلاصات الإحكام وتنفيذها عندنا لمعظم من سرقوا الوطن ونهبوا أرضه وسطو على ثرواته وإنسانه وباعوا مقدراته وخصخصوا مؤسساته كانت أكثرها ( عدم المسؤولية ووقف الملاحقة ولولا الخوف والخجل من بقايا الشعب المتعب وحراكات الشارع الضعيفة لأعلنوها لهم براءة ناصعة البياض ) كسحاب السماء ناصعة ساطعة قاطعة بحجة عدم كفاية الأدلة الجرمية ونقص الادلة والبراهين والبيانات والقرائن هكذا تربي الفاسدين في بلادنا على ضمان الحماية والمكانة لما بعد استثمارهم الوظيفة والاعتداء على المال العام ومقدرات الوطن بالنهب والسرقات وان ما يسمى بحقوق الإنسان واحترام الحريات والكرامات والمواطنة لدينا كلام جرايد ودعايات مدفوعة الثمن للخارج فقط ولكم ما ( يلقى البعض من المواطنين من أسوء المعاملة وأقذع العبارات والاضطهاد في بعض المراكز الأمنية ) كأبسط مثال
الشعب المخدوع عندنا لا يحاسب ممثليه الذين يمثلون عليه فوق خشبة مسرح ما يسمى ( زورا برلمان ) لأنهم ناسكون ومطهرون وأهل للعفة والثقة والأمانة وأكثرهم ( متهم بها دون دليل ) على وجودها معه أ فيه سواء بالفطرة أو التربية وفي كل الانتخابات ويوم الاقتراع نكرر ذات الأخطاء ونختار نفس الوجوه البائسة والفاشلة لحاجة مادية أو غباء أو لتبعية قبلية عمياء ليعودوا من جديد على ظهورنا يبحثوا عن منافعهم ومصالحهم ومكاسبهم بالزاوج العرفي مع الحكومات وتقاسم الاعطيات مقابل المواقف والموافقات ويتركوا للمواطن فتات من قصاصات الخطابات البالية والاستعراضات الرخيصة وبرامج اللجان والتكتلات السقيمة وتقارير الاجتماعات العقيمة يلتحف بها في برد قارص او حر لاهب حتى الممات
الناس لدينا يفتقرون الى الثقافة الديمقراطية وانعدام الأمل بصدقية الدفع صوب تغيير سياسي تدريجي وحقيقي بعد التزوير الذي شاب انتخابات 2007 وبعض ما تلاها حيث أصبح لديهم شك مطلق في كل الانتخابات لكثرة التلاعب والتزوير والتدليس من قبل بعض المسوؤلين على الناس وتلبيس وتغليف آثامهم وخطاياهم ومؤامراتهم بأطهر وأقدس الشعارات كالنزاهة والشفافية والحيادية والوقوف على مسافة واحدة من الجميع لبناء الوطن ومحاربة الفاسدين والمتربصين والادعاء بحسن النيات وهم في الباطن ألد الخصام وأشد الأعداء للديمقراطية والوطن وأبنائه ونحن شعب تحكم حياتنا المنافع والمصالح والعصبيات
ففي كل أسبوع لدينا شجار عشائري مسلح وعنف جامعي دامي وقتل على أتفه الأسباب وتحرش وقلة حياء هنا وهناك بلا رحمة ولا رادع من دين أو خلق أفراحنا أضحت ساحات حرب للتباهي بإطلاق النار يسقط فيها الضحايا الأبرياء ( والدولة تسألنا من اين جاء الناس بكل هذا السلاح والعتاد ) ونحن نعلم جيدا من اين جاء وفي أيدي من يتكدس ونقول عجبا ( ربما تموت الأفاعي بسم العقارب )
معظم أحزابنا لا ثقة فيها ولا دور ولا وجود لها وهي كالشاة الجرباء بين القطيع الكل يهرب منها لانها مرصودة بعين الرقيب ومسيرتها محفوفة بالمخاطر الأمنية لا مؤسسية فيها وغير قادرة على جلب الناس والمنافسة وتحقيق أي من البرامج وجميعها تتشابه في الطرح والمبادئ والمقررات والشخصيات وهي ليست فاعلة ولا تساعد على نشر الممارسة الحزبية السليمة وأكثرها مشرذم ومفلس تنتظر صدقة وهبة وإحسان الحكومة وكثيرا ما يختصر معظمها بشخص واحد تدين له بالولاء والبقاء والتمويل والشهرة وبقية الأعضاء لا رأي لهم ولا تأثير وهم مجرد أجساد بشرية جامدة وهامدة تملأ كراسي الاجتماعات والندوات والاحتفالات بنقاشات أشبة بالبكاء والنحيب على إطلال الخمسينات
الكثير من وزارتنا وإداراتنا ومؤسساتنا العامة نخرها سرطان الفساد ( فرشنا له الارض مهادا وثبتناه باوتادا ) حتى وصل العظم وبكل أنواعه وأشكاله وتلاوينه وبعض وزاراتنا ودوائرنا أصبحت ملكا لأشخاص وعائلات يتوارثونها ملكا عضود يعيثون فيها خرابا وينقلون كل خيراتها وموجوداتها لمصالحهم ومحاسيبهم ويعرضون خدماتها في سوق المال والبورصات لمن يدفع أكثر وليس للوطن المسكين من حيلة ونقول له حزنا يا ايها الوطن الأعز ( ترثيك الحناجر وتبكيك المحاجر )
عندنا حالة إدمان موروثة في ممارسة صفات النفاق والرياء والكذب والتدليس وهز الذنب حيث لا ترانا السلطة الريعية من دونها مواطنين صالحين ولنا السبق في ذلك وكثير من المسؤولين عندنا يطربون لها ويجلون ويقربون من يمارسها ويعلون شأنه على حساب الوطن ومصالح المواطنين الخيريين الذين يعطون ويخدمون بصمت وإيثار وإباء وصدق ودن لبس للاقنعة
بلدياتنا في كل الوطن مفتقدة وباهتة وعاجزة عن تقديم الخدمات العامة بشكل جيد في أقلها ورؤسائها في العسل غارقون ومخدرون يالمياومات والكماليات من مكاتب وسيارات وشوارعنا محفرة ومطباتنا أصبحت عناوين لبيوتنا والقمامة جبال من حولنا تستقطب الأوبئة والإمراض لتغزونا من كل الجهات في زمن الأوبئة والكورنات
بعض غرفنا التجارية والصناعية لا تعرف هموم ومشاكل المنتسبين لها وهي مشغولة بالاحتفالات والمهرجانات والتبرعات والتعيينات وبناء المجد الشخصي لرؤسائها وأعضائها بأموال الاشتراكات ولا زلنا في عصر الذرة نقود سيارتنا بدون ذوق أو فن أو أخلاق ونتسابق نحو الموت وقتل الآخرين بلا حياء وجامعاتنا تخرج أفواج العاطلين وأنصاف المتعلمين وأشباه المثقفين الذين ينهلون من معين الفيس بوك والتويتر والواتس اب وتملأ خيالهم حسنوات الانستغرام ويتخاطبون بلغة مكسرة ومفردات غريبة ومفكفة حتى انك تحسبهم أعاجم او أجانب وافدين الينا من أقاصي البلاد
أولادنا السباقون في تدمير الممتلكات العامة والحدائق أن وجدت أصلا وتمزيق مقاعد الباصات وتكسير نوافذ المدارس و وكتابة اسواء العبارات على الأسوار والتلفظ بها وتحطيم إنارة الشوارع وتجارنا الأكثر جشعا واستغلالا للفقراء والاعتداء على الشوارع والأرصفة بلا خوف من قانون ولا حياء من خالق
نحن المواطنين " أهل الهمة أبناء كلنا الأردن " وشعب المئوية الاولى الذين يستأ سد علينا موظف بسيط من خلف الكاونتر أو الطاولة بكلام فج وتصرف سوقي متسلحا بوظيفته العامة ونحن ايضا أبناء اردن اهل الكرامة والكبرياء الذين يستوقف بعضنا رجل أمن بلباس مدني ويطلب هويتك فتقول له ابرز لي هويتك اولا فيدفع قبضته إلى صدرك بعنف ويقول لك ( بتفكر حالك في سويسرا ) ولا زلنا حتى اليوم نحاكم إمام قاضيين في ازدواجية فريدة واحد في وزارة العدل والأخر في الداخلية الأول المختص قانونا يطلق سراحك والثاني الحاكم الإداري يعيدك الى السجن
ونحن ربما الوحيدين في العالم الذين يسألهم القاضي في محكمة ما عن بلدك فتجيبه الأردن أو اربد أو الكرك أو السلط فيقول لك بغضب ( بلدك الأصل ) وأمريكيا العظمى شعبها من كل شتات الأرض ولا يسأل فيها المواطن عن أصله وفصله وتابعيته وقد حكمها رجل اسود من أصول افريقية وجد كل التقدير والتوقير والاحترام ونحن نتكبر ونغتر ونتفاخر عنجهية وعصبية ونميز بين بعضنا البعض باسم العشيرة والقبيلة والمحافظة والبلدة والقرية والناحية والقضاء والحي والحارة
عندنا تصرف المعونة الوطنية بالواسطة وللعاملين المحتالين وأحيانا كثيرة لغير مستحقيها من المحتاجين والفقراء والمعدمين والبؤساء يصطفون على أبواب المساجد ونواصي الشوارع وإمام بيوت المحسنين والشركات يصرخون ألما ( لله يا وطن صدقة لا نملك قوت يومنا وستر عوراتنا )
عندنا لا تجبى الديون العامة ( بالقانون والأمن والحبس ألا من البسطاء ) وهي ديون معدومة على المتنفذين وأبناء الذوات مهما بلغ بلغت الأرقام بعدما انقطع الرجاء بالسداد وهجروا الوطن للعيش على الجنسيات الاخرى وعندنا أيضا غالبية ( رؤساء الحكومات والوزراء والمسؤولين والمثقفين وبعض القوى السياسية والبرلمانية ) متهمون باقتراف المحاصصة وتقاسم " الكعكة "على أسس جهوية وفرعية بعدما أصبح الموقع العام يحقق دخلا ووجاهة وغابت عنه معايير الكفاءة والرقابة والمساءلة واستفادت منه فئات محدودة وقد دفع الثمن البلد والسواد الأعظم من العباد ( ديون بالمليارات )
عندنا البعض يخجل ويتوارى عن الأنظار وهو يحمل " العلم الأردني " في أي مسيرة أو مناسبة وطنية في حين يضع على صدره شارة أو وسام او شعار أو صورة على تي شيرت لجهة لا يعرفها أو يرتدي ملابس أجنبية كثرت عليها الخربشات والكلمات وربما بما يسئ لرجولته او أنوثتها دون ان يكلف نفسه في ترجمة العبارات
ونحن لا غيرنا أباء او إخوان او أزواج مجاميع النساء اللواتي يخرجن الى الاسواق كشافات السيقان والصدور ثم الظهور وأخيرا السرة بعد لبس كل ما ضاق وشف وكسم وجسم بلا خجل ولا ورع
عندنا نحتاج إلى شرطي مرور عند كل إشارة وسيارة ومحطة وقود ومخبز وفي وزاراتنا ومؤسساتنا يكون قرار الإحالة على الاستيداع وسيلة للانتقام وإقصاء القيادات المنافسة والمؤهلة وفي مجالسنا البرلمانية يتخلف النواب عن الجلسات لإفشال النصاب وإسقاط قوانين تهم حياة الناس وعندنا فقط يقايضون النواب الثقة بالحكومة بالمكاسب والتعيينات وحت قبل نهاية المناقشات وربما نحن الوحيدين مرة أخرى بين كافة الشعوب الذين لا نبني لبنة فوق ما سبق وكل مسؤول يأتي يعيد الخطط ويهدم أساس البناء ويهدر ويبذر أموال الشعب وهكذا نعيش في حلقة مفرعة في وطن يتجاذب خيراته اللصوص والمنتفعين ويحمي أرضه الفقراء والشرفاء فإلى متى ؟
وفينا وبيننا لا يزال الرعاع منا يعتدون على الأطباء والممرضات وطواقم الإسعاف ويحملونهم مسؤولية الموت والحياة ويتنمر طلابنا على معلميهم واقرأنهم ولا نفرح الا بإطلاق الرصاص وإزهاق الأرواح ولا زال بعض المسؤولين عندنا تضيق صدورهم بكلمة الحق فيهددون المعتصمين والمعترضين والمحتجين بسبل حياتهم ومستقبلهم واقالتهم واستيداعهم ويطلقون عليهم ( هروات رجال الأمن والدرك ) بلا رحمة وفي محاكمنا او عند الادعاء العام يوقف بعضنا في السجن شهور طويلة ظلما على قضية كيدية أو تهمة باطلة ثم يخرجون بحكم براءة فمن يتحمل المسؤولية القانونية والادبية عن تعويضهم أو من يعيد لهم الكرامة والاعتبار
في طرقنا الداخلية والخارجية وعلى مسافات محدودة ومتقاربة توقفك عدة دوريات للشرطة بمختلف تخصصاتهم لتدقيق الهويات دون مراعاة لإعمال وأوقات المواطنين حتى أصبحنا بحاجة الى ( تأشيرة أو فيزا أو إذن عبور للتنقل بين الأحياء والقرى والمدن والمحافظات ) رغم المطالبات المتكررة بضرورة تنفيذ قضايا المطلوبين بغير أسلوب الكمائن والدوريات والترويع والمداهمات وقد كان لدينا انجاز مشروع القطار حلم وطني كبير وهو أهم لدينا من صفقة الباص السريع لكنهم لغايات في نفوسهم بدلوه بالأصعب والأكثر كلفة وعناء وربما نحن الوحيدون بين الدول الذين نمتلك أكثر من 75 هيئة مستقلة تكلف الخزينة نحو 2 مليار دينار سنويا وهي غير فاعلة وليس لها جدوى وعدد الموظفين فيها نحو 23 الف موظف ورواتب العاملين فيها فلكية بمبالغ طائلة وضمن عقود مبرمة والمتسلمين زمام الأمور فيها هم مسؤولين سابقين لهم عدة رواتب ومعظمها أنشأت تنفيعا واسترضاءا لشخصيات نافذة حتى أصبحنا مجتمع يتحرك بلا أفق ويقوم على الهويات الفرعية والولاءات الضيقة
لدينا الحكومة تتاجر بالمشتقات النفطية والطاقة وبعد مرور عامين على فرض فرق أسعار الوقود على فاتورة الكهرباء ( موقوفة الان لغاية في نفس يعقوب ) جنت الدولة إرباح تتعدى 350 مليون دينار من هذا البند فقط وكل لتر بنزين تفرض عليه 40 قرش ضريبة والنخب السياسية عندنا تصحرت ومجالسنا النيابية بذات المسار والأسلوب والفشل وان تغيرت الوجوه والحكومات المتعاقبة لدينا طوال 18 عام تكرر عجزها عن تحقيق أهدافها ومعظم استراتيجياتها المعلنة ولم تعزز بخطط تنفيذية وجداول زمنية أو مخصّصات مالية لتطبيقها ما أدى الى اتساع فجوة الثقة بينها وبين المواطنين حتى وصلت حد القطيعة والكل يقول ( نسبهم ولا نحبهم )
الطغاة البغاة باعوا كل مقدرات الوطن بابخس الأسعار ولم تبقى لنا شركة اسمها الفوسفات ولا البوتاس ولا الاسمنت ولا ميناء العقبة ولا أراضي العبدلي ولا شركة الكهرباء الوطنية ولا الاتصالات ولا طيران الملكية ولا المطار ولا أراضي الديسي وغيرها وديون صندوق النقد الدولي اكثر من 30 مليار وديون الدول الأجنبية 11 مليار ونسبة البطالة 20% ولدينا نصف مليون عازبة أعمارهن فوق 25 ونسجل 72 حالة طلاق يوميا حسب إحصاءات 2018 ويوجد 250 ألف مطلوب للتنفيذ القضائي على قضايا مالية والأردن في الترتيب 122 من أصل 124 دولة حسب دخل مستوى الفرد وعمان في المركز الأول بين العواصم العربية في غلاء المعيشة وفي المركز 28 عالميا وجمارك المركبات عندنا 300 % تأخذ الحكومة أكثر من الدولة المصنعة للسيارات وجميع الطرق الرئيسة أنشأت بمنح من الدول الخليجية والمستشفيات والمراكز الصحية منح من الدول الأوربية والمدارس والجامعات منح من امريكا ومنظمة USAID
لقد شارفنا على ان نصبح دولة مفلسة وفاشلة بسبب الفقر والفساد وسوء الإدارة ولا زلنا نصرخ جهلا وبكل صفاقة ( نحن في المقدمة عربيا ودوليا ) والأوائل في كثير من المزايا والاختصاصات وهنالك أكثر من مليار من الصينيين نصفهم نحن ( بالكفار ) استطاعوا بأمانتهم وصدقهم وضميرهم ومواطنتهم تحقيق اكبر معدل للتنمية شهدته البشرية في تاريخها وتمكنوا من غزو معظم بيوت العالم بصناعاتهم الحديثة ومنتجاتهم المنزلية حتى امريكا نفسها باتت منهم في خوف وعناء وفي الهند السواد الأعظم من سكانها يعبدون ( البقرة ) مع ذلك فهم يتربعون على عرش صناعة برامج الكومبيوتر ومستلزماته في العالم لأنهم عملوا معا من اجل عزة أجيالهم ومنعة بلادهم لا من اجل ثراء وتكسب أفراد وعائلات وعشائر بعينها على حساب الوطن وأبنائه الفقراء
ونحن كلما سألنا عن الابتكارات والاختراعات والصناعات المتنوعة يخرج علينا بعض الدعاة ليطمئننا بقوله ( ما خلقنا لهذا ) وكاننا وجدنا لنجلس فوق الكواكب والبشرية تتسابق على خدمتنا
أبعد كل هذا هل يمكن ان نتقدم ( نعم ) إذا جئنا بمسوؤلين من تلك الدول الحية لديهم الضمير والأمانة ومحبة الوطن يتولون أمورنا ويديرون وزاراتنا ومؤسساتنا ويخططون لمستقبلنا وربما لا يقدرون وقد نعجزهم بما تربينا واعتدنا عليه من أخطاء وعنجهية ع ألفاضي وع المليان
mahdimubarak@gmail.com